الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

تحمل المسئولية منهج قرآني

من أعظم أنواع المسئولية: مسئولية الفرد عن إصلاح المجتمع

تحمل المسئولية منهج قرآني
خالد آل رحيم
الخميس ٠٣ ديسمبر ٢٠١٥ - ١١:٥٥ ص
15518

تحمل المسئولية منهج قرآني

كتبه/ خالد آل رحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

لا شك أننا فى زمان تهاون الكثير في تحمل مسئولياته تجاه دينه واسرته، ومجتمعه. وهذا مخالف لقواعد شرعنا الحنيف الذي لفت نظرنا لأهمية هذه الصفة، التى قررها ربنا -تعالى- فى كثير من آيات القرآن، وكذلك في سنة رسوله -صلي الله عليه وسلم-

والمسئولية كما عرفها "الخاقاني" :

أن المسئولية: الشعور بأداء الواجب، والإخلاص في العمل، وليست المسئولية مجرد الإقرار، فإن الجزم بالشيء، لا يُعطي صفة المسئولية، وإنّما يجسد المتحسس بها، أنّ هناك واجبات لابد من الانقياد إليها، بغض النظر عن النتائج.

فإن إنقاذ الغريق بما يشعر الشخص بالمسئولية في إنقاذه، إذا كانت له القدرة علي الإنقاذ، وإنّ دفع الظلم ممن له القدرة على دفع الظلم، يجب على ذلك الشخص أن يدفع عن المظلوم، وهو مسئول عن الترك، فالمسئولية تختلف بلحاظ الأفراد وبلحاظ المجتمعات (انتهي).

وقيل:

المسئولية: حالة يكون فيها الإنسان صالحاً للمؤاخذة على أعماله، وملزماً بتبعاتها المختلفة،

وأعظم مسئولية تحملها الإنسان، هى الأمانة التى ذكرها المولي تعالي في قوله:

(إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً).

وجمهور المفسرين على أنّ الأمانة تعم جميع وظائف الدين، وأن جميع الأقوال فى تفسير الآية متفقة وراجعة إلي أنّ الأمانة: هي التكليف وقبول الأوامر والنواهي .

وقد قرر القرآن شمول المسئولية بقوله –تعالى-: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

(فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ)

ومن أعظم أنواع المسئولية: مسئولية الفرد عن إصلاح المجتمع.

قال الدكتور عبد الكريم زيدان -رحمه الله- :

ومن خصائص النظام الاجتماعي في الإسلام، تحميل الفرد مسئولية إصلاح المجتمع، بمعنى أنّ كل فرد فيه مطالب

بالعمل على إصلاح المجتمع، وإزالة الفساد منه علي قدر طاقته، ووسعه، والتعاون مع غيره، لتحقيق هذا المطلوب قال –تعالي- (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ( .

ولذلك كان النبيّ -صلي الله عليه وسلم- خير من عرف، وعمل بهذا المعني فكان يقدر المسئولية ويعرف عظمها

فقد روي الإمام "أحمد" عن "عاصم بن لقيط" : "أنّ لقيطا خرج وافدًا إلى رسول الله، ومعه صاحب له يقال له: "نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق" قال لقيط : فخرجت أنا وصاحبي، حتى قدمنا على رسول الله في المدينة انسلاخ رجب، فأتينا رسول الله، فوافيناه حين انصرف من صلاة الغداة، فقام في الناس خطيبًا فقال:(أيّها الناس ألا إنّي قد خبّأت لكم صوتي منذ أربعة أيام، ألا لأسمعنكم، ألا فهل من امرئ بعثه قومه فقالوا: اعلم لنا ما يقول رسول الله، ألا ثم لعله أن يلهيه حديث نفسه، أو حديث صاحبه، أو يلهيه الضلال ألا إني مسئول، هل بلغت ألا فاسمعوا، تعيشوا، ألا اجلسوا ألا أجلسوا. قال: فجلس الناس، وقمت أنا وصاحبي، حتى إذا فرغ لنا فؤاده، وبصره قلت: يا رسول الله ما عندك من علم الغيب؟ فضحك لعمر الله وهز رأسه، وعلم أني أبتغي لسقطه. فقال: (ضن ربك -عز وجل- بمفاتيح خمس من الغيب لا يعلمها إلا الله). وأشار بيده........ الحديث.

وعن عبدلله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: سمعت رسول الله -صلي الله عليه- وسلم يقول:

(كلكمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه).

وقد شعر بالمسئولية الرجل الذي جاء من أقصي المدينة يسعي، لإنقاذ موسي _عليه السلام_:

(وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنْ النَّاصِحِينَ) وكذلك رجل أصحاب القرية الذى قال(وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)

والغريب، والعجيب، أنّه لا يُعرف من الرجلين، ولكنهما شعرا بالمسئولية تجاه دينهم، وعقيدتهم، فحركهم ذلك إلي ما فعلوا

بل شعر بالمسئولية. والطير كما في قصة الهدهد، الذى دافع عن العقيدة، وأخبر سليمان عليه السلام بما كان من بلقيس وقومها (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ )

وشعرت بها حشرة نملة تجاه بني جنسها: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)

 

يقول الدكتور "علي أبو العينين" فى كتابه التربية الإسلامية:

من المقومات الأساسية التي يقوم عليها المجتمع المسلم، أنّه مجتمع مسئول كل فرد فيه، مطالب بالمشاركة فى تسيير أمور مجتمعه، والمسلمون مسئولون عن بعضهم، ومأمورون بالدعوة إلي الخير، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة