الأربعاء، ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٤ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

فرصة لا تضيع!

نبحث عن الأشياء التي تعيد تشغيلك بل تعيد تهيئتك.. الأشياء التي تعيدك إلى نقطة الصفر أو تولد معها من جديد

فرصة لا تضيع!
باسم عبد رب الرسول
الاثنين ٢٠ يونيو ٢٠١٦ - ١٣:١٤ م
2673

فرصة لا تضيع!

كتبه/ باسم عبد رب الرسول

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،

تجد الناس بين حين وآخر -خصوصا في فصل الصيف أو بعد المشاغل الطويلة والأعمال المرهقة مثل الامتحانات- يذهبون في رحلة أو نزهة إلى الشواطئ للاستجمام، ويقول بعضهم في تشبيه بليغ إنه يريد بهذه الرحلة أن يفصل أو يعمل لنفسه restart  يعني إعادة تشغيل..

إذا سمعت هذا التعبير وتذكرت ذنوبي وآفاتي وكثرة الواجبات وقلة العمل والثمرة ينتابني إحساس قوي بالحاجة إلى عمل restart إلى إعادة تشغيل، لكن ليس بالطبع بالذهاب إلى أماكن فساد ومعصية يزيد فيها الطين بلة ويصير الذنب ذنبين..

لما تفكرت رأيت ان الـ restart أو إعادة التشغيل لن تفيدنا كثيرا لأن نفوسنا مازالت مليئة بالفيروسات والآفات..

نحن نحتاج إلى ما هو أقوى من ذلك.. نحتاج إلى format أو إعادة تهيئة أو تطهير تام.. نحتاج إلى أن نعود كيوم ولدنا.. إلى نقطة الصفر..

قد ولدت نقيا طاهرا مستقيما على الفطرة.. قال الله تعالى: "فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة"..

ثم لوثتك الحياة.. ولوثتك الذنوب حتى أصابك الضيق والهم والغم..

ما الحل؟ نبحث عن الأشياء التي تعيد تشغيلك بل تعيد تهيئتك.. الأشياء التي تعيدك إلى نقطة الصفر أو تولد معها من جديد..

أهم هذه الأشياء التوبة.. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "الندم توبة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له" (صحيح الجامع).. يا الله.. كمن لا ذنب له.. كأنك لم تنظر، كأنك لم تزن، كأنك لم تسرق، كأنك لم تخن، كأنك لم تكذب، كأنك لم تفعل أي شيء..

ليس فقط عودة إلى نقطة الصفر بل تنال محبة من الله عز وجل "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين".. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله بأرض فلاة"..

بل الأمر يفوق ذلك.. اسمع بقلبك هذه الآية: "إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات".. فضل عظيم لا يمكن تخيله.. كل الذنوب التي ارتكبتها تنقلب إلى حسنات بالتوبة..

صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليتمنين أقوام لو أكثروا من السيئات" قالوا: "بم يا رسول الله؟" قال: "الذين بدّل الله سيئاتهم حسنات" (صحيح الجامع).

وثبت أيضا أن رجلا جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها فلم يترك منها شيئا فهل له من توبة؟" قال: "فهل أسلمت؟" قال: "أما أنا فأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسول الله" قال: "نعم، تفعل الخيرات وتترك السيئات فيجعلهن الله لك خيرات كلهن" قال: "وغدراتي؟ وفجراتي؟" قال: "نعم" فقال الرجل: "الله أكبر" فما زال يكبر حتى توارى.. (السلسلة الصحيحة).

ورمضان فرصة عظيمة لنيل هذا الفضل الإلهي بالتوبة إلى الله والقرب منه.. لكن حتى تكون التوبة صحيحة صادقة اجعلها توبة شاملة من كل ذنب.. فالله لا يتعاظمه شيء.. يغفر كل ذنب ولا يبالي عز وجل.. لا تسأل الله التوبة وأنت تضمر في نفسك ذنبا لا تريد التوبة منه أو تستصعب التوبة منه.. بل كن صادقا مع الله عز وجل وكن حسن الظن بربك فهو عند ظن عبده به..

وحتى تكون التوبة صحيحة صادقة اعمل معها عملا صالحا.. في حديث معاذ: "اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها" وفي رواية حسنها الألباني: "وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة السر بالسر والعلانية بالعلانية".. فينبغي أن يكون لك عمل صالح خفي في رمضان، من صدقة خفية أو صلاة حيث لا يراك أحد أو تلاوة للقرآن تناجي بها ربك.. هذه الأعمال الصالحة تضاد السيئات وتذهب بها "إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين"..

ومن نافلة القول أن الشهر الذي ترجو بصيامه وقيامه أن يُغفَرَ ذنبُك، لا يليق بك أن تتزود فيه من الذنوب.. نسأل الله أن يطهرنا ويغفر لنا ذنوبنا..

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com