الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

خيانات الدولة العبيدية

الدول الإسلامية بين المطرقة والسندان

خيانات الدولة العبيدية
محمد القاضي
الخميس ٢٦ نوفمبر ٢٠١٥ - ١١:٣٤ ص
1719

خيانات الدولة العبيدية

كتبه/ محمد القاضي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

ما اشبه اليوم بالأمس، و التاريخ يعيد نفسه، هذه العبارات تجد نفسك مدفوعًا لقولها عندما تراجع بعض الصفحات السوداء للدولة العبيدية المسماة زورًا بالدولة الفاطمية، وعندما تستقرأ الواقع وما تفعله الدولة الإيرانية بالدول الاسلامية اليوم، ترى إيران قد أسفرت عن وجهها القبيح، في العراق وسوريا، وتعاونت مع أمريكا والغرب على احتلال بلاد المسلمين، وقاتلت معهم وقتلت خلقا لا يحصيهم الا الله، ونهبت خيرات البلاد، واستحلت أعراض المسلمين، وفعلت فظائع لا يحصيها إلا الله، مكررة ما فعلته الدولة الفاطمية الخبيثة في محاولتها للاستيلاء على الأمة الإسلامية ونشر المذهب الشيعي، وفي تحالفها مع الصلبيين والقتال معهم ضد أهل السنة، ونهبهم الديار والأموال، وأهم من ذلك كله استهداف عقيدة المسلمين من أهل السنة و الجماعة.

مما يذكر في هذا المقام -تواطؤهم مع الفرنجة- ما ذكره المقريزي في "الخطط والآثار" من أن صلاح الدين الأيوبي لما تولى وزارة العاضد الفاطمي -وكان قد ولاَّه لصغر سِنِّه وضعفه كما ظَنّ به- قوي نفوذه في مصر، وأخذت سلطة العاضد في الضعف، حتى ثقلت وطأة صلاح الدين على أهل القصر الفاطمي، وتجلى استبداده بأمر الدولة وإضعاف الخلافة الفاطمية، حنق عليه رجال القصر، ودبروا له المكائد، وقد اتفق رأيهم على مكاتبة الفرنجة ودعوتهم إلى مصر فإذا ما خرج صلاح الدين إلى لقائهم قبضوا على من بقي من أصحابه بالقاهرة، وانضموا إلى الفرنجة في محاربتهم والقضاء عليه.

وفعلاً جاء الفرنجة إلى مصر وحاصروا دمياط في سنة (565)هـ، وضيّقوا على أهلها، وقتلوا أممًا كثيرة، جاءوا إليها من البر والبحر، رجاء أن يملكوا الديار المصرية، وخوفًا من استيلاء المسلمين على القدس، وأرسل إلى عمِّه نور الدين محمود بدمشق، يستنجده فأمَدّه، وبعث صلاح الدين جيشًا بقيادة ابن أخيه وخاله شهاب الدين وأمدهما بالسلاح والذخائر، واضطروهم للبقاء في القاهرة خشية أن يقوم رجال القصر الفاطمي وجند السودان الناقمين بتدبير المؤامرات ضده.

وكان من فضل الله أن رد كيد الفرنجة والشيعة الفاطميين الذين كاتبوهم ففشلت هذه الحملة، وانصرف الفرنجة عن دمياط، وذلك لما تسرب إليهم من قلق من جراء ما عانوه في سبيل تموين قواتهم، وكما وقع الخلاف بين قوادهم على الخطة التي يتبعونها في مهاجمة المدينة، فضلاً عن ذلك بلغهم أن نور الدين محمود قد غزا بلادهم وهاجم حصن الكرك وغيره من نواحيهم، وقتل خلقًا من رجالهم، وسبى كثيرًا من نسائهم وأطفالهم وغنم من أموالهم.

وهكذا دائمًا في كلِّ خيانة يحدثونها، يجعلون الأمة الإسلامية بين شقي الرحى، بين عدو خارجي وعدو داخلي، فاللهم انتقم من الخونة ولو كانوا من أهل السنة.

وقد وصف الأستاذ بدوي رد فعل "الأفضل الجمالي"، ودولته الفاطمية، على كارثة احتلال القدس قائلًا: "أما الدولة الفاطمية فقد تلقت أخبار النكبة في برود، وظلت تغط في سباتها العميق، وحاول الوزير "الأفضل" أن يفعل شيئاً يمحو به عار التواطؤ الذي أدّى إلى الكارثة، فلمّا بلغه سير الصليبيين نحو القدس، جمع رجاله وخرج إلى فلسطين، على أمل أن يحول بين الصليبيين وبين دخولهم القدس، ولكنه وصل إلى عسقلان في يوم 4 أغسطس، أي بعد عشرين يوماً من استيلاء الصليبيين على القدس، وهكذا أصيب "الأفضل" بخيبة أمل كبيرة، بعد أن اعتقد في وقت ما أن الصليبيين سيقنعون باحتلال شمال سوريا، ويحرصون على صداقة الفاطميين بوصفهم حلفاءهم الطبيعيين ضد الأتراك السلاجقة."

"ولم يسَع الأفضل عند وصوله إلى عسقلان سوى أن يرسل رسولاً إلى الفرنج يوبخهم على ما فعلوا، على حد تعبير المؤرخ "ابن ميسر"، ولم يكن أحق بالتوبيخ من "الأفضل" نفسه، الذي جمع بين سوء النيّة، وضعف التدبير.

وهكذا ظلّت القدس بيد الصليبيين، نتيجة تواطؤ الفاطميين العبيديين، إلى أن قيّض الله لهذه المدينة بطلاً من أبطال المسلمين، هو صلاح الدين الأيوبي، تمكّن في سنة 583هـ (1187م) من تحريرها في معركة حطين، وإصلاح ما قام به العبيديون من خيانة وتخاذل."

و هذا ما يحدث اليوم، فالدول الإسلامية بين المطرقة والسندان، بين الغرب بقيادة الأمريكان وعصابة اليهود، وبين مطامع الدولة الفارسية التي تزداد يومًا بعد آخر.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة