الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

فتى أخدود الصحوة الإسلامية

فيا شباب الصحوة، من يكون مثل هذا الغلام؟

فتى أخدود الصحوة الإسلامية
عمرو طه الزواوي
الأربعاء ٢٥ مايو ٢٠١٦ - ١١:٣٧ ص
1490

فتى أخدود الصحوة الإسلامية

كتبه/ عمرو طه الزواوي

 -في أثناء هذه المرحلة الانتقالية التي تعيشها مصر، وبالتالي تعيشها الصحوة الإسلامية، وبعد هذا الانفتاح الذي شهدته المساحات الدعوية، والذي بدوره استنزف العديد من الموارد المالية والإعلامية وأخيرًا البشرية، وهذا أفرز تباعًا سؤالًا إجابته قد تكون هي المحرك للصخرة التي أغلقت الغار.

- ما أكثر مورد تحتاج إليه الدعوة في وقتنا الحالي؟

سؤال من أهم الأسئلة التي لا بد أن تطرح على ساحة العمل الإسلامية، لماذا؟

لأن عند معرفة جوانب النقص في قالب الصحوة الإسلامية ستوجه آليات الإصلاح في إكمال جدران هذا القالب؛ حتى يتماسك البناء عند التعرض لأي ضغط من الضغوط، حقًا سؤال مهم..

 

هل هي الموارد المالية؟

- نعم تحتاج إلى المال في إقامة المشاريع الدعوية، والأعمال الإصلاحية، والخدمات الاجتماعية، لكن ليس هذا هو المورد الأهم..

-هل تحتاج إلى الموارد الإعلامية؟

نعم تحتاج إلى الموارد الإعلامية في نشر التوعية الإسلامية، ومبارزة الاتجاهات التغريبية، وتدعيم الأعمال الإنسانية، لكن ليس هذا هو المورد الأهم.

 

إن مشكلة مشاكل الصحوة في الموارد البشرية، إن أزمتنا أزمة رجال، لا ليست في الكم بقدر ما هي في الكيف، وكم من دعوات نجحت، لكنها كانت قائمة على فرد واحد في البداية، إلا أن هذا الفرد استطاع التميز، بل وصنع أفرادًا متميزين، وإذا ذكرنا التميز، فلا بد لنا من ذكر هذا المثال المتميز.

كان غلامًا، لكن في ثياب رجل:

هذا الغلام كان وحده هو مشروع الصحوة في أمته كان فردًا لكنه بأمة، كم تحتاج الصحوة لمثل هذا الفتى النابغ، في الجانبين: الحركي البذلي، والتفكيري الإبداعي؟

 

انظر إليه، وهو يتحرك يمنة ويسرة، يذهب إلى الراهب فيتعلم منه، فيتأخر عنده، ثم يذهب إلى الساحر فيضربه على التأخير، فيصبر، ثم يذهب إلى بيته متأخرًا، فيضرب، ثم يصبر، جانب حركي بذلي فريد.

دققَّ في فهمه وهو غلام، يرى الدابة يريد أن يطمئن قلبه، دعوات خافتة وهو يمسك الحجر "اللهم إن كان أمر الراهب حقًا فاقتل الدابة" فتزاح الدابة من على الطريق، فيطمئن قلب الغلام، تفكير وفهم.

صورة من التميز التفكيري الإبداعي، استغلال القدرات المهداة والمواهب الممنوحة من الله في الوصول إلى الهدف، فها هو فتانا رزقه الله موهبة الشفاء بإذن الله، فيستغلها في دعوة الناس للتوحيد، فيؤمن بذاك الكثيرمن الناس، ومنهم شخص من النخبة، إنه جليس الملك.

تجاوب مع رعشاته، وشعر بنبضات قلبه، إنه غلام، لكنه يقف في مشهد مهيب تنخلع له القلوب، ها هو معلمه الراهب، يُوضَعُ المنشار في مفرق رأسه، يأبى الرجوع عن الحق، يشق نصفين، وتنسال الدماء، وتقع الأعضاء، والفتى

ينظر لهذا كله، رابط الجأش، قوي الشكيمة، والآن الدور على من؟

إنه جليس الملك، وما فعل مع الراهب هو هو..

والفتى مصمم على التمسك بدينه، يأبى إلا المضي قدمًا في دعوته، نبوغ في الجانب الحركي البذلي.

لحظة فارقة، وقرار خطير، يردد الهواء صدى دعواته "اللهم اكفنيهم بما شئت" يرتج الجبل، يتساقط الجنود، ينتصر الحق المتمثل في الغلام، هل يرجع للملك؟

يأبى عليه الجانب الحركي إلا الرجوع.

تتألق عينا الفتى لمعانا وهو يدخل على الملك بخطوات واثقة.. يسأله الملك وقد غطاه الاندهاش، أين أصحابك، فيقول: " كفانيهم الله بما شاء".

يوصل رسالة ضمنية إلى الملك أنه على الحق، والملك بجبروته وقوته على الباطل، يا له من نابغ في الجانب التفكيري.

نفس المشهد، لكنه في عرض البحر، وتكون النتيجة هي هي، هل يعود؟!

يجيبه الجانب الحركي أن نعم، ويعرض عليه الجانب الإبداعي تلك الفكرة :إنه لو أمن الملك هذه المرة، فلا بد من طريقة كي يؤمن بها الشعب، والآلية :"تجميع، ثم تضحية، ثم إبراز الكرامة، ثم الإيمان" لاقت تلك الآلية قبولًا عند عقل الغلام

لكن مهلًا، إنه سيضحي بعمره!!

يبرز له الجانب الحركي البذلي قائلًا: "وماذا في ذاك؟ وهل لك في الحياة إلا دعوتك؟" فيستقر في نفسه ما تردد.

مشهد مهيب، مشهد حضور القوم، الفتى لن يتردد في بذل حياته، لن يتراجع عن قراره، إيمان القوم أغلى من حياته، أمة مقابل فرد، لا بل أمة في الجنة وفرد يسبقهم بإذن الله..

"بسم الله رب الغلام"

صوت اختراق السهم يشق الهواء،.تتناثر الدماء على وجه الغلام، يترك الحياة راضيًا، لقد أدى ما عليه، وتكون نتيجة تضحياته "آمَنَّا بالله رَبِّ الْغُلَامِ".

لقد مات الغلام لكنه تركها لنا، قصته، قصة التميز في الجانب الحركي البذلي، وفي الجانب التفكيري الإبداعي.

فيا شباب الصحوة، من يكون مثل هذا الغلام؟

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة