الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

من لأمتنا ؟!

هذا وعد الله، ووعد الله لا يُخلف، لكنها مسألة التوقيت المقدر والأجل المحدد

من لأمتنا ؟!
سالم أبو غالي
الخميس ٠٧ أبريل ٢٠١٦ - ١١:٤٥ ص
2262

من لأمتنا ؟!

كتبه/ سالم أبو غالي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

نظراً لما يمر بنا من أحداث متوالية تنتاب أمتنا، وتنال من عزتنا وكرامتنا، وتكالب القاصي والداني علينا مضرون أن نصرخ لكل غيور:

من لأمتنا ؟! من لصرخات الثكالى.. من لأنات الصغار.. من لأمتنا تعاني

تشتكي ذلاً وعارًا ؟!

لا تتعجب أخى الحبيب؛ فأنت إذا وضعت يدك على خريطة العالم الآن ووجدت فيها دماءً فاعلم أن هذه الدماء دم مسلم !!!!

بل إن وضعت يدك على خريطة العالم ووجدت فيها اغتصابا لامرأة فاعلم أنها مسلمة !!!

فهل لهذه الأمة من رجل كصلاح الدين ؟!!؛ طرد الفرنجة القدامى من بلاد الشام ومصر والعراق، وحرر دمشق والقدس من أيديهم، وقد قال قولته الشهيرة: "لن يرجعوا إليها ما دمنا رجالا "

ولكن للأسف .. رجعوا في المرة الأولى بعد الحرب العالمية، ولما دخل قائدهم إلى دمشق ووقف عند قبره قال: ها قد عدنا يا صلاح الدين!

نعم رجعوا .. فسفكوا دمائنا، وقتلوا شبابنا، وانتهكوا أعراضنا، وهدموا منازلنا على مرأى ومسمع من العالم كله.

نعم رجعوا .. وها نحن نشاهد القتل في العراق، والقتل في أفغانستان، والقتل في فلسطين، وفي السودان، في الصومال، وفي مضايا، نعم مضايا؛ التى تحكي قصة أهالي قضى عشرات منهم جوعا بينما فقد الباقون الأمل بالحياة؛ بعدما حرمهم حصار الجيش السوري وحزب اللات حقهم بالأكل، حتى أوراق الشجر التي يقتاتون عليها باتوا يتخوفون من انقطاعها، من دون أن يحرك ذلك شيئا من الضمير الإنساني.

لم يتناول أبو عبد الرحمن، ابن مدينة الزبداني السورية، والذي لجأ إلى مضايا هربا من الحرب أي طعام لمدة أربعة أيام .. وظهر وهو يتكلم بصوت مبحوح لموقع إلكتروني.

يقول أبو عبد الرحمن بصوت متقطع عبر الهاتف: إن أهالي مضايا يتراجع الأمل لديهم يوما بعد يوم وتتضاءل فرصهم بالحياة، مشيرا إلى أنه لم يعد هناك قطة أو كلب على قيد الحياة في البلدة، كما أن الأهالي يتخوفون من أن تنتهي أوراق الشجر التي يقتاتون منها.

وهاهي المأساة تتكرر من جديد في الفلوجة بالعراق.

حقيقة .. إن العالم الحر يلطخه العار من مفرق رأسه إلى أخمص قدميه؛ هذا العالم الذي لا يحرك جيوشه الجرارة إلا لحماية الرجل الغربي الأبيض، ومناصرة الأقليات والطوائف التي تخدم مصالحه، أما الأبرياء ودماؤهم فلا أكثر من الشجب والاستنكار ودعوات ضبط النفس، سقطت في مضايا والفلوجة وغيرها شعارات حقوق الإنسان، وسقطت منظمات وهيئات لا تحركها إلا أيادٍ خفية، تحت مسميات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.

لما وصل الخبر لصلاح الدين أن القائد الفرنجي أرناط حاكم الكرك في فلسطين قام بقطع الطريق على الحجاج المسلمين، وقتل النساء والأطفال والشيوخ، وكان يقول: قولوا لمحمدكم أن يدافع عنكم، اطلبوا منه، وشاء الله أن ينجو رجل بنفسه ويذهب إلى صلاح الدين ويخبره بما حدث، فماذا كان موقفه ؟ اعتزل صلاح الدين في بيته، وأخذ بالبكاء يومين كاملين، وهو يقول: يا رب هل تسمح لي أن أنوب عن رسولك محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الدفاع عن أمتك ؟ وما زال يكررها حتى اليوم الثاني؛ ثم أعدّ جيشه، وقال فيهم هذه الخطبة الصغيرة: يا جند محمد -عليه الصلاة والسلام-: إن أرناط حاكم الكرك في فلسطين قد تجبر وعلا وقتل حجاج بيت الله الحرام، وسفك دماء الأطفال والنساء، وهو يقول: قولوا لمحمدكم أن يدافع عنكم؛ وأنا قد وهبت نفسي وروحي لأنوب عن محمد -صلى الله عليه وسلم- في الدفاع عن أمته، ولأقص رقبته، فمن أراد الذهاب معي فليلحقني، فقال جنده جميعاً بصوت واحد: كلنا فداء لرسول الله.

وعندما دارت معركة حطين وانتصر فيها صلاح الدين ووقع أرناط في الأسر؛ قال صلاح الدين له: أنت الذي قلت قولوا لمحمدكم أن يدافع عنكم ؟ قال: نعم، فأجاب صلاح الدين: وأنا العبد الفقير الذي تراه أمامك قد ناب عن رسول الله في الدفاع عن أمته، وقصِّ رأسك؛ ثم قتله.

السؤال الذى يلح فى صدر كل غيور منا الان: ما الحل ؟

والجواب أن عزتنا وكرامتنا لن تعود لنا إلا اذا عدنا رجالاً كما قالها صلاح الدين، ولن نكون رجالاً إلا إذا تمسكنا بديننا ودافعنا عن شرعنا وتحاكمنا إلى كتابنا، وسعينا في تعبيد الناس لرب الناس قال تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } النور (55)  .

ولننظر في حال الأمة الإسلامية في صدر الإسلام، وعصر القرون المفضلة، وما سطره التاريخ الإسلامي المجيد بأحرف من ذهب على صفحات مشرقة، يوم أن كانت الأمة الإسلامية متمسكة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، شعارها العز والمجد، وسلاحها الإيمان والصدق، نصرت كتاب الله فنصرها الله، صدقت مع الله فصدقها الله وعده، فتحت البلاد وأصلحت العباد، وأرهبت الأعداء، ودانت لها الأمم والشعوب، ودكت عروش الباطل وصروح الكفر، فدخل الناس في دين الله أفواجاً، ورفرفت راية التوحيد على أقطار المعمورة.

بالمقاييس المادية يظنّ الناظر إلى أحوال المسلمين اليوم أنها سوداء قاتمة، ولربما كانت في موازين الإيمان مبشّرةٌ مُطمئنة، فكلما اشتدّت المحن قرب انبلاج الفجر، والمسلم لا يدري متى النصر، إلا أننا نعلم أن الأصل في الإسلام العلوُّ والسيادة والتمكين، فلا نستيئس من ضعف المسلمين حينا من الدهر، فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يعلو ولا يُعلى» وأخبر باستمرار ديانته فقال: «ولا يزال الإسلام يزيد، وينقص الشرك وأهله، حتى تسير المرأتان لا تخشيان إلا جوراً، والذي نفسي بيده، لا تذهب الأيام والليالي حتى يبلغ هذا الدين مبلغَ هذا النجم» .

إنها بُشريات تذيب كل يأس، وتدفع كل قنوط، وتثبت كل صاحب محنة، وتريح قلب كل فاقد للأمل من أبناء هذا الدين؛ «بشِّر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض»

هذا وعد الله، ووعد الله لا يُخلف، لكنها مسألة التوقيت المقدر والأجل المحدد، ولئن مرّت الأمة بفترات ضعْف فلا ننسى أنها تقادير الله القادر على إعادة عزّ ضاع وسيادة مضت.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


تصنيفات المادة