الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

من الإيمان باليوم الآخر الإيمان بعذاب القبر ونعيمه -8

ذكر الله تعالى لنا في القرآن الكريم أمورًا أعجب من ذلك

من الإيمان باليوم الآخر الإيمان بعذاب القبر ونعيمه -8
علاء بكر
الاثنين ٢١ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٣:٥٨ م
1135

من الإيمان باليوم الآخر

الإيمان بعذاب القبر ونعيمه "8"

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

إن كان البعض يتعجَّب مما ورد في عذاب القبر ونعيمه بعد الموت، فقد ذكر الله تعالى لنا في القرآن الكريم أمورًا أعجب من ذلك، ونحن نؤمن بها قطعًا، ولا مجال للتشكيك فيها عند أحد لثبوتها مفصلة في القرآن، وتتمثل في إحياء الله تعالى للموتى وإعادتهم للحياة الدنيا من جديد، وقع ذلك مع أفراد ومع جماعات، منهم من كان إحياؤه بعد وقت قصير، ومنهم من كان إحياؤه بعد سنين طويلة، وهذا خرق للعادة للدلالة على قدرة الله تعالى، فهو عز وجل على كل شيء قدير، فمن ذلك:

قوله تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة: 259).

قوله تعالى: (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون . ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون) (البقرة: 54- 56).

وقوله تعالى: (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال الله لهم موتوا ثم أحياهم، إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون) (البقرة: 243).

وأعجب من ذلك إحياء الله تعالى لأربعة من الطير بعد تقطيعها إلى أجزاء، قال تعالى: (وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءًا ثم ادعهن إليك يأتينك سعيًا وأعلم أن الله عزيز حكيم) (البقرة: 260). وأعجب من ذلك إحياء عيسى عليه السلام للموتى في الدنيا بإذن الله تعالى، قال تعالى عن عيسى عليه السلام أنه قال لقومه: (أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين)؛ والأكمه: الأعمى، والبَرَص: مرض يعتري الجلد فيصيبه بالبياض.

ومن عجائب قدرة الله تعالى أيضًا قصة أصحاب الكهف الذين لبثوا في كهفهم نائمين ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا، قال تعالى: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا . إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا . فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا . ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا) (الكهف: 9- 12).

وأعجب من ذلك ما ورد في كتب السيرة النبوية:

 أن يهودية أعدت للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه شاة مسمومة فكلم ذراع الشاة المسمومة النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بكونه مسمومًا، وهذه الصورة من الإحياء أبلغ من إحياء ميت، إذ تضمنت:

إحياء جزء من الميت منفصل عنه دون بقية الحيوان الميت.

إعادة الحياة له مع الإدراك والعقل، مع أن هذا الحيوان لم يكن يعقل في حياته الأصلية.

تكليمه للنبي صلى الله عليه وسلم، مع أن هذا الحيوان لم يكن يتكلم في حياته الأصلية.

ويقرب من ذلك ما ورد في قصة بقرة بني إسرائيل لما أمرهم الله أن يضربوا مقتولًا منهم ببعضها فتكلم المقتول وأخبرهم بقاتله، قال تعالى: (وإذ قتلتم نفسًا فادرأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون . فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى) (البقرة: 72-73).

فإذا أخبرنا الله تعالى بكل ذلك، ووقع في حياتنا الدنيوية مثل –أو من جنس ما أخبر به- فالحياة البرزخية في القبور أوسع وأرحب من حياتنا الدنيوية، كما أنها لا تقاس عليها، لذا فليس ممتنع عقلًا أن يقع فيها ما أخبرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الكثيرة الصحيحة في هذا الشأن، وهذا بين وواضح، ولله الحمد.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


تصنيفات المادة