الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

ماذا تفعل لو كنت مكاني؟

هذه هي القوة: ألا تتوقف إذا تعثرت، بل تستأنف السير وتتفادى العثرات في المستقبل

ماذا تفعل لو كنت مكاني؟
إسماعيل الغندوري
الثلاثاء ٢٩ مارس ٢٠١٦ - ١٢:١٩ م
1453

ماذا تفعل لو كنت مكاني؟

كتبه/ إسماعيل الغندوري

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

)المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ولكن قل: قدّر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان). رواهُ مسلم.

أصبح العجز الآن سمة بعض الصالحين، لا يستطيع أن يقدّم شيئا يخدم به أمته ومجتمعه ودعوته، وصار أقوى شيءٍ عند البعض نقد الآخرين وإلقاء اللوم عليهم وتشويههم، حيلة دفاعية: الإسقاط على الغير ورميهم بعيب هو فيه، وقد يكون عيبه أقبح ممن يلوم عليه.

قبيح من الإنسان ينسى عيوبه ** و يذكر عيبا في أخيه قد إختفى
ولو كان ذا فضل لما عاب غيره ** وفيه عيوب لو رآها بها اكتفى

لن يسألك الله عز وجل يوم القيامة عن غيرك؛ لماذا فشل وفسد؟ ولكن سيسألك عن نفسك، فكن ناجحاً فيما فشل فيه غيرك، وأصلح ما أفسده الآخرون.

قال عمر رضي الله عنه: (اللهم إني أعوذ بك من جَلَد الفاجر وعجز الثقة) في الوقت الذي نرى فيه بعض الفاسدين مجتهدين في نشر فسادهم وأقوياء في الدفاع عن أخطائهم وناجحين ظاهريا في حياتهم، نرى بعض الصالحين عاجزين عن إصلاح مجتمعاتهم كسالى في نشر دعوتهم فاشلين في حياتهم.

كيف يكون غير الصالح قوياً مجتهداً نشيطاً ويكون الصالح ضعيفاً مفرطاً فاتراً؟! نعوذ بالله مما استعاذ منه أمير المؤمنين.

أيها الصالح: قدوتك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنجح رجل في التاريخ؛ ناجح في دعوته، في إدارته، في أسرته، في عبادته، وفي كل شئون حياته، وقد قال لك: (المؤمن القوي خيرٌ وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير) فلماذا لا تتنافس على المرتبة العالية؟! ولماذا لا تأخذ بأسباب القوة؟! كيف تفرط في ذلك؟! ولماذا ترضى أن تكون ضعيفاً؟!.

ثم يبين لك أسوتك -صلى الله عليه وسلم- السبيل إلى أن تكون مؤمناً قويا في أربع خطوات؛ تعالج ضعفك، وتجعلك خيراً وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، خطوات بسيطة متتابعة تحتاج منك إلى تأمل وتنفيذ وتفكير

الخطوة الأولى: (احرص على ما ينفعك) هكذا مطلقة، لم يقيدها بقيد، لم يقل احرص على العبادة فقط، ولم يقل احرص على طلب الرزق وجمع المال، ولم يقل في آخرتك أو دنياك، لتشمل الحرص على كل ما ينفعك في دنياك وأخراك، لتكون يدك العليا وتكون قوياً وتنفع الناس ولا تحتاج إلى أن تمد يدك، فاعمل واجتهد واحرص على ما ينفعك.

الخطوة الثانية: (واستعن بالله) ولا تنسَ ربك، وإياك أن يلتفت قلبك إلى الدنيا وزخرفها، واطلب العون منه سبحانه، فالأمر بيده والعون منه وحده، وهو سبحانه خير الرازقين، وإن أصبت خيرا فلا تقل: (إنما أوتيته على علم عندي) بل كلٌّ من عند الله وهو الذي أعانك على فعل الخير.

الخطوة الثالثة: (ولا تعجز) لا تكن عاجزاً، ولا تقل لا أستطيع، بل حاول واجتهد واستبشر وقم بما عليك، لا تستسلم للكسل والضعف، بل تحرك واعمل وثق في قدراتك ولا تحقر نفسك، تشجع وكن عالي الهمة، أنت تستطيع أن تقدم كثيراً، أصلح الكون، لا تعجز ولا تيأس واجتهد.

الخطوة الرابعة: (وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان) لن تستطيع تغيير الماضي؛ فقد مضى وانقضى، وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، فلا تحبس نفسك في سجنِ ما وقع من أخطاء ومصائب، انظر إلى الأمام، كلمة (لو) لن تغير مما حدث، فقد وقع ما قدّر الله، فأوقد شمعة ولا تكثر لعن الظلام، ولا تعطي الفرصة للشيطان وتفتح له باباً يدمر مستقبلك وعملك، افتح صفحة جديدة؛ لأن صفحة الماضي قد مرت وانقضت، ولا تنظر إليها إلا لتتعلم منها وتستفيد، ولا تجعلها عائقاً لك في حياتك، هذه هي القوة: ألا تتوقف إذا تعثرت، بل تستأنف السير وتتفادى العثرات في المستقبل؛ فالمؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وأنت لست ضعيفاً.

اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة