الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

اللهم صيِّبًا نافعًا

لا تسب الظلام، ولكن أشعل شمعة لعلها تضيء لضالٍّ الطريق

اللهم صيِّبًا نافعًا
مصطفى دياب
الاثنين ١٦ نوفمبر ٢٠١٥ - ١٤:٠٠ م
1477

اللهم صيِّبًا نافعًا

كتبه/ مصطفى دياب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم، وبعد؛

في هذه الأيام يُردد الناس: "نوه كذا يوم السبت أو يوم الأحد أو .. أو .."، وقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم لأصحابه: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: قال: أصبح من عبادى مؤمن بي وكافر فأما مَن قال: مُطرنا بفضل الله وبرحمته؛ فذلك مؤمن بي كافرٌ بالكوكب، وأما مَن قال: مُطرنا بنوء كذا وكذا؛ فذلك كافرٌ بي مؤمن بالكوكب.

أخي الحبيب؛ احذر أن تعتقد أن النوء ( النّوه) هي التي تأتي بالمطر وتوجده، فمَن اعتقد ذلك كافرٌ بالله مؤمن بالكوكب، أما مَن اعتقد أن هذا المطر خلقه الله تعالى وأرسله وأن النوء موعد أو علامة له ومظنة نزول الغيث عادة؛ فهذا ليس بكافر، والله أعلم.

أخي الحبيب؛ وكما أن للمسلم في الشتاء شأنٌ مع ربه فيدعوه عند نزول المطر وهياج الريح، ومع نهار الشتاء القصير يكون الصوم، ومع ليل الشتاء الطويل يكون القيام، ومع الشعور بالبرد تتحرك الصدقة والإحسان، وكذلك فإن للمسلم أيضًا في الشتاء شأن مع أمته ومجتمعه؛ فإذا هاجت الريح تذلل لربه قائلًا: "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أُرسلت به، وأعوذ بك مِن شرها وشر ما فيها وشر ما أُرسلت به. فإذا اشتدت قال: "اللهم لَقَحًا لا عقيمًا"، سائلًا ربه أن تكون تلك الريح محملةٌ بالأمطار النافعة للخلق والدواب، فإذا كان الرعد ترك ما في يده وقال: "سبحان الذي يُسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته"، فإذا أمطرت تعرض للمطر شيئًا ما فهو حديثُ عهدٍ بربه، ومسح به بعضًا من بدنه، ودعا ربه؛ فالدعاء عند نزول المطر قريب الإجابة، كما في الحديث الذي صححه الألباني: "اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول الغيث"، ولا ينسَ المسلمين مِن دعائه، فيدعوا لنفسه ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين المستضعفين والمنكوبين والمتضررين في كل مكان، وإذا اشتد المطر وكَثُرَ؛ توجَّه لله بدعائه أن يكون هذا المطر رحمة وليس عذابًا ولا بلاءً ولا يتسبب في هدم البيوت ولا غرق الناس وأموالهم ودوابهم، وأن تكون تلك الأمطار على الهضاب والتلال والصحاري والأودية البعيدة عن الأبنية ومصالح الناس قائلًا: "اللهم سُقيا رحمة، ولا سُقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق، اللهم على الظراب ومنابت الشجر، اللهم حوالينا ولا علينا"، وإذا حدثت الأضرار والكوارث تجلى موقف الجسد الواحد بكل إيجابية في نجدة المنكوب وإغاثة الملهوف "كلا والله لا يُخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم وتحمل الكُلَ وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتُعين على نوائب الحق"، ومن أحب الأعمال إلى الله عز وجل: سرورٌ تُدخله على مسلم أو تكشف عنه كُربة.

طرق الأبواب

فتارة تجده يسعى في نجدة المنكوب وإغاثة الملهوف، وتارة يسعى لتوفير الأغطية والأثاث لمن فقد غطاؤه وثيابه وأثاثه، وتارة يسعى لتجفيف المياه من البيوت الغارقة، وتارة يسعى لترميم المساكن أو المباني البالية التي أوشكت على الانهيار من آثار المطر، وتارة ... وتارة ... وهكذا يطرق أبواب الخير.

أخي الحبيب؛ إن المسلم الحق أبدًا لن يقف موقف الشامت في المسلمين المنكوبين الغارقين والمحتاجين والمستغيثين، لن يقف أبدًا فرحًا لما أصابهم مِن هَمَّ وكرب لأنهم أخذوا موقفًا سياسيًّا مغايرًا لموقفه أو سلكوا اجتهادًا مخالفًا لرأيه.

إن المسلم الصادق لن يشمت أبدًا في البسطاء الذين لا يعرفون عن السياسة لكنهم لم يخرجوا معه في مظاهراته أو لم يساندوه في مواقفه الشـــاذة عن المجتمع.

المسلم الحق

إن المسلم الحق الذي يحزن لحزن إخوانه أبناء مجتمعه، ويتألم لآلام المتضررين المنكوبين منهم، وينشغل بكشف الكرب عنهم باذلًا وسعه في تخفيف المعاناة، داعيًا الله لهم أن يكشف عنهم ما أَلم بهم مِن هَمِّ وكرب وغمٍّ، وأن يُخلف عليهم ما فقدوه، ويقدم لهم ما يستطيع ويُحرك أهل الخير لفعل الخير مع هؤلاء.

أخي الحبيب؛ لا تسب الظلام، ولكن أشعل شمعة لعلها تضيء لضالٍّ الطريق .. لا تسب الريح والمطر ولكن تحرك وافعل شيئًا لعلك تُنقذ طفلًا مِن الغرق في وحل الأمطار أو شيخًا كبيرًا من برد الشتاء.

اللهم اكشف الهم والغم والبلاء عن البلاد والعباد واجعل المطر علينا صيبًا نافعًا.

وصلِّ اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

ممنوع الاقتراب!
193 ١١ أكتوبر ٢٠٢٢
أحبك يا رب
128 ٢١ فبراير ٢٠٢٢
هل لك منارة؟
203 ١١ ديسمبر ٢٠٢١
اضبط البوصلة
252 ٣٠ نوفمبر ٢٠٢١
صناعة النموذج
214 ٠٦ نوفمبر ٢٠٢١
اترك أثرًا (4)
123 ٠٢ نوفمبر ٢٠٢١