الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الإصلاح غايتنا المنشودة

من أعظم أدوات الإصلاح أربعة أشياء

الإصلاح غايتنا المنشودة
خالد آل رحيم
الخميس ٢٨ يناير ٢٠١٦ - ١٢:٥٢ م
1006

الإصلاح غايتنا المنشودة

كتبه/ خالد آل رحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

إن غاية ومهمة ووصية كل نبي ورسول وبالتالى كل متبع له هي الإصلاح؛ فقد كان الأنبياء دائمًا ما يعملون ويصلحون فى أنفسهم لإصلاح غيرهم، وهكذا لابد أن يكون أتباعهم؛ فالإصلاح هو أعظم وظيفة على وجه الأرض، كما قال تعالى على لسان شعيب عليه السلام: (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ).
وقال تعالى على لسان موسى مخاطبًا هارون عليهما السلام: (وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ).
والإصلاح كما قال ابن منظور: نقيض الإفساد  وأصلح الشيء بعد فساد أقامه، والإصلاح في الأرض لحفظها وحفظ من يعيش على ظهرها من الهلاك؛ قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)، والمصلحون لا خوف عليهم؛ فهم في مأمن من عذاب الله تعالى، فلا يخافون مما مضى ولا مما هو آت، وذلك بموعود الله تعالى القائل: (فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)، (فَمَنْ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
والمصلحون لا يضيع أجرهم كما وعدهم ربهم تبارك وتعالى القائل: (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ)، بل أعظم من ذلك أن الله تعالى أخبر من يعصيه بقبوله بشرط التوبة والإصلاح لما أفسده والاستمرار على ذلك، فنجد أن الله تعالى قرن التوبة بالإصلاح في آيات  كثيرة من القرآن الكريم: (ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)، (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)، (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
بل أكثر من ذلك أنه تعالى وعدهم بالأجر العظيم بشرط التوبة والاعتصام والإخلاص والإصلاح؛ فقال تعالى: (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا)، وقد ذكر صلى الله عليه وسلم الفضل العظيم لهذه الوظيفة فقال: "إن الدين ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها، وليعقلن الدين من الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل، إن الدين بدأ غريبًا ويرجع غريبًا، فطوبى للغرباء؛ الذين يصلحون ما أفسد الناس بعدي من سنتي". (الترمذي حديث صحيح).

ومن أعظم أدوات الإصلاح أربعة أشياء:

الأول: العلم بالشرع والعمل بالكتاب والسنة؛ (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا؛ كتاب الله وسنتي".
الثاني: العلم بالواقع والمحيط الذي يعيشه المصلح وكيفية التعامل معه وإصلاحه؛ كما كان أنبياء الله تعالى يدعون ويبينون لأقوامهم أنهم لا هدف من دعوتهم إلا الإصلاح لهم ولمجتمعاتهم  لينالوا رضا الله تعالى ويفوزوا بالدنيا والآخرة.
الثالث: العلم بضوابط الحركة وتطبيق القواعد الشرعية من مصالح ومفاسد ومراعاة موازين القدرة والعجز والممكن والمتاح وإنزال ذلك واقعًا عمليًّا لينجح المصلح فى تغيير الواقع الذي يعيشه ويحول الفساد الذي استشري فى المجتمعات إلى إصلاح يتبناه الجميع. 
الرابع: العلم بسبيل المفسدين كما نصح موسى هارون عليهما السلام (وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ).
لأن العلم بسبيل المفسدين مدعاة لتجنب طريقتهم والعمل على إصلاح ما أفسدوه؛ لأن الإصلاح نقيض الإفساد كما قال ابن منظور، فمن يستخدم هذه الأدوات ويعمل من خلالها في الإصلاح بدءًا من نفسه ثم أسرته فمجتمعه فدولته فأمته، متبعًا في ذلك مراتب الإصلاح؛ فيبدأ بإصلاح العقيدة ثم إصلاح العبادات فالمعاملات ثم منظومة الأخلاق، وصولًا إلى مجتمع مسلم يتبنى بمجمله قضية الإصلاح التي هي أعظم وظيفة للأنبياء وأتباع الأنبياء، ولمن أراد النجاة فى الدنيا والآخرة .. جعلنا الله من المصلحين الصالحين وجميع المسلمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة