الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فلا يصح الإجماع الذي نقله ابن العربي -رحمه الله-، وقد قال بالوجوب بعض الفقهاء وهو ظاهر الآية، وهذا الذي قلتُ إن الآية ظاهرها الوجوب، وأما الآية: (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ) فهي في الرهن عند عدم إمكان الكتابة، ثم لا يقول الجمهور بمفهومها في وجوب الكتابة عند عدم المن بل يقولون بالاستحباب أيضًا، وعلى أي حال فالمسألة فيها اجتهاد، وأنا لا أجزم بالوجوب.
2- أما الإشهاد على البيع فمستحب؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك الإشهاد على البيع فباع دون شهودٍ كما في حديث خزيمة بن ثابت -رضي الله عنه- الذي جعل الرسول شهادته بشهادة رجلين، فعن عمارة بن خزيمة: أَنَّ عَمَّهُ، حَدَّثَهُ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْتَاعَ فَرَسًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ، فَاسْتَتْبَعَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَقْضِيَهُ ثَمَنَ فَرَسِهِ، فَأَسْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَشْيَ وَأَبْطَأَ الأَعْرَابِيُّ، فَطَفِقَ رِجَالٌ يَعْتَرِضُونَ الأَعْرَابِيَّ، فَيُسَاوِمُونَهُ بِالْفَرَسِ وَلا يَشْعُرُونَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْتَاعَهُ، فَنَادَى الأَعْرَابِيُّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ مُبْتَاعًا هَذَا الْفَرَسِ وَإِلا بِعْتُهُ؟ فَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ سَمِعَ نِدَاءَ الأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ: (أَوْ لَيْسَ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ؟) فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: لا، وَاللَّهِ مَا بِعْتُكَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (بَلَى، قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ) فَطَفِقَ الأَعْرَابِيُّ، يَقُولُ هَلُمَّ شَهِيدًا، فَقَالَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَايَعْتَهُ، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى خُزَيْمَةَ فَقَالَ: (بِمَ تَشْهَدُ؟)، فَقَالَ: بِتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ. (رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني).
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com