الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مع الخطاب الجماهيري لحزب النور.. توازن الكلمة.. وفاعلية المسار

قراءة سريعة في تجربة حزب النور للإفادة من جديدهم

مع الخطاب الجماهيري لحزب النور.. توازن الكلمة.. وفاعلية المسار
آدم الجماعي
الأحد ١٨ أكتوبر ٢٠١٥ - ١٠:٣٢ ص
1228

مع الخطاب الجماهيري لحزب النور

توازن الكلمة.. وفاعلية المسار

كتبه/ آدم الجماعي

الكلمة، والمقال، والمنشور، والشعار... في أكثر من 60 فعالية جماهيرية يحييها حزب النور.. ما فتأت تحمل خطاب الوعي بوضوح، وتُقدم برامج الحزب بطموح، وتحفظ توازن الكلمة وفاعليتها في المسار الآمن والناجح.

 

ومما يمتاز به روَّاد الخطاب الجماهيري للحزب بأقلامه ومتحدثيه بأنهم متعددو المستويات - عليا، ووسطى- يوجهون الخطاب إلى جماهيرهم بتحديث مستمر ومتوازٍ مع الأحداث، ومهارات سياسية وإعلامية ممتازة..

 

وبدا لي أن خطاب النور يضخ باستمرار على ثلاثة محاور:

1- الخطاب الشرعي لفقه الواجب الديني:

غالباً ما ينطلق خطاب الحزب من النظر الشرعي للأحداث، ويكثف في خطابه الشواهد والأدبيات الشرعية.

 

ولم يفتأ الدعاة السلفيون أن يحذروا من الاقتتال، ويؤكدوا على عصمة النفوس، ويدعون إلى حماية الاعتقاد الفطري الصحيح، وحفظ الأمن، والتحذير من إحياء النعرات الجاهلية، ومخاطر الظلم.. وهي منظومة شرعية متكاملة تتوفر بكثافة في خطاب الحزب، وهذا ما يحفظ توازنه في الميدان، ويساعد على ضبط العاطفة السياسية للشباب.

 

لعل حزب النور يدرك جيداً أن غياب الخطاب الشرعي كانت له تجارب سلبية في تاريخ مصر القريب. وهو ما عزز من توالي بيانات الدعوة السلفية مع كل الأحداث بمواقف شرعية منضبطة.

 

2- الخطاب السياسي لمراعاة المصلحة:

بعد ثورة يناير اقترب السلفيون كثيراً من الهرم السياسي، وبدأ الحديث في الشأن السياسي يأخذ مساحته، واتصل حزب النور بوسائل الثقافة السياسية..

 

يلمس المتابع أن الخطاب السياسي للحزب أضفى على الإعلام المصري لوناً حديثاً من الجدل والحديث السياسي في كثير من القضايا الحساسة لدى اليساريين والعلمانيين، وفاجأهم بذهنية سياسية سلفية تتمتع بالصلابة والمرونة في آن واحد.. في مواقفه وآرائه حول: تحكيم الشريعة، ونظام الديمقراطية، والمرأة، والأقباط، والدستور...وغيرها.

ومن خلالها أطلَّ السلفيون على الثقافة السياسية، وشاركوا فيها بخطابٍ اجتهادي متعدد ومتنوع.

 

وتطور الخطاب السياسي لدى السلفيين إلى التنظير في النظم السياسية لتحديثها، وتحليل مجريات الأحداث، وتقييم أطرافها، ومدى حاجة وجود السلفيين في تحريك الفعل السياسي.

 

من أهم قواعد النظر السياسي التي يحافظ عليها حزب النور في خطابه هي قاعدة «تقدير المصالح والمفاسد»، ومن خلالها يقدمون رأيهم مع الأحداث السياسية، ويرجحون الموقف الملائم فيها.

 

وهذا هو التحدي السياسي الذي يواجه الحزب أمام شبابه، والذي يحتاج لرقابة مكثفة في الخطاب الموجه إليهم، ويراقب فتيل الحماس الشبابي حتى لا يشتعل مع الضغط المستمر على كوامن العاطفة، لأن أخطاء الخطاب العاطفي في تجارب الإسلاميين مع الجماهيرية كانت تختطف الشباب إلى حالة المواجهة والصدام في أقرب منحدر سياسي.

 

فالخطاب السياسي حساس، وإغراءاته الجماهيرية تلهب المشاعر.. لكنه يتوازن مع وجود الخطاب الشرعي رفيقاً له في كل الميادين.

 

3- الخطاب الوطني لضمان الحقوق والتعايش:

المنطق الوطني بدأ مسموعاً ومقروءاً في الخطاب السلفي بعد أحداث 11 سبتمبر، وزاد الحديث حوله في قضايا وطنية كثيرة، وغالباً ما يعترض السلفيون انتهاج سبيل القتال في مناهج التغيير، ويحافظون على هيبة بقاء الدولة الوطنية كمبدأ وطني، ويقفون مع الحقوق المشروعة للأقباط والمسيحيين والفئات الوطنية، ويغلبون مصلحة التعايش والحوار والتصالح بين فرقاء الوطن والسياسة.

 

في ملامح برنامج حزب النور يتجسد الدور الوطني للحزب بطموحات مشروعه السياسي، وخطابه العام الذي لم يغب فيه مبدأ الوطنية كقاعدة مشتركة تقوم عليها جُل المصالح العامة، ويعترض الحزب على كل ما يهدد الخيارات الوطنية - كالأمن، والحياة، والعمل، والحرية، والشراكة، والانتماء -.

 

وساهم في فعاليات كثيرة ضد مناهج العنف والتكفير، وشارك في مبادرات وطنية متعددة.

 

 ولعل أشهر صورة وطنية ظهر بها حزب النور هي «خارطة الطريق» - المحك السياسي الساخن-  والتي كانت واقعاً مفروضاً عليهم بفعل الأزمة السياسية بين أطرافها، وخياراً ضرورياً ذاتياً للحزب عندما وجد نفسه أمام مكتسب سياسي لا بد أن يحافظ عليه ضمن وعاء الوطن مع اهتزاز عرشه السياسي لظروفٍ خارجة عن مسؤوليته، ولأنها مسؤولية غيره.

 

هذه قراءة سريعة في تجربة حزب النور للإفادة من جديدهم، وسيبق الخطاب الإسلامي السياسي أمام تجارب تستحق التقييم، وحاجات ملحة تفتقر لإنضاجها، وإشكاليات تخضع للمراجعة، وأزمات ينبغي الانعتاق من قيودها.. وسيظل الاجتهاد مع الفعل السياسي المستمر رائداً في معالجة الخطاب من خلفياته وأفكاره العقيمة، وتطويره من حيث الواقعية والتجديد المستمر.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة