الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فالصواب في هذه المسألة ليس التفريق بيْن ما كفره العمل أو بالاعتقاد؛ فكلاهما كفر، ولكن التفريق بيْن التصريح بعبادة غير الله "سواء على الإفراد أو الإشراك؛ إذ كلاهما كفر أكبر"، وبيْن طلب أو قول أو فعل أو اعتقاد ما حقيقته ولازمه عبادة غير الله، ولكن القائل أو الفاعل لا يعلم أن هذه عبادة، كما قال عدي بن حاتم -رضي الله عنه- عن طاعة الأحبار والرهبان في تبديل الشرع: "إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ"، فعنه -رضي الله عنه- قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ: (يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الوَثَنَ)، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) (التوبة:31)، حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، فَقُلْتُ: إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ, فَقَالَ: (أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونَهُ؟ وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟), قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: (فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ) (رواه الطبراني والترمذي، وحسنه الألباني)، فهذا لا بد أن يوضَّح له أن ما يفعلونه أو يطلبونه عبادة.
والصحيح في قصة بني إسرائيل أنهم صرَّحوا بطلب إله يعبدونه غير الله! وأن طلب ذلك كفر، لكن مَن رجع مِن ساعته بعد النية؛ فقد عاد إلى الإسلام: كالذين عبدوا العجل ثم تابوا ورجعوا بعد عودة موسى -عليه السلام- إليهم.
2- فهو لا يدري أنه شرك، ويمكن أن يكون الإنسان عالمًا ببعض المسائل وجاهلاً ببعضها، وهذه المسألة هي مِن لوازم "لا إله إلا الله" أو ضمن عمومها على الأصح، لكن ليست صريحة في نقضها "أعني اتخاذ ذات أنواط للتبرك"؛ ولذا احتاجت إقامة الحجة، فالذي يقول: أنا أعبد غير الله نقض توحيده بلا شك، والحجة مقامة عليه ببلوغ كلمة "لا إله إلا الله"، وكذا مَن يقول: فلان إله أو الشيء الفلاني أو القبر الفلاني إله! أما من يقول: مدد يا سيدي فلان، ويقول: أنا لا أعبده، بل هذا توسل؛ فهذا يحتاج إلى إقامة الحجة بأن ما يفعله عبادة، ولو لم يسمه عبادة، والدليل هذه القصة.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com