الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

قصة بطل.. شيخ يضحي بنفسه على يد ولده فداء لبلاد الإسلام

وبذلك تحررت صفاقس وتبعتها باقي مدن إفريقية "تونس"

قصة بطل.. شيخ يضحي بنفسه على يد ولده فداء لبلاد الإسلام
محمود قناوي
الأربعاء ٠٩ ديسمبر ٢٠١٥ - ١١:٣٥ ص
1583

قصة بطل

شيخ يضحي بنفسه على يد ولده فداء لبلاد الإسلام

كتبه/ محمود قناوي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

تبدأ أحداث هذه القصة عندما استولى نصارى صقلية على دولة إفريقية (تونس)، وكان ملك الصليبيين رجار الثاني قد استعمل على مدينة صفاقس -لما فتحها- أبو الحسن الفرياني، وكان أبو الحسن من العلماء الصالحين، لكنه لم يقوَ على مجابهة رجار؛ فجيش الإسلام قد انهزم وولى الأدبار، فلجأ للحيلة فأظهر العجز والضعف، وقال لملك الصليبيين: "أيها الملك؛ استعمل مكاني على صفاقس ولدي عمر؛ فإنى قد كبرت ولا أستطيع القيام بأعباء الحكم"، فقبل رجار منه ذلك الكلام، وقام بتعيين عمر بن الحسن على صفاقس وأخذ رجار الشيخ أبا الحسن رهينة عنده فى صقلية حتى يتأكد من عدم غدر ابنه عمر، وقبل أن ينطلق أبو الحسن إلى صقلية، أوصى ابنه عمر وصية جليلة باع فيها نفسه لله تعالى، فقال: "يا بني إنني كبير السن وقد قارب أجلي، فمتى أمكنتك الفرصة في الخلاف على العدو وتخليص المسلمين منهم، فافعل ولا تراقبهم ولا تنظر في أنني أقتل وأحسب أني قد مت"، وبعد هذه الوصية انطلق أبو الحسن وظل ابنه عمر يترقَّب الفرصة للقضاء على الصليبيين وتخليص المسلمين من وطأة الكافرين، وظل الوضع على ما هو عليه إلى أن مات ملك صقلية رجار لعنه الله، وتولى بعده ابنه الكافر غليالم فوجد عمر فرصته فى القضاء على الصليبيين، فدعا أهل صفاقس إلى الخلاف على عدوهم ووضع خطة للقضاء على الصليبيين، وقال لهم: يخرج جماعة منكم إلى السور وجماعة يقصدون مساكن الفرنج والنصارى ويقتلونهم كلهم، فقال له أهل صفاقس: ويحك يا أمير إن والدك الشيخ أبو الحسن رهينة عندهم ونحن نخاف عليه من غدرهم، فقال لهم عمر: "هو أمرني بهذا، وإذا قتل بأبي الشيخ ألوف من الأعداء فما مات أبي".

فلم تطلع شمس ذلك اليوم حتى قتل المسلمون الفرنج عن آخرهم، ولم يبقَ منهم واحد وبذلك، تحررت صفاقس وتبعتها باقي مدن إفريقية "تونس" أما أبو الحسن رحمه الله فقد أرسل إليه ملك الصليبيين غليالم بن رجار وأحضره بين يديه وأخبره بما فعل ابنه عمر وأمره أن يكتب إليه ينهاه عن ذلك ويأمره بالعودة إلى طاعته ويخوفه عاقبة فعله.

فقال أبو الحسن مستهزئًا: "من قدم على هذا لم يرجع بكتاب" فأرسل ملك صقلية إليه رسولًا يتهدده ويأمره بترك ما ارتكبه، وإلا فأبوه رهينة في أيديهم.

وعندما وصل رسول ملك الصليبيين لم يمكنه عمر من دخول المدينة في يومه ذلك، فلما كان من الغد خرج أهل البلد جميعهم ومعهم جنازة، والرسول الصليبي يشاهدهم، فدفنوها وعادوا، وأرسل عمر إلى الرسول يقول له: هذا أبي قد دفنته وقد جلست للعزاء به فاصنعوا به ما أردتم.

فعاد الرسول إلى ملك الصليبيين غليالم، وأخبره بما صنع عمر بن أبي الحسن، فغضب غليالم، وأمر بصلب الشيخ أبي الحسن وهو حي، فلم يزَل أبا الحسن يذكر الله تعالى وهو مصلوب إلى أن مات، فرحمة الله تعالى على ذلك البطل الذي قدَّم روحه رخيصة من أجل تحرير بلاد الإسلام من الصلبيين.

قال تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) (الأحزاب: 23).

المصدر: كتاب الكامل لابن الاثير "وكتاب حسن المحاضرة للسيوطي".

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة