الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

أيديولوجية الصراعات

تميعت قضايا الولاء والبراء بين صانعي هذا التاريخ المزور، ونسوا أو تناسوا أصول هذا الصراع المستمر عبر الأجيال

أيديولوجية الصراعات
إسلام مصطفى عبد المجيد
الخميس ١٩ مايو ٢٠١٦ - ١٣:٢٨ م
1068

أيديولوجية الصراعات

كتبه/ إسلام مصطفى عبد المجيد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

لا نستطيع الجزم بأن كل صراع حدث في التاريخ القديم والحديث سببه الاعتقادات والأفكار، إلا أن الصراعات العقائدية هي الأكثر ثباتًا واستمرارًا عبر العصور والأجيال.

فالصراعات التي يكون سببها المال أو السلطة أو غيرها من الأسباب قد أكثرت كتب التاريخ في سردها وحكاية تفاصيلها، والعجيب .. أن القرآن تجاهل كل أشكال الصراعات التي ارتكبتها البشرية، ولم يذكر إلا نوعا واحدا هو: الصراع بين الحق والباطل، والإيمان والكفر ..

رغم أن التأريخ قد يكون لنفس الحقبة الزمنية إلا أن القرآن لم يشغلنا بهذه الصراعات التافهة التي لا قيمة لها، والتي لا تستمر ويزول أثرها.

فانظر مثلًا لعصر (الفراعنة)؛ تجد المؤرخين يذكرون الحروب والقتال والتهجير، أما القرآن فلا يذكر إلا قصة موسى عليه السلام وصراعه لفرعون إلى أن أهلكه الله.

والملاحظ أن الذين أرخوا لهذه الفترة من الفراعنة تجاهلوا مثل هذا الحدث العظيم، وهو انشقاق البحر وغرق فرعون وجنوده!، ولا تجده مدونًا إلا عند أهل الديانات السماوية.

وكأن المطلوب إما إخفاء هذا النوع من الصراع تماما وإظهار بدلًا منه عدوان الهكسوس وصراعات نفرتيتي وأقاربها على الحكم!، أو إظهاره على أنه صراع على سلطة أو مال أو غيرها من الأسباب.

وتجد التأويل الأخير هذا هو السائغ في كلامهم تزويرًا لحقائق التاريخ، وبناءً لقناعاتهم في نفوس المسلمين.

فالرأسماليين يفسرونه بالحرب لأجل المال والثروات.. والشيوعيين يفسرونه بصراع الطبقات على السلطة.. والفرويديين يفسرونه بالصراع لأجل الجنس..

وتبقى طبقة كبيرة من المسلمين قد انخدعوا بكلام هؤلاء فظنوا بأن نزوح التتار إلى بلاد المسلمين كان لأجل أموالهم، وأن الحروب الصليبية كانت لأجل ثرواتهم، بل حتى يُصرح بعض المسلمين بأن الخلاف بيننا وبين اليهود إنما هو لقطعة من الأرض المغتصبة فإن تركوها زالت العداوة.

فتميعت قضايا الولاء والبراء بين صانعي هذا التاريخ المزور، ونسوا أو تناسوا أصول هذا الصراع المستمر عبر الأجيال..

قال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة