الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

منيحة الله الجليل

هنيئًا لمن اهتم بقلبه في السباق إلى ربه

منيحة الله الجليل
إيهاب شاهين
الاثنين ٣٠ مايو ٢٠١٦ - ١٦:٥٠ م
1140

منيحة الله الجليل

كتبه/ إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

قال أبوبكر المزني "رحمه الله": "ما سبقهم أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة، ولكن بشيء وقر في قلبه، فالمسابقة إلى الله -تعالى- حقيقتها بالقلوب، وكلما اكتملت أعمال القلوب، كانت هي الدافع الأكبر للجوارح؛ لأن تعمل وتجتهد، ولذلك حثنا الله -عز وجل- أن نصل إلى أقصى ما نستطيع في أعمال القلوب لأنه لا سلطان لأحد عليها، لذلك قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.

أما أعمال الجوارح، فقد قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} لذلك كان اهتمام الصالحين بقلوبهم أكثر من جوارحهم، وكذلك الاهتمام بإكمال أعمال القلوب أبعد عن الرياء، وأقرب إلى الإخلاص، لأنه لا يرى ما في قلبك إلا الله تعالى، فكان أبعد عن الرياء، ومن رحمة الله –تعالى- بعباده أن هيّأ لهم مواسم يستعينون بالله فيها على تنقية ما أصاب القلوب من عطب، حتى تستشعر حلاوة العبادة والقرب من الله في مثل هذه المواسم، ومن أعظم المواسم التي امتن الله بها علينا شهر رمضان، تسلسل فيه الشياطين ومردة الجان، وتفتح أبواب الجنان، وتوصد أبواب النيران.

 الأسباب التي تعرقل مسيرة القلب تحد، وعلى العبد الاهتمام بالقلب حتى يحصل المراد في هذا الموسم، وها قد مرت علينا ليلة يطلع الله فيها إلى قلوب العباد، ويدعوهم إلى تنقيتها من كل شحناء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يَطَّلِعُ اللهُ -تبارك وتعالى- إلى خلقِهِ في ليلةِ النصفِ من شعبان، فيغفرُ لجميعِ خلقِهِ إلا لمشرك أو مشاحن"  فهذه منيحة الله لعباده؛ لمن استطاع أن يقاوم هواه وشيطانه، ويعفو ويغفر حتى يكون أقرب إلى أن يعفو الله عنه ويغفر له، وحتى يدخل العبد هذا الموسم العظيم وقلبه خال من أي شحناء أوغل أو حسد لعباد الله، فيكون مهيئًا لأن يستقبل القرآن بقلب نقي ويستقبل المواعظ بسمع واع وقلب شاهد.

ما أرحم الله بعباده إذ هيأ لهم من الأسباب التي يستعينون بها على طاعته واستشعار حلاوة الإيمان، قال تعالى: {مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}، وما أغبن العباد الذين لا يلتفتون إلى مثل هذه المنح، بل يتركونها إلى ما يدنس قلوبهم، فترى المجالس امتلأت بالغيبة والنميمة والحسد والحقد، وترى أناس يجلسون أمام الأفلام الإباحية أو سماع الموسيقى والأغاني التي تصد القلب عن الذكر، وتجعل به وحشة بينه وبين الطيبات.

يقول ابن المبارك:

رأيت الذنوب تميت القلوب ..  وقد يورث الذل إدمانها

وترك الذنوب حياة القلوب .. وخير لنفسك عصيانها

فالإنسان هو الذي يبخس نفسه حقها، ويورثها أقبح المنازل بسيئاته وعصيانه، قال تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} وأخيرًا هنيئًا لمن اهتم بقلبه في السباق إلى ربه، نسأل الله أن يبلغنا رمضان، ويبارك لنا فيه، والحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة