الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

التواني والكسل في الدعوة إلى الله بين الأسباب والعلاج

جماع ذلك كله أن يقوي العبد علاقته بربه، ويعلق قلبه به ويخضع له ويتوكل عليه حتى يتسنى له رؤية الأمور على حقيقتها

التواني والكسل في الدعوة إلى الله بين الأسباب والعلاج
محمد القاضي
الأربعاء ١٦ مارس ٢٠١٦ - ١٣:٥٩ م
2152

التواني والكسل في الدعوة إلى الله بين الأسباب والعلاج

كتبه/ محمد القاضي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

لا شك أن الدعوة إلى الله تبارك وتعالى أشرف الأعمال على الإطلاق، والدليل على شرفها وعلو منزلة من يعاينها قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، قال الحسن: هذه الآية عامة في كل من دعا إلى الله. وكذا قال قيس بن أبي حازم قال: نزلت في كل مؤمن. وقوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.

فهذه النصوص وغيرها كثير تدل على شرف الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ومكانتها لكن الواقع يتحدث أن هناك توانٍ وكسل عند الكثيرين في الدعوة إلى الله عز وجل، وهناك أسباب ظاهرة أدت إلى هذا الكسل والفتور، منها:

أولا: ضعف الإيمان الذي أصاب الكثيرين مما أدى إلى ضعف الهمة عن الطاعات جملة، وعن العمل الدعوي بشكل خاص.

ثانيا: عدم تقدير كثير من الإخوة للعمل الدعوي التقدير اللائق به واستشعار أهميته؛ إما لغياب المعاني الشرعية التي تدل على ذلك عنه، أو معرفة المعاني لكن عدم بروزها في القلب نتيجة كثرة الانشغال بالمباحات أو المعاصي والمخالفات.

ثالثا: كثرة التشاغل بالدنيا والانهماك في تحصيلها.

رابعا: عدم معرفة طبيعة الطريق وأن الدعاة إلى الله طريقهم ليس مفروشا بالورود بل يمر عبر الأشواك والابتلاءات مما يترتب عليه عدم توطين النفس على كل الاحتمالات.

خامسا: استعجال النتائج يؤدي في النهاية إلى التواني والكسل بحجة أنه "لا فائدة".

سادسا: الشعور بالإحباط عند الإخفاقات الدعوية

سابعا: غياب الرؤية عن كثير من الدعاة وعدم وضوح الهدف.

ثامنا: الدعوة دائما في آخر سلم الاهتمامات، وعندما تنظر إلى الأعمال التي يقوم بها الأخ في اليوم والليلة تجد أنه يعطي الفتات من الوقت للدعوة.

تاسعا: غياب التوفيق عن العبد فإن الله إذا أحب عبدا استعمله في نشر الخير بين الناس، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من يرد الله به خيرا يفقه في الدين".

عاشرا: غياب البصيرة التي تنجيه من الحيرة والتي يستمدها العبد في دعوته إلى الله من الكتاب والسنة، وكلما كان العبد ألصق بهما كلما زادت بصيرته، وانفتحت في القلب عينان يبصر بهما ما أعد الله من الثواب للدعاة، والذين يحملون هم الدين فيدفعه هذا إلى المزيد من الجهد والبذل والعطاء في الدعوة إلى الله، وكلما غابت عنه هذه البصيرة لم يستطع أن يميز بين الأمور واهتم بسفاسفها على حساب المهم منها.

حادي عشر: تسرب الدنيا إلى النوايا وهذا أمر في منتهى الخطورة على المصليين وعباد الله الصالحين، التنازع على المناصب الدينية يؤدي إلى الفتور وترك العمل بالكلية عندما لا يجد العبد نفسه في المنصب الذي يريد، بل قد يؤدي النزاع إلى التقاطع والتدابر وكل هذا يؤدي إلى التواني في العمل الدعوي، بل قد يؤدي إلى الانقطاع.

والأسباب كثيرة ولكن ذكرنا بعضها أو المهم والبارز منها، الذي يؤدي إلى هذه الظاهرة.

وعلاجها في العمل الدعوي يكمن في الآتي:

الأول: الأخذ بأسباب قوة الإيمان، فإن الايمان عندما يزداد في قلب العبد يؤدي إلى زيادة العمل ولا بد.

الثاني: إمرار الأدلة الشرعية على وجوب الدعوة إلى الله على القلب، وتكرارها عليه حتى يستشعر العبد أهمية هذه العبادة ومكانة من يجتهد في هذا الباب عند الله، أنها طريق الأنبياء من قبل والطريق الذي سلكه نبينا - صلى الله عليه وسلم- {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ}، وإفراد السبيل دليل على وجوبها.

الثالث: نشر روح التفاؤل والأمل بين العباد، ونفض روح الهزيمة والانكسار خصوصا في أوقات الإخفاقات الدعوية.

الرابع: وضوح الرؤية بالنسبة للدعاة وتحديد الأهداف.

الخامس: علو الهمة في طلب الآخرة تفتح الطريق أمام العبد في الانشغال بما ينفعه وحسن ترتيب أولياته والانشغال بالدعوة إلى الله وعدم إعطائها فتات الأوقات.

السادس: استشعار العبد أهمية الدعوة في إصلاح أحوال المجتمع، فإن الدعوة هي طريق الأنبياء في التغيير وأنه لا يبذل وقته سدى إنما يدخر الله له الثواب عنده.

وجماع ذلك كله أن يقوي العبد علاقته بربه، ويعلق قلبه به ويخضع له ويتوكل عليه حتى يتسنى له رؤية الأمور على حقيقتها، وبالله التوفيق.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة