الأربعاء، ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٤ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

شبهات في القضاء والقدر حول أصحاب الأمراض والابتلاءات وجوابها

السؤال: قرأت لحضرتك كتاب "القضاء بالقدر وأثره في السلوك"، ولكن ثارت عندي هذه التساؤلات: 1- أنا عندما أمر في الطريق وأجد الأطفال المتسولين وأجد أصحاب العاهات والأمراض الصعبة، أحمد الله وأشكره، ولكن أقول في نفسي ما ذنب هؤلاء الأطفال المشردين والمتسولين أن يضيع مستقبلهم، ويكون مصيرهم الانحراف والاغتصاب و... وماذا يفعل هؤلاء المعذبين بالأمراض التي لا يتحملونها مِن شده الألم، وبعضهم لا يجد حتى المسكنات والدواء، فماذا أفعل حتى أتخلص من هذه الأفكار؟ 2- أرى بعض الناس يتعرضون لأمراض بدنية وضغوط نفسية قد يكفرون بسببها، فأنا أعرف مَن كان يصلي ويتعبد لله، ولكن بسبب الوسواس والأمراض النفسية وصل به الحال إلى سب الدين والانتكاس، والبعض مع ضعفه وفقره وإسلامه يتعرض لألوان مِن البلاء؛ فلماذا هذا البلاء الشديد وهذه الفتنة التي تضيع على الإنسان الدنيا والآخرة؟ 3- ما حكم مَن يَرضى في نفسه بقضاء الله وقدره؛ لأنه يرى نفسه يستحق العقوبة مِن الله، لكنه في الوقت نفسه لا يحسن الظن بالله، هل في ذلك نقص في الإيمان مع الرضا بقضاء الله وقدره؟

شبهات في القضاء والقدر حول أصحاب الأمراض والابتلاءات وجوابها
الأربعاء ٠٩ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٤:١٣ م
2065

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فانظر إلى حكمة الله -سبحانه- في مفاضلته بيْن العباد لتعلم أن الآخرة أكبر درجاتٍ (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) (الإسراء:21).

ثم هؤلاء الأطفال المشردين إذا بلغوا صارت لهم عقول وقدرات وإرادات يُحاسَبون عليها، ولن يحاسبهم الله إلا على ما أعطاهم، وأنا أعرف كثيرًا مِن هؤلاء صار لهم مستقبل حسن، وبذلوا جهدًا في التعلم، بل والالتزام، وصاروا مِن خير الناس، وهم حجة الله على أمثالهم، كالمؤمنين في وسط الكفار حجة الله على أمثالهم مِن الكفار، وقد نشئوا نفس النشأة.

وأما المرضى وأصحاب الآلام عمومًا؛ فصبرهم على الألم مِن أعظم ما يثيبهم الله عليه حتى ربما تمنيتَ أنتَ المعافى في الدنيا يوم القيامة أن تكون مِن أهل البلاء لما ترى مِن ثواب أهل البلاء، وتذكَّر أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام؛ فكم يبلغ عمر المتألم في الدنيا؟! 60 أو 70 سنة، وغالبًا أقل، وهي والله أهون مِن موقف الحساب للأغنياء يوم القيامة؛ فربك حكم عدل، وعليم حكيم، لا يظلم الناس شيئًا، ولكن الناس أنفسهم يظلمون.

2- لا يكفر عبدٌ مختارًا إلا بمرضٍ في قلبه، وإن كان في الظاهر مصليًا وحافظًا للقرآن؛ فـ"إبليس" كان عابدًا حتى كانت درجته كدرجة الملائكة "يعني أكثر ممن رأيتهم"، ومع ذلك كان الكبر والعجب في قلبه؛ فابتلي بالسجود لآدم -عليه السلام- فكفر بإبائه واستكباره، والله يبتلي عباده بالشر والخير فتنة.

3- فرضٌ على كل مكلـَّف أن يُحسِن الظن بالله، ويرجو رحمته، ويخاف عقابه وعذابه؛ وإلا كان نقصًا في إيمانه.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com