الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

جواب في الإيمان ونواقضه -7

ما تقدم من أنواع الردة منه ما لا يحتمل العذر... ومنه ما يحتمل العذر بالجهل أو التأويل مثل...

جواب في الإيمان ونواقضه -7
عبد المنعم الشحات
الاثنين ٢٦ أكتوبر ٢٠١٥ - ١٤:١٥ م
2048

جواب في الإيمان ونواقضه (7)

عبد المنعم الشحات

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا

إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له

وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

أما بعد ،،،

ما زلنا في الكلام على ما يخرج به المسلم من الإسلام :

قال الشيخ البراك حفظه الله : تجمعه ثلاثة أمور :

الأول ما يضاد الإقرار بالشهادتين : وقد انتهينا منه بفضل الله

والثاني ما يناقد حقيقة الشهادتين ثم عاد وقسمه إلى ثلاثة أقسام :

     ما يناقد حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله

     ما يناقد حقيقة شهادة أن محمد رسول الله

     وما يناقد حقيقة الشهادتين معاص

وهذا قد انتهينا منه أيضاً بفضل الله تبارك وتعالى .

بقي تنبيهات ذكرها في نهاية الكلام على هذا النوع

قال : تنبيه : ينبغي أن يعلم أولاً: أن ما تقدم من أنواع الردة منه ما لا يحتمل العذر كجحد وجود الله وتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا يكفر به المعين بكل حال

ومنه ما يحتمل العذر بالجهل أو التأويل مثل : جحد شيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الأخبار والشرائع وهذا لا يكفر به المعين إلا بعد إقامة الحجة عليه .

ثانياً أن من أظهر شيئاً مما تقدم من أنواع الردة جاداً أو هازلاً أو مداهناً أو معانداً في خصومة أي غير مكره كفر بذلك ، لقوله تعالى  { من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم } [النحل/106] ومن ذلك إظهار السجود إلى الصنم مجاملة للمشركين وطلباً للمنزلة لديهم والنيل من دنياهم مع دعوى أنه يقصد بذلك السجود لله ولا يقص السجود للصنم فإنه بذلك مظهر للكفر من غير إكراه ، فلا يدخل في عموم قوله تعالى  { من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم } [النحل/106]

في الواقع هذين التنبيهين أجمل الشيخ فيهم حفظ الله قضية عوارض الأهلية وقضية موانع التكفير ولاسيما منها ما يتعلق بالجهل والتأويل وسوف نعلق عليها تعليق سريع على أن نعد الكلام عليها بعد الكلام على القسم الثالث أن الكلام متداخل إلى حد ما ، فهذه القضية تحتاج إلى نوع من التفصيل ، وكذلك أيضاً قضية تارك عمل الجوارح بالكلية ، وتعرض  لها في القسم الثالث فنعلق عليها في ثنايا كلامه ثم نعود فنعلق عليها مرة ثانية .

بالنسبة لهذه القضية فهنا هذه التنبيهين في غاية الأهمية والتنبيه الثاني وضح الأول ، بمعنى أننا لو وضعنا قاعدة كلية  في باب التكفير نجد أنها في قوله تعالى { من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً } فإذن كل من حكم الشرع بكفره يحكم بكفره لأنه شرح بالكفر صدراً ، وهذا الكلام في غاية الخطورة لأن البعض ممن يفهم خطأ ، فالجهمية جعلوا الإيمان هو التصديق والكفر هو التكذيب ، فلما نأتي ونقول أن  الله تبارك وتعالى حكم بكفر من شرح بالكفر صدراً ، يقولون أن هذا قول الجهمية هم الذي جعلوا الكفر هو التكذيب ، فمن كفر بالكفر صدراً هو من يفقد قول القلب أو عمله ولا يفقد قول القلب فقد ، يعني ليس التكذيب ولكن انخرام الباطن بصورة عامة ، فهذا هو الكفر .

وهناك أشياء نص الشرع عليها أنها كفر فنجزم أن هذه معها انخرام للباطن وفي هذه الحالة لا نسأله دليل تفصيلي ، فالشرع كفر المستهزء فلا يصح أن نضع احتمال أن يكون هناك مستهزء لم يشرح بالكفر صدراً ، وبذلك تتفق نصوص الشرع مع بعضها البعض بأن المستهزء كافر وهو شارح بالكفر صدراً ،فإذا قال قائل لو أنه استهزء ولم يشرح بالكفر صدراً نقول أن هذا الاحتمال لم يحصل ، وهذا نفس الكلام الذي قاله ابن تيمية وجاء النقل عنه بأنه من يمتنع أن يقر بالشهادتين ولكن في قلبه تصديق وإقرار وانقياد نقول أنه لن يحدث هذا أصلاً والسؤال خطأ ، مثلها أن يستهزء ولكن لم يشرح بالكفر صدراً نقول له أتقصد بالكفر التكذيب ؟ فهو ممكن يستهزء وهو لم يكذب ولكنه غير معظم ، أتقول أنه استهزء وهو غير مكذب وهو عنده تعظيم ، فقلنا أن هذه واردة لو  أنه لا يدري ما يقول ، أما أن يكون واحد يستهزء من باب المزاح !! ، فهذه مسألة في غاية الأهمية بأن نفرق بين الأمرين بهل قصد الفعل أم لا ؟ والأمر الآخر ما هو مراده من وراء الفعل ؟ ، فالذي يسب ويستهزء كما يقال في النكات أو غير ذلك أو الواقعة التي نزلت فهيا الآيات فهم قالوا " ما رأينا مثل قراءنا هؤلاء أكثرنا بطوناً واجبننا عند اللقاء " فهنا قصد إلى الكلام بأن قاله ولا إكراه عليه ولم يكن نائماً ولم يخطأوا من شدة الفرح ، بل هذا قصد إلى الكلام ولا يوجد أي شيء ينافي إرادته ، ولكن هل هو هنا يريد أن يعلن الردة عن الإسلام ويسخر فهذا يحدث ، مثل واحد يريد أن يقول أنه كافر فيعبر عن كفره السخرية وهذا كافر باتفاق العقلاء وليس فقط باتفاق أهل السنة والأشاعرة وكل عاقل ، ولكننا نقول أن واحد استهزء وقصد إلى الفعل فهو يعلم الكلام ويفهمه ويعرفه وله إرادة ولم تكن الإرادة مسلوبة ولا يسيطير عليها أحد وتكلم بالكلام الذي يعرف أنه استهزاء ، ولكن هل قصد به الكفر ؟ يقولون أنه لم يقصد به الكفر بل نحن لا ننظر في الكفر وننظر في الفعل ، نقول هذا الفعل بمجرده يدل على انتفاء التعظيم وانتفاء التعظيم يساوي انتفاء الإيمان ، فلو فعل ذلك من أجل أن يضحك الناس فهو سخر من أحكام الله عامداً ولم يكن يقصد الكفر ولكن قصد السخرية عامداً وله إراده ولم يكن مغلوب على إرادته فهذا يكون كفر ، فلو فعل هذا مجاملة أو مداهنة ؟ كل هذا لا ينافي أنه قصد إلى الفعل الذي لا يكون إلا مع انتفاء التعظيم ، وانتفاء التعظيم انتفاء للإيمان .

الحالة الوحيدة أو الحالة التي تكون بنفس الفعل ولم يكن عن شرح الصدر بالكفر وهي في حالة الإكراه أو في حالة أنه يجعل معنى ما يقول . فمعنى ذلك أن الإكراه إذا انضم الفعل بصورته الطبيعية من العامد العالم كامل الإرادة لا يخرج إلا عن فساد وانخرام الإيمان في الباطن ، فنقول أن هذا الفعل كفر بدون تفصيل ، ونفصل عندما يكون محتمل بأن ترك شيء من الفرائض فوارد أن يكون تكاسلاً ووارد يكون جحود أو فعل شيء من المحرمات فوارد أن تغلبه شهوته ووارد أن يكون جحود أو استحلال ، لكن الاستهزاء لم يكن فيه تفصيل ولم نسأل في ذلك . ولكن عن التعليل والفهم حتى نفهم قضية العذر بالجهل ونفهم قضية الرجل الذي قال اللهم أنت عبدي وأنا ربك .. إلى آخر هذا الكلام ، نقول هو في هذه الحالات لم يشرح بالكفر صدراً ، أما في الظروف الطبيعية فهذا الفعل يساوي أنه شرح بالكفر صدراً تلقائياً ، لأن الكفر ليس هو التكذيب بل الكفر يكون بالتكذيب أو بالإباء والاستكبار أو بانخرام عمل القلب . فهذه هي القضية ، فالذي يفعل هذه الأشياء هزلاً أو مداهنة فكل ذلك يكون كفر والعياذ بالله .

ويدخل في ذلك إظهار الكفر مجاملة للمشركين ، بأنه قال لا إله إلا الله محمد رسول الله وهو يعرف أن لا إله إلا الله بأن لا يعبد إلا الله ، وممكن واحد يجامل في معصية فهي معصية لأنه فعل المعصية مجاملة ، وكونه لم يريد فعل المعصية ففعلها مجاملة لم تنفعه ، مثلاً هو لا يريد شرب الخمر أو الدخان في زماننا ولكنه في صحبة سوء فشرب فإحراجه منه ومجاملته لهم غير ذات أثر ، بل تبقى المعصية معصية . أيضاً من أقدم على الكفر مجاملة نقول أن المجاملة ليست بذات أثر ، فالكفر هو الكفر ، وكونك تعرف أن لا إله إلا الله وتعرف أن هذه عبادة وتقول أجامل فأنت بهذا تجرأت وأقدمت على نقض حقيقة الشهادتين عامداً وكلمة عامداً لا تساوي أنه له من وراء ذلك أهداف أو مبررات ، بل عامداً بمعنى أن إرادته كاملة وهو عامد عالماً وأقدم على نقض حقيقة الشهادتين ، فإظهار شيء من ذلك بدون إكراه يكون كفر ، بل معظم الكفار ومعظم رؤاسئهم ممكن يكون في باطنه معتقد صدق الإسلام لا ينفعه ذلك ،

هنا الشق الثاني للسؤال :

يقول الشيخ البراك : وهل سوء التربية عذر في كفر من سب الله ورسوله ؟

يقول : الجواب أن سب الله ورسوله من نواقض الإسلام البينة لأنه استهانة بالله ورسوله وذلك يناقض ما تقتضيه الشهادتين من تعظيم لله ورسوله وسوء التربية ليس عذراً في ترك الواجب ولا فعل محرم من سائر المحرمات فضلاً عما هو من أنواع الكفر بالله . ومن سب الله أو سب رسوله الله صلى الله عليه وسلم ننظر هل هو يفهم معنى كلامه الذي قاله ؟ وهل كان عليه إكراه ؟ فإذن هذا الكلام لا يخرج إلا نتيجه لأن قلبه ليس فيه تعظيم . لماذا لم يكن  فيه تعظيم ؟ لم يربه أحد على تعظيم الله ، فهذه قضية أخرى ، هو هنا مكلف وما دام أنه مكلف لا نتمكلم عن سوء التربية ، عندما نكلم المربيين نقول أنك عندك أمانة من أبناءك وأبناء غيرك . فالله عز وجل جعل أن من بلغ عاقلاً وبلغته الحجة أن هذا حجة كاملة كافية وإن لم يربى منذ نعوعمة أظافره على خلاف ذلك ، وإلا فالأنبياء يخاطبون المكلفين الذين يقولون إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ، فنبي يدعوا المكلف الذي تربى على الكفر ويدعوه للإسلام ويعتبر رفضه للإسلام كفر بلا شك ، فكون إنسان يخرج مسلم ثم يساء تربيته ويقع في الكفر فليس بأحسن حالاً من الكافر الأصلي ، بمعنى أن الشرع أقام على العباد حجة الفطرة ، ومن رحمة الله على العباد أنه لم يعتبرها حجة كاملة إلا بعد بلوغ دعوة الرسل وأن تصادف دعوة الرسل الإسلام بالغاً عاقلاً ، فهذه مبالغة في العذر ، فهو في فطرته حب الله عز وجل وتعظيم الله وافتقاره إلى الله والمتعزلة يعتبرون هذه حجة كافية يحاسب العباد عليها يوم القيامة ، والصحيح أنها ليست كذلك ، بمعنى أن الذي لم تأته دعوة الرسل أو أتت إليه وهو مجنون أو مات صغيراً قبل أن تبلغه دعوة الرسل وإن مات صغيراً دون البلوغ حتى ولو بلغته وهو صغير ، فكل هؤلاء لا يحاسبون فالذي كان كافراً منهم لابد أن يمتحن يوم القيامة مرة ثانية .

فالمعتزلة يعتبرون الفطرة حجة كافية , الراجح أنه من رحمة الله تبارك وتعالى ومن عظيم فضله أنه لم يعتبرها حجة كافية ، بل أضاف إليها بلوغ دعوة الرسل وأن تصادف هذه الدعوة الإنسان بالغاً عاقلاً وهنا يكون مكلفاً ، فكونه نشأ مسلم في بيئة سيئة وعودوه على شيء هو كفر ورده ، ولكن العبرة هنا هل هو الآن بالغ عاقل أم لا ؟ هل يسمع آيات الله تتلى عليه وهو يعلم ، ولذلك معظمهم والعياذ بالله يقول هذا وكأن هذا غاية ما عنده من أدب لله عز وجل ، فبعد أن يسب ويلعن يقول " كفرتونا " فهذا هو اعتذاره ، ولو تكرر الموقف في اليوم عشر مرات يسب ويلعن ولا يلوم نفسه بل يلوم الطرف الآخر ، فكلما يتضايق أو يساومه أحد على قروش قليلة أو كلما يتشاجر معه على مباراة كرة يسب دين الله تبارك وتعالى والطرف الآخر هو المخطئ لأنه هو الذي جعله يسب .

المهم أن من كان كذلك فهذا بلا شك كفر .

فهنا سوء التربية ليست عذراً  ، وعدم إرادة هذا الساب للكفر ليس عذر .

الوارد يكون عذر في الحالات التي مثل هذه رغم أنه يحتاج إلى تأديب شديد وزجر أنه يكون يصل به الغضب لحالة من فقدان العقل أو قريب منه . ففعلاً ممكن يصل لحالة يكون فيه مثل المجنون فعلاً ، بمعنى أنه عند فواقه تقول له أنت سببت دين الله يقول لم يحدث  أو طلقت امرأتك يقول لم يحدث ، فهذه حالة متفق عليها أنه لا يحاسب عليها .

وهناك حالة الغضب الشديد جداً وهو أنه يبقى معه قدر يسير جداً من الإدراك بمعنى أنه يظل فاكر ماذا قال ولكن يقول أنا لم أكن داري بنفسي وكأن إنسان آخر ينطق على لساني ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا طلاق في إغلاق ) وقاسوا عليها باقي الأمور في أنه هل الإغلاف هو ما يوافق درجة السكر البين ، بمعنى أنه يكون فعلاً غاب عقله تماماً أم هو الغضب الشديد جداً بحيث لا يتحكم الإنسان فيما يقول . هذا أقصى ما يمكن تصور طرحه هنا . وفي هذه الحالة فعلاً أن هذا الرجل لم يشرح بالكفر صدراً لأن لسانه انفصل عن قلبه ، بينما من تعارك على مال أو أي شيء وأراد أن يغيظه فيسب له دينه ، فإرادته قائمة وإقدامه على هذا الفعل يدل دلاله قاطعة على انعدام التعظيم منه عنده ،

كمثلاً من باب التقريب وهو من نفس الباب تماماً  :

أنه عندما يؤذي إنسان في مشاجره يسب أباه وأمه وهو لا يعرف أباه ولا أمه وربما يكون يعرفهم ويعظمهم في أحوال الرضا لكن هذا التعظيم لا يثبت بل هو تعظيم ضعيف ، فعندما يأتي رجل يسب رجل بأبيه فلما يسمع الأب يقول وما ذنبي ؟ فلو قال الساب أنا أأذي هذا وليس لي دخل بك لا يقبل عذره هنا ، وشرعاً لو قذف أمه لإغاظته يحد القذف وحتى في القوانين الوضعية هذا قذف ، وعرفاً يقول له لماذا تسبني لأنه يعتبر أن هذا سب له . فالذي سب أبا الرجل وأمه من أجل أن يؤذيه كأن يصف أمه مثلاً بهذه الأوصاف الفاحشة وهو لا يعتقد ما يقول ،وهو ليس عذر .فلا يقول أني أعرف أنه كذب ولا يريد إيذائها هي ، ولكنه يعرف معنى الكلام وإقدامه عليه يدل على أنها لا حرمة لها عنده ، فهو لا  غرض له في سبها ولكنه يرى أنه لا بأس أن يجعلها مطية لإيذاء ابنها ، فالناس تقول أنه لا يحترمها ولو عنده احترام لها لا يجعلها وسيلة لإيذاء ابنها ، حتى الناس التي تستسيغ الشتيمة نقول له بل أنت تعرف من أمه .

فالقضية أنه جعل سب الوالدين وسيلة لإيذاء الابن وهو بالفعل سباً للوالدين عامداً عالماً ، ونسطنبت من هذا أن ليس عنده التعظيم الواجب والاحترام الواجب لهذين الوالدين وإلا لمنعه ذلك من استخدامها وسيلة لإيذاء ابنهما .

نحن نعرف أنه لا يريد إيذائهما ابتداءاً ولكنه آذاهما فعلاً ، وتعمد إيذائهما لأنه يريد أن يؤذي الابن من جراء ذلك الإيذاء .

فالذي يسب دين الله تبارك وتعالى إيذاءاً لمن يسبه . دعنا من ذلك ولنا في النهاية أنه سب دين الله عامداً عالماً قاصداً إلى السب وإن لم يكن قاصداً إلى الكفر ولكنه قاصداً إلى السب فيحصل من ذلك أن هذا يكون كفر والعياذ بالله .

يقول : إن سب الله ورسوله من نواقض الإسلام البينة لأنه استهانة بالله ورسوله وذلك يناقض مد قضية الشهادتين لتعظيم الله رسوله والتربية ليست عذراً للمكلف في ترك الواجب ولا فعل المحرم من سائر المحرمات فضلاً عما هو من أنواع الكفر بالله .

ولو صح أن سوء التربية عذر في شيء من ذلك لكان أولاد اليهود والنصارى وغيرهم معذورين في تهودهم وتنصرهم ، وهذا لا يقوله مسلم ، ومن قال ذلك فهو كافر ، يعرف فيستتاب وإن تاب وإلا وجب قتله مرتداً .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة أنه كان يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو مجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء فهل تحسون فيها من جدعاء ) ثم يقول أبو هريرة فاقرأوا إن شئتم { فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله } ، وقال تعالى  { بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون } [الزخرف/22] هذا وأسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه وأن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا ويكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ويجعلنا من الراشدين إنه تعالى سميع الدعاء وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

لا زال متعلق بقضية سؤال هل سيء التربية يعذر في قضية السب أم لا ؟ وبيان الفرق بينه وبين مسألة العذر في الجهل أو التأويل ؟ ، لأن هنا يوجد إرادة كاملة تامة للفعل وهذا الفعل من الأفعال التي لا تصدر إلا من انتفاء التعظيم حتى ولو كان يجهل حكمها .

مثال :

حتى نرى فرق الجهل من عدمه :

لو أن واحد استهزء بقول من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم فهنا وارد ألا يكون يعلم أنه من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو لا يستهزء بشخصه ، وهنا بالتالي يتصور هنا أنه يظن أن هذا كلام إنسان عادي فيتعامل معه بناءاً على ذلك ، أو حتى يكون وصله أنه حديث فيقول أنه من المكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ،وممكن يكون غير مكذوب بل هو الذي يجهله ، فهنا جريمته عدم العلم وعدم الفهم وعدم التعلم والتفاهم وليس جريمته الكفر .

لذلك ذكر هنا مما يحتمل العذر جحد شيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الأخبار والشرائع ، وهذا مع الإجماع على أنه من سمع الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم بأذنه ثم جحده يكفر إجماعاً ، وإلا فلماذا قلنا أن الذي يجحد أخباره يدعي عدم الثبوت ، وقلنا أن كل الأحكام تجري على الظاهر ، بمعنى أنه لو بلغ إنسان خبر للنبي صلى الله عليه وسلم فوقع في نفسه صدق المخبر وأن هذا بالفعل من قول النبي صلى الله عليه وسلم ثم وقع في نفسه تكذيب ذلك الخبر ثم لما جاء يعلن عن هذا التكذيب تحاشى أنه ينسب تكذيبه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إنه يكذب الواسطة وأن هذا الخبر مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ، هذا عند الله كافر ونحن لنا الظاهر ، والظاهر أن هذا الرجل جهل علم الحديث ، وجهل علم الحديث يكون جريمته أنه تكلم بغير علم وأنه لم يتعلم ما يجب ... إلى غير ذلك ، أما كونه يستهزء بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو يستهزء بذات الله عز وجل أو بغير ذلك أو يستهزء بشيء من الشرع ثبت لديه أنه من الشرع فكل هذا لا يحتمل إلا أن يكون ناجماً عن زوال التعظيم من القلب .

قضية سب الله تبارك وتعالى أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم من المسائل المجمع عليها بين أهل العلم بأن من سب الله تعالى أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم كفر ،

لكن قضية سب الدين :

أيضاً هناك شق مجمع عليه : وهو أن من سب دين الله فقد كفر ، وأما من سب دين شخص ويكون هذا الشخص مسلماً فالبعض اعتبر أن هاهنا تفصيل ، وأن دين الشخص قد يراد به ملته التي هو عليها وقد يراد به خُلقه .

أنتبه : عندما نقول فرق بين أنه اتخذ الدين واسطه لإغاظته ، وبين أن نقول أن كلمة دين فعلاً معناها خلق .

وبعض العلماء قال إذا سب دين شخص سئل هل يعني به الملة التي يدين بها أم يعني به سلوكه وأخلاقه وإلتزامه فإن عنى الملة كفر وإن عنى الخلق لم يكفر مع لزوم تعزير وتأديبه وزجره حتى لا يركن بهذه الكلمة الفاحشة التي يفهم منها سب دين الله تبارك وتعالى .

وبعض أهل العلم يرى أن هذا التفصيل قد اعتذر عن الذي يسبون دين الله بعذر لا يدور في خلدهم أصلاً ، بمعنى أنت ستأسأله عن التفصيل فتلقنه شيء تراجع بها أم أن فعلاً هذا التفصيل واقع وهناك عندما يسب تعني الملة وناس أخرى تعني الخلق ؟ الظاهر وإن على الأقل في زماننا ومع شيوع العامية لا يكاد يفهم الناس من كلمة الدين إلا الملة ، وعلى أيّ العلماء الذين يقولون بالتفصيل أكيد يقولون مع وجود احتمال ، فإن انتفى الاحتمال لم نحتاج إلى سؤال ، وإن كان الناس لا تفهم من هذه الكلمة إلا معنى واحد لم يحتاج الأمر معها إلى سؤال .

ـــ لو قال ديك بدلاً من دين مثلاً : يعذر ويؤدب لأن : أولاً السب فحش ، ثم أن السب بهذا اللفظ الذي يشترك مع اسم الدين إشاعة للسب بالدين ، وإن كان هو عنده قليل من الورع فغيره لا يكون عنده هذا الورع ، فبلا شك أن هذا يحتاج إلى غلظة شديدة جداً وإن كان لا يكون كفراً .

ذكر الدين للحيوانات والجمادات أيضاً يحتاج إلى تغليظ شديد ولكن قضية أن هذه الحيوانات دينها الإسلام ليست من المعلوم من الدين بالضرورة ولك كل الناس يعلم ذلك . ولكن عندما يقول يابن دين كذا إنما هو يشبه دينه بدين الحيوان ويذكر حيوان مذموم فهي كلمة سب وأراد بها السب ، فالسب وإن كان ليس مقصوده أنه سب الدين ولكنه سب دين الشخص بإغاظته ، فشبه دينه بدين الحيوان المذموم ، فهذا كفر والعياذ بالله .

النوع الثالث من النواقض :

وهذا في الواقع يشمل النوعين السابقين ، وهي قاعدة إجمالية ، وما يلزم منه لزوماً ظاهراً ويدل دلالة ظاهرة على عدم الإقرار بالشهادتين باطناً ولو أقر بهما ظاهراً ، ولذلك تجد إعادات كثيرة هنا ، لكن هناك أعطى صدارة لما يتعارض مع الإقرار بالشهادتين صراحة ، وهذه لا نحتاج فيها إلى أن نتأمل ونقول أنه يلزم منها .

وأعم من ذلك كل الأمور التي يلزم منها أنه تخلى عن إقراره باطناً وإن ظل بلسانه يزعم عكس ذلك ، لكن هنا القضية في غاية الخطورة لأن ما من معصية إلا وتنشأ من نقص الإيمان .

لكننا نتكلم هنا على زواله ، فلابد أن يرجع في هذا إلى نصوص الكتاب والسنة وكلام أهل العلم الذين يستطيعون ضبط هذه الأمور .

قال : وذلك يشمل أمور :

منها الإعراض عن دين الإسلام فلا يتعلمه ولا يعمل به ولا يبالي فيما ترك من الواجبات وما يأتي من المحرمات ولا بما يجهل من أحكام .

يقول : وينبغي أن يعلم أن الملكلف لا يخرج من كفر الإعراض المستلزم لعدم إقراره بفعل أي خصلة من خصال البر وشعب الإيمان ، فإن من هذه الخصال ما يشترك الناس في فعله كافرهم ومؤمنهم كإماطة الأذى عن طريق وبر الوالدين وأداء الأمانة . وإنما يتحقق عدم الإعراض والسلامة منه بفعل شيء من الواجبات التي تختص بها شريعة الإسلام التي جاء بها الرسول  صلى الله عليه وسلم  كالصلاة والزكاة والصيام والحج ، إذا فعل شيء من ذلك إيماناً واحتساباً .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " فلا يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله مع عدم شيء من الواجبات التي يختص بإجابها محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذه القضية سوف نتناولها بشيء من التفصيل إن شاء الله الله .

يقول : ملاحظة :

هكذا وردت العبارة في الفتاوى ولعل المناسب من السياق أن يقال مع عدم فعل شيء  ، لا يدخل في ذلك أيضاً أن يضع الوالي قانونا يتضمن أحكاماً تناقض أحكاماً قطعية من أحكام الشريعة معلومة من دين الإسلام بالضرورة ويفرض الحكم به والتحاكم إليه ويعاقب من حكم بحكم الشريعة المخالف له ويدعي مع ذلك الإقرار بوجوب الحكم بالشريعة ـ شريعة الإسلام التي هي حكم الله ورسوله ـ ، وهذا تفصيل لأنه تكلم فيما يناقض حقيقة الشهادتين تفضيل حكم القانون الوضعي على حكم الله ورسوله أو تسويته به أو تجويز الحكم به ولو مع تفضيل حكم الله ورسوله .

وأورد هنا لكي يحتاط للذين يقولوا أنه طالما لم يكذب بالشرع أو يكذب عليه في نسبة هذا القانون الجديد عليه فقد نجا من المناط المكفر .

فهو يقول لا بل هو عارف أن هذا مخالف للشرع ولم ينسبه إلى الشرع بل قال بوجوب التحاكم إلى الشرع ، فإن هذا هو الإقرار الظاهر.

وفعل آخر يقول أن الذي يتحاكم إلى الشرع محرم ، فلذلك بعض الأخوة الذين يتكلمون في هذه القضية مشغولين جداً بقضية الاستحلال في كونه هل استحل الحكم بغير ما أنزل الله أم لا . وتكلمنا في هذا الضابط وعدم دقته ، وإن كان الواقع تعدى استحلال الحكم بغير ما أنزل الله إلى تحريم الحكم بما أنزل الله ، فلا عبرة بهذا الإقرار لأن عندنا فعل أقوى من هذا الإقرار ، وهو فعل ظاهر يدل دلالة قاطعة على انخرام الباطن ، بمعنى أنهم لو قالوا الاستحلال نقول أن الفعل الظاهر الذي هو تحريم الحكم بما أنزل الله ومنع من يفعل ذلك ومعاقبته وإلزام الناس كافة بالحكم المغاير فهذا استحلال وزيادة وإن ادعى أنه غير مستحل ، فنحن لا ننقب على القلوب ولكن هناك أعمال ظاهرة ليس لها إلا احتمال واحد تدل دلالة قاطعة عما في القلب وإن ادعى اللسان غير ذلك . ولذلك ذكر العلماء في شأن المرجئة المستحلة والبعض يفهم كلامهم خطأ ويسقطه على عموم المرجئة فضلاً على أن يسقطعه على أهل السنة ، وهو إجماع العلماء على أنه من أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا نشهد أنك رسول الله ولكن نصلي إلى غير القلبة ، والصلاة عبادة والذي يصلي إلى غير القبلة ماذا يريد إلا العناد والاستكبار ، وننكح المحارم ونشرب الخمر ، وكأنه يعكس كل التكاليف وليس أنه غلبته شهوته ، المسألة مسألة أنه يرى ما استحسنه الشرع حسن ويراه لازماً ، لابد أن يكون على الأقل أن يكون يرى أن الذي استحسنه الشرع حسناً ويراه لازماً في نفس الوقت ، إذن وقتها نقول أنه نجا من التكذيب والإباء والاستكبار ونحو ذلك ، لكن يأتي بنقيض كل ما جاء به الشرع ونقول أن لنا ما اعترف به بلسانه ، فهذه أحد أهم النقاط الفارقة في الموضوع : أنه يجود بعض الأفعال دلالتها على فساد الباطن أعلى وأظهر من الإقرار الظاهري الذي يصر صاحبه عليه ، وهذا الكلام أخذت به المحاكم المعاصرة في قضية نصر أبو زيد ، فنصر أبو زيد له كتابات في الاعتراض على مبدأ الطاعة في الشرع ، فيقول أن هذا نوع من تقييد الحريات ، وهو لا يتكلم على المتطرفين والإرهابيين ، بل يتكلم على المبدأ العام ـ النص ـ فهو في خصومة مع النص ، فالنص قيد سلطان العقل وأن الذي يؤمن بالإسلام يعذب بأن النص قيد عقله وعقول الناس أخرى متروكة وغير ذلك .

ونحن لا نعرف ماذا فعل الناس الأخرى بعقولهم التي يصرون بها على أكل الخنزير ، فالموجود الآن نوع من العبودية الشديدة للأحبار والرهبان ، ولا لم يستطيعون أن يعترفوا أن مؤسس دينهم جهل ـ بولس ـ وهو لما أباح لهم هذه القاذورات لم يروا وقتها ما بداخلها .

واكتشفوا بعد ذلك الأضرار التي في لحم الخنزير واكتشفوا بأصر رجعي أن الأمراض الغامضة التي تدمر خلايا الدماغ وتصيب بالعمى في مراحل متقدمة من العمر بلا أي إنذارات قبل ذلك أن كل هذه أنواع من الأمراض فهو كوكتيل فيروسات على بكتريا على فطريات تعيش في لحم الخنزير وكانوا يأكلونها ويجدوا عندهم أمراض ،فهم قالوا لو اعترفنا أن نبي الإسلام لما أتى أثناء احتدام المعركة بين اليهود النصارى على لحم الخنزير ولم يكن هناك معامل ، ولو كانت القضية كما يزعمون أن رجل أخذ التوراة والإنجيل وألف منها كلام فكان مجاملة الرومان في هذا الوقت أولى ، لأن اليهود كانوا عددهم قليل في العالم كله ، وإذا كان بولس وهو يهودي جامل الرومان وقال نبيح الخنزير والخمر ، والخنزير لم يكن معروف قبل ذلك في جزيرة العرب ، بمعنى أن المسألة لو أنها تكتيكات فتكون أولى شيء أن أكل الخنزير لم يكن فيه إصرار على أنه من رؤوس الخبائث ، فكونه ورد في القرآن بهذه القوة وكونه لم يكن في جزيرة العرب ، وهو جزء لم يكن محتاج إلى اكتشاف في كونه يتغذى على القمامة وأنه لا يغار على أنثاه ، بل هم الآن يقولون أن كارثة قتل الخنازير في سبعين مليون طن قمامة إلى أين ، هذا في القاهرة ، يقولون أنكم لو قتلتم الخنازير ستموتون أنتم من القمامة ، يعني القمامة التي تأكلها الخنازير لو بقيت سوف تقتل البشر ، ولا يوجد في القريب العاجل أنهم يجعلوا في الأحياء التي كانت معتمدة في تخليص قمامتها على الخنازير أن يفعلوا شركات نظافه ، فهذا كان كلام الدفاع عن الخنازير ، فهذا ليس كلام مرسل بل هذا الكلام الذي تنقله هيئة الإزاعة البريطانية عن المدافين عن الخنازير .

لكن هذا بالنسبة للرومان في هذا الوقت لم يكن يمثل أدنى شيء ، لكن القمامة تحولت إلى لحم فليس هناك مشكلة .

فالتقدم في الطب أثبت لإماتة هذه الأشياء بما يسمونه بالطهي الجائر وهي أن تغلى لساعات طويلة ، أو تجمد لمدة ثلاث أسابيع في خمسة عشر درجة تحت الصفر . فقالوا أن بولس على حق لأن عندما توضع في هذه الدرجة من البرودة تموت الأمراض ، ونبي العرب لم يعرف هذا ، وكأن بولس كان يعرف هذا ، أين الصح وحال هذه الأجيال التي أكلت الخنزير حتى ماتت .

فهذ الرجل كذاب وليس معه وحي كما ادعى .

فكانت المشكلة ليست في لحم الخنزير بل المشكلة في الخنزير وهو حي ، فلحم الخنزير سنتغلب على أمراضه بالتجميد أو الطهي الجائر وخلافه ، أما الخنزير وهو حي فكان الخنزير وهو حي قنبلة موقوته لإعادة تهجين الفيروسات لتكون فيروسات فتاكة وهذا الكلام ليس جديد عليهم بل هذا الكلام من عام 1989 م ، أربع موجات من أنفلونزا الخنازير البشرية 1989 ، 1981 ، 1957،1968 ،فأول مرة يكتشفوا أن هناك وباء قاتل في العالم كله ويقولون أن سببه فيروس انفلونزا تحور داخل جسم الخنزير ، فجسم الخنزير يتحمل الميكروبات بدرجة عالية جداً ، بمعنى أنه يكون حامل للمرض وغير مريض ، وهو يأخذ أنفلونزا البشرية ،

ـ بالمناسبة انفلونزا الطيور التي جعلوا منها كل هذه الضجة هي أضعف أنواع فيروسات الأنفلونزا وموجودة دائماً أوبداً مثل الأنفلونزا البشرية ، ولو نقلت من الطيور إلى الإنسان محتمل أنها تميته أضعف من احتمال أن أنفلونزا البشرية تميته ، وتميت الأنفلونزا الإنسان لو حصناته في أضعف حالتها . فيكون منتظر حتى يأتيه قدره ، لكن عدد الوفيات في الأنفلونزا البشرية أعلى بكثير من عدد الوفيات بالأنفلونزا الطوير المجردة ، وهم في هذه الأجيال من الأوبئة اكتشفوا أن الخنزير يأخذ هذه الفيروسات ويعيد تهجينها حتى يخرج فيروس قاتل بشري وينتقل من بشر إلى آخر ، ثم درسوا ذلك فوجدوا أن هذه الدورة تأخذ ثلاثين سنة شغالة تلقائياً ولا أحد يراها ، فالفيرسات تاتي من الإنسان إلى الخنزير وم الخنزير إلى الإنسان ومن الإنسان للخنزير وكل مرة يتطور تطور طفيف ولكن يظل جسم الإنسان قادر على اكتشافه والتعامل معه حتى يظهر في طور شرس ، فلما وجدوا أنفلونزا الخنازير وقالوا نقتل الخنازير فقالوا لا بل نقتل الدجاج ، على اعتبارهم متوقعين ظهور الطور القاتل من انفلونزا الجنازير وهي كما ذكرنا تكون عبارة عن مزج الثلاث أنواع وإخراج نوع جديد ، فقالوا نقتل الطيور حتى يؤجل ظهور انفلونزا الخنازير القاتلة .

إصرار عجيب حتى لا يعترفوا على واضعي دينهم أنهم كذبوا على الله تبارك وتعالى .

المقصود في الإشارة أنه لا يمكن أن يوجد دين بلا نص لأنه لا يكون دين وقتها ، وإن كان بعض الأديان تترك للناس اتباع شهواتهم كما أرادوا لكنهم في النهاية هناك نصوص لابد أن يقعوا فيها . هم الآن يدفعون ضريبة باهظة جداً للحفاظ على نص محرف ومبدل ولكن يخشون الاعتراف بذلك فتنهار هذه الديانة .

والعجيب أنه فجأة وبدون مقدمات أن كلهم لا يأكلون لحم الخنزير ، وشنودة يقول أنه لم يأكله في حياته ولن يأكله ، ثم هي حيلة لا تخلوا من حنكة سياسية فقال والخنزير في العهد القديم حيوان نجس ومن الذي بدل فجعله طاهراً ؟! ، ومع ذلك يقول أن الجنزير الذي في مصر يقوم الناس بتربيته من أجل السياحة والسياح الذين يأكلون الخنزير ، وبالتالي هو مصر لأن طموحاته عالية فلم يكتفي بمنصبه فقط بل يطمع في منصب المفتي ومنصب شيخ الأزهر ويبدوا منصب وزير السياحة ، فهو حزين على السياحة ، ويقول لابد من بدل للخنزير التي ستذبح فلابد من عمل مزارع أخرى وتكون أكثر نظافة , وهنا شر البلية ما يضحك ، كيف تكون أكثر نظافة وغذاؤها القمامة . ففي أمريكا يعرضون القمامة لبخار مكثف جداً حتى يغسل الجراثيم التي في القمامة ، ففي أمريكا في كل بيت خاص لابد من وجود خنزير دوره الرئيسي أن يتخلص من القمامة ، فهم يعطوا توجيهات بأن يجمعوا القمامة ويعرضونها لطيار بخار قبل وضعها للخنزير . فهل يصنعوا ذلك مع سبيعن مليون طن قمامة هنا ؟ ، بل يحرقونهم أفضل .

فهو يرى أنه يجب عمل مزارع خنازير أخرى بغرض السياحة وبغرض الناس التي مازالت تعيش في العهد القديم ، ومع ذلك يروا أن الموضوع لا يخلوا من عنصرية وأن المسلمين يريدون أن يلقوا التهمة على الخنزير بأي صورة من الصور ، وكأن المسلمين هم المكتشفون لكل هذا الكلام .

أياً ما يكن فهذا نص تقيد الناس به كل هذا التقييد .

ناصر أبو زيد ولأنه من تلاميذ أكلة الخنزير يرى أنه لا أحد مقيد بسلطان النص إلى المسلمين ويعترض على ذلك مع زعمه بأنه مسلم وينطق الشهادتين والمحكمة حكمت بكفره .

فهنا القضية التي نقولها وهي أن يكون له أفعال تدل دلالة قاطعة على انخرام الباطن ، وهو بقوله ما زال يقول عنده تصديق وعنده انقياد ، لكن إذا كان الفعل قاطع الدلالة على هذا الانخرام في الباطن عد ذلك كفراً .

أيضاً من يرى تحريم الحكم بما أنزل الله ، لا يصح أن يسأله أحد هل أنت تستحل الحكم بغير ما أنزل الله أم لا ؟ ، لأن هذه مرحلة ما بعد الاستحلال .

قلنا أن غاية ما هنالك أن نقول أن هنك شبهة إكراه . وطبعاً هو لو إكراه يكون عذر تام ، ولكن شبهة الإكراه قد تدخل على أنها تأويل . لكن الفعل نفسه لا يتصور فيه إلا ذلك .

نقول : هذه الفقرة ألحقناها بالنقطة التي قبلها .

يقول : ومن ذلك تولي الكفار من اليهود والنصارى والمشركين بمناصرتهم على المسلمين . مهم جداً قيد مناصرتهم على المسلمين ، لأن صور الموالاة منها ما هو كفر أكبر ومنها ما هو كفر أصغر .

من الموالاة النصرة ، فنصرة كافر على مسلم من الكفر الأصغر ، أما نصرة عموم الكفار على عموم المسلمين فهذا من الكفر الأكبر والعياذ بالله .

وقال تعالى  { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } [المائدة/51]

الرابع : أن يترك المسلم الصلاة دائماً بحيث لا يصلي إلا مجاملة للناس إذا كان بينهم ولو بغير طهارة فإن ترك الصلاة على هذا الوجه لا يصدر ممن يقر بوجوبها في الباطن . فكفر بترك الاعتقاد بوجوب الصلاة لا بمطلق ترك الصلاة ، هو يريد أن الترك بهذه الصورة ينبأنا على أن بداخله لا يرى وجوبها ، حتى لو اضطر يصلي بين الناس يصلي بغير وضوء ، يعني الصلاة التي اضطر إليها سيأتي بها باطلة لأنه لا يهمه أن يصليها ، فيقول : فكفر بترك الإقرار بوجوب الصلاة لا بمطلق ترك الصلاة التي اختلف فيه أهل السنة ، ولهذا يجب أن يفرق بين هذا وبين من يصلي ولكنه لا يحافظ عليها فيتركها أحياناً ويقصر في واجباتها كما في حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم   : ( خمس صلوات كتبهن الله على العباد من أتى بهن ولم يضيع من حقهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن جاء وليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة ) ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فأما من كان مصراً على تركها لا يصلي قط ويموت على هذا الإصرار والترك فهذا لا يكون مسلماً ، لكن أكثر الناس يصلون تارة ويتركونها تارة فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها وهؤلاء تحت الوعيد وهم الذين جاء فيهم الوعيد الذي في السنن حديث عبادة ابن الصامت .... وذكر الحديث "

فالمحافظ عليه الذي يصليها في مواقيتها كما أمر الله تعالى والذي يؤخرها أحياناً عن وقتها أو يترك واجبات فهذا تحت مشيئة الله وتعالى وقد يكون لهذا نوافل يكمل بها فرائضه كما جاء في الحديث .

وقال رحمه الله في الأمراء الذين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يؤخرون الصلاة عن وقتها كما في مجموع الفتاوى الجزء 22 جزء 64 قال : وقيل وهو الصحيح أنهم كانوا يفوتونها فقد أمر  صلى الله عليه وسلم  بالصلاة في الوقت وقال اجعلوا صلاتكم معهم نافلة ونهى عن قتالهم ، ومؤخرها عن وقتها فاسق ، والأئمة لا يقاتلون بمجرد الفسق وهؤلاء الأئمة فساق وقد أمر بفعها خلفهم نافلة .

هذه القضية نتناولها إن شاء الله بالتفصيل وهذا مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ووافقه عليه الشيخ البراك ، وكان قد قدم في أول الرسالة مواطن الإجماع ومواطن الخلاف ، ومواطن الخلاف التي بين أهل السنة يسع فيها الخلاف ولا يحتاج الأمر إلى تحويلها إلى مسألة ولاء وبراء أو نحو ذلك ، ومع هذا يكون فيها المناظرة العلمية والتحقيق ونحو ذلك .

فتحقيق مذهب شيخ الإسلام في المسألة وذكر المذاهب ، باقي العلماء التي حكاها عنهم شيخ الإسلام نفسه ، وكما نبهنا مراراً هناك فرق من أن عالم قوي الحجة كابن تيمية يحتج لما يراه بعبارات قوية ، فهذا لا ينفي خلاف المسألة , وإذا كان هو نفسه قد حكاه ، فيحتاج الأمر إلى ضبط في الخلاف في المسألة ، وإن كان كثير من المتأخرين يرى في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية أنه توسط حسن بين أقوال المكفرين لتارك الصلاة بإطلاق وهو قول يقول به بعض أهل السنة وبين اقوال من لم يكفره وهو مذهب الجمهور ، فيأتي ذلك بإذن الله تبارك وتعالى .

سؤال .....................

الجواب : هو عنده الترك الكلي دليل إقوى من إقراره بلسانه ، بمعنى أنه لو في كل مناسبة يدعى إلى الصلاة يعتبر هذا دليل على انتفاء الإقرار في الباطن ، وهو في النهاية لا يكفر إلا الذي لا يقر بها ، ولكن الخلاف هنا في الذي يتكرها ويصر على تركها ، أيقبل منه دعوى التكفير أم لا يقبلها .

نفس الكلام فيمن عرض على السيف وإن كان جمهور المعاصرين تبعاً لشيخ الإسلام ابن تيمية يرون أن من عرض على السيف ففضل القتل على الصلاة أنه لا تقبل منه دعوى التكاسل . وهذا كلام حسن بلا شك وبالتأمل فيه تجده واضح ، لكن الذي يتركه دون أن يعرض على السيف هل يتصور أن يكون عنده قدر باقي من الإقرار ؟ نقول شيخ الإسلام ابن تيمية أحالنا إلى مسألة عقلية وهي أنه يتصور أو لا يتصور . وكل يؤخذ من قوله ويترك ، فإن وجد دليل على أن هذا متصور فتنتقل المسألة إلى مسألة شرعية وليست عقلية ، نحن نقول أن حديث الشفاعة بمجموع طرقه فيه دليل على تصور هذه الحالة ، إذن فهنا الحق كان مع الجمهور وليس مع شيخ الإسلام ابن تيمية مع أن المسألة تبقى خلافية .

يقول : ومنها ـ من الأفعال الظاهرة التي تدل دلالة قاطعة على انخرام الباطن وإن ادعى صاحبها الإيمان ـ تعمد إلقاء المصحف في الحوش أو البول عليه أو كتابته بالنجاسة ولا يصدر عن من يقر أنه كلام الله عز وجل .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى : " ولا يتصور في العادة أن رجلاً يكون مؤمناً في قلبه يقر بأن الله أوجب عليه الصلاة ومقراً بأن الله أوجب عليه الصلاة ملتزماً بشريعة النبي  صلى الله عليه وسلم  وما جاء به يأمره ولي الأمر بالصلاة "

هنا القضية في كلام ابن تيمية أن القيود التي يقولها في الكلام ليست واحدة دائماً ، وبالتالي كثير من الناس يقول من الذي قال أن تيمية يرى أن الذي يتركها ترك كلي يكون دليل على أنه غير مقر في الباطن ؟ ، بل هناك مواطن يقول أنه يعرض على العقوبة ، وهناك مواطن على الأقل أنه يعزم على ألا يصلي أبداً .

فهل نعتبر كل واحدة حالة مستقلة ؟ ، إذن ابن تيمية يرى كفر تارك الصلاة إذا عرض على السيف فامتنع عن الصلاة ، وإذا قال أنه ينوي ألا يصلي وإذا كان مجرد أنه فقط عاش دهره لم يسجد لله سجده رغم أن هذه كلها حالة واحدة ، ونجمع هذه القيود كلها ونقول أن من تركها تركاً كلياً ثم عرض على السيف ثم امتنع حتى قتل أو لم يعرض على السيف ولكن قيل له فذكر أنه لا يصلي ولن يصلي حتى يموت ، وهذا أقرب ما يقال في فهم كلام ابن تيمية ، فنحن لا نحاول أن نفسر كلام ابن تيمية على وجه واحد كنوع من إبقاء مساحة ، فإذا كنا اختلفنا في فهم الكتاب والسنة فمن باب أولى ممكن نختلف في فهم كلام العلماء ، ولكن نريد أن نتفق في الآخر على أننا لو نسبنا هذا الكلام لابن تيمية سيبقى أن ابن تيمية رحمه الله ممن يقال فيهم كل يؤخذ من قوله ويترك ، لأن كل من عدا النبي صلى الله عليه وسلم يقال فيه ذلك . وإن كان المسألة تحرير مذهب شيخ الإسلام فقد يوجد كثير يميلون إلى أن شيخ الإسلام ابن تيمية يكفر تارك الصلاة في حالة أو حالتين وهم أنه يصرح أنه لن يصلي ويعزم على عدم الصلاة ، وإما أن يعرض على السيف . وأما الترك المجرد عن هذين الحالين وإن كان كلامه في بعض المواطن يحتمل أنه عنده كافر إلا أنه لا يكاد يوجد موطن من هذه المواطن إلا قبله وبعده ذكر القيد الآخر .

وهنا وضع معنا قيد بأن يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع حتى يقتل ويكون مع ذلك مؤمناً في الباطن . يقول أن هذا ممتنع عقلاً .

يقول : فلو قال أن مقر بوجوبها غير أني لا أفعلها كان هذا القول مع هذه الحال كذباً منه .

طبعاً هنا الشيخ البراك أنتهى من موضوع الصلاة وهنا يتكلم على إلقاء المصحف ، لأن شيخ الإسلام لما تكلم في هذه المسألة شبهها بمسألة إلقاء المصحف في الحوش ويقول أن ما فيه كلام الله أو يجعل يقتل نبياً من الأنبياء ويقول أشهد أنه رسول الله .... ونحو ذلك من الأفعال التي تنافي إيمان القلب ، فإذا قال أنا مؤمن بقلبي مع هذه الحال كان كاذباً فيما أظهره من القول .

بذلك انتهى كلام الشيخ البراك ثم شرع في الإجابة على سؤال هل سوء التربية عذراً في كفر من سب الله أو رسوله ؟ ، ونحن نقلنا هذا الكلام في ثنايا كلامه على المستهزء فنكون بذلك انتهينا من شرح هذه الرسالة ، ويبقى لنا مرة إن شاء الله تبارك وتعالى في تحقيق مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة تارك العمل بالكلية وتارك الصلاة على وجه الخصوص ، وهل المسألتين عنده مسألة واحدة أم غير ذلك ؟ ، ولأن الشيخ البراك في الواقع أحالنا في هذه المسألة على كلام شيخ الإسلام ابن تيمية مع أنه في النهاية الذي يجب الانتباه إليه أن الشيخ البراك في بداية الإجابة حدد مواطن الاتفاق ومواطن الخلاف وهذا في حد ذاته مهم جداً نحتاج إليه لحتم مادة النزاع وتقليل دائرة الأخذ والرد

ويبقى تحقيق مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية في المسألة ، نذكره في المرة القادمة بإذن الله تبارك وتعالى .

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

 

ربما يهمك أيضاً

الولاء والبراء -12
1563 ٢٧ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -11
1704 ١٨ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -10
2032 ١١ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -9
2028 ٠٤ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -8
1665 ٢٨ ديسمبر ٢٠١٥
الولاء والبراء -7
1429 ٢١ ديسمبر ٢٠١٥