الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

عبدٌ موفَّق

هذا يوم الصديق رضي الله عنه لما عمّر وقته بطاعة الله بارك الله له في كل وقته

عبدٌ موفَّق
إيهاب شاهين
السبت ١٦ أبريل ٢٠١٦ - ١٠:٤٥ ص
1294

عبدٌ موفَّق

كتبه/ إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

عندما يحالف توفيق الله العبد ستجد بركة في وقته وعمله وقلمه، طالما كان محتسبا كل حياته لله تعالي. ولقد كان الصحابة والسلف الأول قائمين على طاعة الله فكانت البركة ملازمة لهم دائما، في جلسة في الصباح يتفقد فيها النبي - صلى الله عليه وسلم- أصحابه كما هي عادته دائما - صلى الله عليه وسلم-، سأل الصحابة عدة أسئلة كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا. قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا. قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا. قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ».

قام أبو بكر رضي الله عنه بهذه الأعمال الأربعة في وقت قصير جدا في الصباح، قبل أن يعرف فضل هذه الأعمال، مما يدل على حرص الصحابة لا سيما أبو بكر رضي الله عنه على الأعمال التي يحصَل بها العبد رضي الله تعالى.

كان السؤال الأول: من النبي صلى الله عليه وسلم عن الصيام، والمقصود به صيام التطوع، والصيام من أفضل الأعمال التي تزكي العبد وتعلي قدره عند الله تعالى، ولقد شرع الله لنا صيام رمضان شهرا في السنة، وسن لنا النبي - صلى الله عليه وسلم- التطوع منه طوال العام حتي يكون العبد موصولا بالله تعالى. ومن فضائل الصوم قول النبي - صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به». ومما يدل على فضله أيضا: قوله - صلى الله عليه وسلم- «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا».

السؤال الثاني: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟» اتباع الجنازة جعلها النبي - صلى الله عليه وسلم- حقا من حقوق المسلم، فقال - صلى الله عليه وسلم- «حقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ». ورغَّب في الأجر لمن يصلي عليها ويتبعها حتى تدفن، فقال - صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ». قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ». واتباع الجنازة حتي تدفن يجعل المرء يزور القبور، وفي ذلك رقة للقلب وارتباط بالآخرة وتذكر لمآل العبد، وأنه مهما جمع وعمًر في الدنيا فمآله للقبر قبل القيامة، ولذلك حث النبي - صلى الله عليه وسلم- على زيارة القبور لهذا الغرض فقال - صلى الله عليه وسلم- «زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ الْآخِرَة».

السؤال الثالث: "فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا". إطعام الطعام مما يفك رقبة العبد من النار، كما قال ﷻ: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ﴾. وانظر كيف ذكر الله حال الكافرين البخلاء أنهم لم يكونوا يطعمون المسكين، كما قال - جل جلاله- عن المجرمين: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾. وقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم- على الإطعام، ورتب عليه أجرا عظيما عند الله تعالى قال - صلى الله عليه وسلم-: «إن في الجنة غرفا ترى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها». فقام أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله؟ قال: «لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى لله بالليل والناس نيام».

السؤال الرابع: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟» أيضا جعلها النبي - صلى الله عليه وسلم- من حقوق المسلم فقال في الحديث «وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ». وقال - صلى الله عليه وسلم- «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ». قال ﷻ في الحديث «يا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، وَلَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ وَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي. فَيَقُولُ: كَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا اسْتَطْعَمَكَ فَلَمْ تُطْعِمْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي؟ وَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي. فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، وَكَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا اسْتَسْقَاكَ فَلَمْ تَسْقِهِ، وَلَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي؟»

فهذا يوم الصديق رضي الله عنه لما عمّر وقته بطاعة الله بارك الله له في كل وقته. نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى. والحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة