الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

سهام الليل لا تخطئ

لا تغفل عن الدعاء فإن من صفات الناجين يوم القيامة مداومة الدعاء

سهام الليل لا تخطئ
محمود قناوي
الخميس ٢٤ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٦:١٥ م
1469

سهام الليل لا تخطئ


كتبه/ محمود قناوي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

عندما هُزم نور الدين محمود من الصليبيين عند حصن الأكراد وقُتل من جنوده عدد كبير، ونجا نور الدين محمود من القتل بفضل الله ولم يفر نور الدين إلى مدينة الحصينة، ولكنه عسكر بالقرب من حمص، وكان بينه وبين العدو أربعة فراسخ فقط، وتلاحق به من سلم من المسلمين وقال له بعضهم: ليس من الرأي أن تقيم ها هنا فإن الفرنج ربما حملهم الطمع على المجيء إلينا فنؤخذ ونحن على هذه الحال، فوبخه نور الدين وأسكته وقال له: إذا كان معي ألف فارس لقيتهم ولا أبالي بهم، ووالله لا أستظل بسقف حتى آخذ بثأري وثأر الإسلام، ثم أرسل نور الدين إلى حلب ودمشق وأحضر الأموال والثياب والخيام والسلاح وأنفق على الجيش بسخاء . فلما رأى أصحابه كثرة إنفاقه وحاجته إلى المال قال له بعضهم: إن لك في بلادك إدارات وصدقات كثيرة على الفقهاء والفقراء والقراء وغيرهم فلو استعنت بها في هذا الوقت لكان أفضل من إنفاقها عليهم . فغضب نور الدين وقال: والله إني لا أرجو النصر إلا بأولئك فإنما تُرزقون وتنصرون بضعفائكم، كيف أقطع صلات قوم يدافعون عني وأنا نائم على فراشي بسهام لا تخطئ وأصرفها إلى من لا يقاتل عني إلا إذا رآني بسهام قد تصيب وقد تخطئ وهؤلاء القوم لهم نصيب في بيت المال، كيف يحل لي أن أعطيه غيرهم؟ وما هي إلا شهور قليلة وإذا بسهام الليل التي لا تخطئ تظهر بركاتها وبفضلها انتصر نور الدين على الصليبيين وقتل منهم في معركة واحدة عشرة آلاف كافر كما أسر بعض ملوكهم .
فلا تغفل أخي المسلم عن الدعاء خاصة في وقت السحر، قال تعالى: " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" ،
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما تنصرون بضعفائكم بإخلاصهم وصلاتهم ودعائهم" فالدعاء من أقوى أسباب النصر على الأعداء
والدعاء سبب النجاة من البلاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يغني حذر من قدر والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيتعالجان إلى يوم القيامة (حسنه الألباني رحمه الله)
قال الحاكم: سمعت الشيخ أبا بكر يقول:
"
رأيت في منامي عمر بن الخطاب فقلت له يا أمير المؤمنين، ما النجاة من الدنيا أو المخرج منها فقال لي بإصبعه الدعاء، فأعدت عليه السؤال فجمع نفسه كأنه ساجد لخضوعه ثم قال الدعاء" . 
فلا تغفل عن الدعاء فإن من صفات الناجين يوم القيامة مداومة الدعاء، قال تعالى في صفات المؤمنين: " إنهم كانوا يدعوننا رغبًا ورهبًا وكانوا لنا عابدين
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سأل الله الجنة ثلاثا قالت الجنة اللهم أدخله الجنة ومن استعاذ بالله من النار ثلاثا قالت النار اللهم أعذه من النار"، ومهما عظمت ذنوبك فلا تغفل عن الدعاء فإنه سبب النجاة .
والدعاء سبب من أهم أسباب القضاء على الظلم والظالمين 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما أرسله إلى اليمن "اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن – وذكر منهن - دعوة المظلوم" (رواه ابن ماجه) فدعوة المظلوم لا تُرد، ولو كان كافرًا فكيف لو كان المظلوم موحدًا؟ 
ذكر الإمام الذهبي أن القائد (جيش بن محمد) الرافضي الخبيث أعطى أهل دمشق الأمان ثم غدر بهم وقتل منهم ثلاثة آلاف مسلم وكان لعنه الله من قواد العبيدية الرافضة، فدعا عليه الشيخ أبو بكر الحرمي الزاهد فابتلي (جيش) بما لا مزيد عليه حتى ألقى ما في بطنه وكان يقول لأصحابه: اقتلوني ويلكم وأريحوني من الحياة ثم مات ( سير أعلام النبلاء ج 13ص22 ).
قال ابن الأثير: " في عام 201 هـ توفي أبو العباس عبد الله بن الأغلب أمير إفريقية وكانت إمارته خمس سنين ونحو شهرين وكان سبب موته أنه حدد على كل فدان في عمله ثمانية عشر دينارًا فضاق الناس لذلك، وشكا بعضهم إلى بعض فتقدم إليه رجل من الصالحيـن اسمه حفص بن عمر الجزري مع رجال صالحين فنهوه عن ذلك، ووعظوه وخوفوه العذاب في الآخرة وسوء الذكر في الدنيا فلم يسمع لهم، ولم يجبهم أبو العباس إلى ما طلبوه من تخفيف الضرائب فخرج العلماء والصالحون من عنده وقصدوا مدينة القيروان فقال لهم الرجل الصالح حفص: لو أننا نتوضأ للصلاة ونسأل الله أن يخفف عن الناس ففعلوا ذلك، فما لبث العباس بعد ذلك إلا خمسة أيام وخرجت قرحة من أذنه التي لم يسمع بها الحق ومات " (الكامل لابن الأثير حوادث201) نسأل الله السلامة.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة