الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

دروس مِن قصة آدم -عليه السلام- (موعظة الأسبوع) (1-2)

نسبه وصفة خلقه وهيئته وخلق حواء وآدم والملائكة وإبليس والامتحان بالسجود وبداية الأحداث

دروس مِن قصة آدم -عليه السلام- (موعظة الأسبوع) (1-2)
سعيد محمود
الأربعاء ٠٤ نوفمبر ٢٠١٥ - ١٤:٣٩ م
6749

دروس مِن قصة آدم -عليه السلام- (موعظة الأسبوع) (1-2)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

تمهيد وتعريف:

- القرآن يحض على معرفة قصص الأنبياء والاستفادة منها: قال الله -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف:111).

- كثير مِن الناس يكتفي بمعرفة القصة إجمالاً أو بمعلومات مغلوطة أو مخلوطة بالإسرائيليات، والمطلوب أخذ العبرة والعظة: قال الله -تعالى-: (يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ( (الأعراف:27).

(1) نسب آدم -عليه السلام- وصفة خلقه:

- هو آدم، أبو البشر وأبو الأنبياء: ولا يقال: ابن مَن؟ فإنه لا والد له ولا والدة، والناس يُنسبون إليه، ولا يُنسَب هو إليهم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ) (رواه أبو داود، وحسنه الألباني).

- خلقه الله مِن تراب مخلوط بالماء حتى صار طينًا، ثم ترك الطين حتى صار له رائحة منتنة، ثم تركه حتى جف فصار كالفخار: قال الله -تعالى-: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ) (السجدة:7)، (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (الحجر:26)، (خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) (الرحمن:14)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الأَرْضِ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الأَرْضِ: جَاءَ مِنْهُمُ الأَحْمَرُ، وَالأَبْيَضُ، وَالأَسْوَدُ، وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالسَّهْلُ، وَالْحَزْنُ، وَالْخَبِيثُ، وَالطَّيِّبُ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

- الذرية وإن كانت مِن نطفة، إلا أن لها خصائص الطين: قال الله -تعالى-: (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ) (السجدة:8).

- سبب تشريف الطين هي الروح المؤمنة الطائعة لله: قال الله -تعالى-: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) (الحجر:29).

- إذا فارقت الروح الجسد عاد إلى طبيعة الطين "النتن": قال الله -تعالى-: (قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) (المائدة:31).

- الروح لها رغبات تخالف رغبات الجسد، فالجسد يريد الشهوات "أكل - شرب - جماع" والروح تريد القرب مِن الله: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ) (رواه مسلم)، وقال الله -تعالى-: (كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) (العلق:19).

- لا بد مِن الموازنة بيْن حقوق الروح والجسد خلافًا للمدارس المنحرفة في التربية "كالرهبانية - والصوفية" التي تزعم ان الخير في حرمان الجسد مِن رغباته: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ) (رواه البخاري).

(2) هيئة آدم وخلق حواء -عليهما السلام-:

- خلقه الله على أحسن هيئة، وأكمل خلقة: قال الله -تعالى-: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (التين:4)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ) (متفق عليه)، وقال: (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ المَلاَئِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ) (متفق عليه)، وقال: (فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ) (متفق عليه).

- خلق الله له حواء مِن ضلعه، ليأنس بها ويسكن إليها، ويكون منهما النسل: قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً) (النساء:1)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاهُ) (متفق عليه).

فائدة: الخلق في الناس على أربعة أصناف "والله يفعل ما يريد":

الأول: مِن غير ذكر ولا أنثى، وهو آدم -عليه السلام-.

الثاني: مِن ذكر دون أنثى، وهى حواء -عليها السلام-.

الثالث: مِن أنثى دون ذكر، وهى المسيح -عليه السلام-.

الرابع: مِن ذكر وأنثى، وهو سائر الناس.

(3) آدم والملائكة -عليهم السلام-:

- الملائكة خلق عظيم كريم مجبولون على طاعة الله: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خُلِقَتِ الْمَلائِكَةُ مِنْ نُورٍ) (رواه مسلم)، وقال الله -تعالى-: (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ) (الأنبياء:20).

- سؤال الملائكة كان استرشادًا واستفهامًا وخشية التقصير: قال الله -تعالى-: (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) (البقرة:30).

- بيان فضل آدم على الملائكة -عليهم السلام-: قال الله -تعالى-: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:31).

(4) آدم -عليه السلام- وابليس:

- كان إبليس يعيش مع الملائكة لكثرة عبادته ولم يكن منهم: قال الله -تعالى-: (إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ) (الكهف:50)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) (رواه مسلم).

- بوادر الحسد المبكر عند إبليس: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَمَّا صَوَّرَ اللهُ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَتْرُكَهُ، فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ، يَنْظُرُ مَا هُوَ، فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقًا لا يَتَمَالَكُ) (رواه مسلم).

(5) الامتحان بالسجود وبداية الأحداث:

- الأمر بالسجود بعد نفخ الروح في آدم: قال الله -تعالى-: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) (الحجر:29).

- كان ذلك سجود تحية وتقدير، وقد نسخ في شريعتنا: قال الله -تعالى-: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) (يوسف:100)، وقال -صلى الله عليه وسلم- لمعاذٍ -رضي الله عنه- لما سجد له:  (فَلا تَفْعَلُوا، لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنَ الْحَقِّ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

- موقف المأمورين: قال الله -تعالى-: (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ . إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) (الحجر:30-31)، (إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (البقرة:34).

- إبليس يعلن عن السبب الفاسد الدال على فساد قلبه: قال الله -تعالى-: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) (الأعراف:12)، (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ) (ص:75)، (قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا) (الإسراء:61)، (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (الأعراف:12).

- ومِن هنا بداية الصراع والعداوة بين الشيطان والإنسان.

وهذا ما يأتي عليه الحديث في المرة القادمة -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة