الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الريادة والتبعية

فلنعد إلى ديننا ولتكن الدنيا في أيدينا وليست في قلوبنا، مع تعميرها ومواكبة العصر بما لا يخالف ديننا

الريادة والتبعية
إيهاب شاهين
الثلاثاء ١٥ مارس ٢٠١٦ - ١٠:٥٤ ص
1051

الريادة والتبعية

كتبه/ إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فبعد أن كانت أماتنا على رأس الأمم وكل الأمم هي لها تبع، حدث أن تبدل الحال وانقلب الميزان، وصارت أمتنا تبعا لغيرها. وهذا التغير الذي حدث له مقدمات ونتائج؛ أما المقدمات فداخلية وخارجية: فأما الخارجية: فهي طبيعة الصراع البشري، أن كل أمة تحب أن تكون لها الريادة والصدارة وتصدر لغيرها حضارتها وما تريد أن تغزوها به، والمصدر المادي المتحكم في ذلك القوة العسكرية والاقتصادية لدي كل أمة، وحيثما كانت هاتين القوتين كان الغلبة لمن حازتها، ويتبع ذلك الأمر حتى تتم السيطرة والتحكم في الدول لآماد طويلة تأتي مرحلة الغزو الفكري، وصبغ الدول المتأخرة اقتصاديا وعسكريا بصبغة الدول المتقدمة، وذلك عن طريق الصناعة الإعلامية للرموز، ولو كانت خيالية غير حقيقية أو صناعة نماذج من بيئة الشعب، طبعا بعد أن تتم السيطرة الفكرية عليه وإبهاره هو ذاته بالمفاهيم التي يريدونها حتي يكون أنموذجا لشعبه، ثم يحدث نوع من الانبهار العقلي للشعب، ويظل مثله الأعلى الذي ينظر إليه، وبالتالي سيأخذ ما يقوله بعين الإكبار والانبهار، فيتشبع بما يراد له ويسير بالتوازي مع هذه الخطوة إسقاط الرموز الحقيقية لدى هذا الشعب حتى لا يدعون فرصة لليقظة لأنهم يعلمون أن الأمة التي ليس لها ماض مشرف يتمسكون به ليس لها مستقبل مشرق ولا حاضر مفيد، وهم يعلمون بالفعل كيف كان الماضي بالنسبة لأمتنا، فهم لا يألون جهدا في تبديل وتغير التاريخ، أو إبعاد أمتنا عن تاريخها إن عجزوا عن تغييره ومحوه، حتى نبحث عن بديل في الحضارة الغربية، وتتم الصبغة بحضارتهم كما يريدون.

وأما الداخلية فهي تتمثل في أمرين: الأول: نسيان أمر الآخرة والانغماس في الطغيان المادي. والثاني: عدم العمل بالإسلام. وحينها نفقد مصدر قوتنا وعزنا، وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك الأمر بقوله - صلى الله عليه وسلم- "يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها". قيل: يا رسول الله! فمن قلة يومئذ؟ قال: "لا ولكنكم غثاء كغثاء السيل، يجعل الوهن في قلوبكم، وينزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت". فحب الدنيا عندما يغمر القلب مع نسيان الآخرة يجعل أمتنا عددا لا قوة ولا ميزة له، لأننا أمة قوتها في تمسكها بدينها وأخلاقها ومبادئها، ومتى تخلينا عن ذلك ونسينا الآخرة أصابنا الوهن، ومن ثم تسلط الدول الغربية علينا. والأمر الثاني أوضحه عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوله "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله". فإسلامنا دين شامل لكل نواحي الحياة؛ اقتصاد واجتماع وسياسة ومعاملات وحرب وسلم وعلاقات داخلية وخارجية كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}. والدول الغربية تعلم ذلك، ويعلمون أن دين الإسلام شامل، وهو مارد عملاق لو أفاق أهله لغزوا العلم أجمع. إذن العبرة "لو أفاق أهله". أما النتائج المترتبة على ذلك فهي معلومة لنا سلفا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم- وهي التبعية التامة لغيرنا، وهذا ما يريدونه منا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" قالوا: يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال - صلى الله عليه وسلم-: "فمن؟!". فإذا نحن ابتغينا رضى الله وعودة العزة لنا والريادة، وأن نقود غيرنا حتى نصبغهم بإسلامنا السمح، ويعرفوه عن قرب فيألفوه ويدخلون فيه، فلنعد إلى ديننا ولتكن الدنيا في أيدينا وليست في قلوبنا، مع تعميرها ومواكبة العصر بما لا يخالف ديننا، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم". وكما بين النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها". والحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً