الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

من الإيمان باليوم الآخر الإيمان بعذاب القبر ونعيمه -7

الواجب عند تعلم تفاصيل عذاب القبر ونعيمه من السنة النبوية الاقتصار على ما صح منها وتقبلته الأمة

من الإيمان باليوم الآخر الإيمان بعذاب القبر ونعيمه -7
علاء بكر
الاثنين ١٤ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٢:٥٦ م
1541

من الإيمان باليوم الآخر
الإيمان بعذاب القبر ونعيمه "7"

كتبه/ علاء بكر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

تبيَّن لنا مما ذكرنا من أحاديث أن السنة النبوية اعتنت ببيان تفاصيل ما يتعرض له المرء عند الموت وبعده وفي القبر قبل قيام الساعة.

وما ذكرناه قليل من كثير، وإلا فليس هدفنا الجمع لكل ما ورد، ولا حصر كل ما جاء في السنة النبوية في هذا الشأن. قال النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم: "اعلم أن مذهب أهل السنة والجماعة إثبات عذاب القبر، وقد تظاهرت عليه دلائل الكتاب والسنة، قال تعالى: (النار يعرضون عليها غدوًّا وعشيًّا)، وتظاهرت به الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية جماعة من الصحابة في مواطن كثيرة. ولا يمتنع في العقل أن يعيد الله تعالى الحياة إلى جزء من الجسد ويعذبه، وإذ لم يمنعه العقل وورد به الشرع وجب قبوله واعتقاده".

وقال الشوكاني رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ): "وفي الآية دليل على ثبوت عذاب القبر، ولا اعتداد بخلاف من خالف في ذلك؛ فقد تواترت به الأحاديث الصحيحة، ودلت عليه الآيات القرآنية، ومثل هذه الآية قوله تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون).
والحد الأدنى للمسلم أن يؤمن بعذاب القبر ونعيمه إيمانًا مجملًا، وكمال الإيمان هنا معرفة تفاصيل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الأمور الغيبية والتصديق بها والعمل بمقتضاها، وكلما زاد هذا الإيمان التفصيلي وتصديقه انتفع العبد به أيما انتفاع، وتجلى ذلك في أعماله القلبية والقولية وفي أعمال جوارحه. 
ومما ننوه به أن هناك أحاديث تتعلق بعذاب القبر ونعيمه ضعيفة أو موضوعة، شأن كل قضايا الدين التي وردت فيها أحاديث نبوية، إذ توجد الأحاديث الضعيفة والموضوعة إلى جانب الأحاديث الصحيحة والمقبولة، لذا كان الواجب عند تعلم تفاصيل عذاب القبر ونعيمه من السنة النبوية الاقتصار على ما صح منها وتقبلته الأمة، والمرجع في ذلك إلى علماء الحديث فهم أصحاب هذا الميدان وفرسانه. وفي ما صح الكفاية، ويغني عن ما لم يصح. وقد ذكر البخاري في صحيحه وكذلك مسلم في صحيحه رحمهما الله تعالى الأحاديث الكثيرة في ذلك، وقد اتفق العلماء على صحة كل ما جاء في البخاري ومسلم من أحاديث، كما صحح علماء الحديث أحاديث كثيرة خارج البخاري ومسلم بعد فحصها وتمحيصها والتحقق من أسانيدها ومتونها، رواية ودراية، وكل من اطلع على جهود علماء الأمة في هذا الأمر سكنت نفسه واطمأنت إلى ما قرروه، فإن علم الحديث مما انفردت به الأمة الإسلامية عن سائر الأمم، وقدمت فيه النموذج الفذ في شدة التثبت من الأخبار والأقوال، وشدة التحري والنظر في مضمون هذه الأخبار والأقوال، وتعد ضوابطهم الرفيعة في رواية أسانيد الأحاديث والحكم على أحوال رجالها وقدرتهم على ضبط هذه الروايات منهجًا متكاملًا لا يقبل الطعن فيه، يشهد بذلك أعداء الإسلام قبل أبنائه، وصدق الله تعالى إذ يقول: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، وتمام حفظ الذكر حفظ السنة النبوية المكملة له، وفي الحديث المرفوع: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" يعني سنته صلى الله عليه وسلم.
والقاعدة المبسطة في معرفة المسلم للصحيح من الضعيف من الأحاديث: أن ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما اتفقا عليه أو انفرد به أحدهما، فهو صحيح. وما جاء خارج صحيحي البخاري ومسلم فيعرف صحيحه من ضعيفه من أقوال أئمة علم الحديث المعتبرين ممن تعد أقوالهم في هذا الشأن حجة، لكونهم أصحاب الاجتهاد في هذا الباب، ومن عداهم فمقلد لهم، وما كان خارج البخاري ومسلم ولم يصححه أحد من العلماء المعتبرين فلا يحتج به ولا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار".
ومن أمثلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة في ذلك:
-  ما جاء في بعض الآثار من تسمية ملك الموت بـ(عزرائيل)، ولم تثبت تلك التسمية لملك الموت في الكتاب والسنة الصحيحة، ولعله من الإسرائيليات المأخوذة من أهل الكتاب من قبلنا.
-
حديث: "ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين ؛ فإن الميت يتأذى بجار السوء كما يتأذى الحي بجار السوء". (الحديث في السلسلة الضعيفة والموضوعة برقم 613) وذكر الألباني أنه حديث موضوع.
 -
حديث: "إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات، فإن كان خيرًا استبشروا به، وإن كان غير ذلك قالوا لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا". الحديث في السلسة الضعيفة برقم 863 وذكر الألباني أنه ضعيف.
 -
حديث: "إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها من أهل الرحمة من عباده كما يتلقون البشير من الدنيا، فيقولون: انظروا صاحبكم يستريح، فإنه قد كان في كرب شديد، ثم يسألونه ماذا فعل فلان؟ وما فعلت فلانة هل تزوجت؟ فإذا سألوه عن الرجل قد مات قبله فيقول أيهات (وفي رواية: هيهات)، قد مات ذلك قبلي! فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب به إلى أمه الهاوية، فبئست الأم وبئست المربية". الحديث في السلسلة الضعيفة برقم 864. وذكر الألباني أنه حديث ضعيف جدًّا.
-
 حديث: "من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذ، وكان له بعدد من فيها حسنات". الحديث في السلسلة الضعيفة برقم 1246. وذكر الألباني أنه حديث موضوع. 
-
 حديث: "ما من ميت يموت فيقرأ عنده سورة يس إلا هوَّن الله عز وجل عليه". في الضعيفة برقم 5219. وذكر الألباني أنه موضوع. 
-
 حديث: "من مر بالمقابر فقرأ (قل هو الله أحد) إحدى عشرة مرة ثم وهب أجره للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات". الحديث في السلسلة الضعيفة برقم 1290. وذكر الالباني أنه موضوع. 
-
حديث: "إن أرواح المؤمنين في السماء السابعة ينظرون إلى منازلهم في الجن". في السلسلة الضعيفة برقم 2151. وذكر الألباني أنه موضوع.
-
حديث: "ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام". في الضعيفة برقم 4493، ونحوه برقم 5221. وذكر الألباني أنه ضعيف.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة