الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

صوم لا مثل له

من تأمل ذلك تعامل مع الدنيا كدار غربةٍ، وممرٍ لاسكنٍ ومستقر

صوم لا مثل له
علاء رمضان
الأربعاء ٢٢ يونيو ٢٠١٦ - ١٥:٤٢ م
2091

صوم لا مثل له

كتبه/ علاء رمضان 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: (قلتُ يا رسولَ اللهِ مُرْني بعملٍ، قال: عليك بالصَّومِ فإنَّه لا عَدْلَ له، قلتُ يا رسولَ اللهِ مرْني بعمل، قال: عليك بالصَّومِ فإنَّه لا عَدْلَ له، قلتُ يا رسولَ اللهِ مرْني بعملٍ، قال: عليك بالصَّومِ فإنَّه لا مِثلَ له) رواه المنذري في الترغيب والترهيب -وحسنه الألباني. 
تأملت هذا الحديث كثيراً وكيف وُصف الصيام بأنه لامثل له مع مكانة التوحيد والصلاة والزكاة؟!

ولما تدبرت معاني الصيام وحكمه وكلام أهل العلم في ذلك علمت كيف يكون الصيام لامثل له؛ إنه صيام آخر غير الذي نعرفه، صيام تسمو به الروح ويخبت به القلب ويرتقي العقل.

يقول ابن الجوزي رحمه الله تعالى: الصوم ثلاثةٌ 1: صوم الرّوح وهو قصر الأمل، 2: وصوم العقل وهو مخالفة الهوى 3: وصوم الجوارح وهو الإمساك عن الطعام والشراب. إه
(أولاً صوم الروح): قصر الأمل هو مطية السالكين إلى بلاد النعيم وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، وعلى الصائم أن يأخذ العبرة من تتابع الأزمان وسرعة الأيام وخاصة شهر رمضان.. ألقاه شهراً ولكن في نهايته.. يمضي كطيف خيالٍ قد لمحناه.

ولطالما ذكرنا القرآن بهذا المعنى العظيم، فالدنيا ساعة، قال تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ) وقال تعالى: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا) وقال تعالى: (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ).

ومن تأمل ذلك تعامل مع الدنيا كدار غربةٍ، وممرٍ لاسكنٍ ومستقر، قال صلى الله عليه وسلم: كن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابرُ سبيل، وكان ابن عمر يقول: إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح.. الحديث. 
ومَرّ صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن عمرو بن العاص وهو يُطيّنُ حائطاً هو وأمه، فقال: ما هذا؟ قال عبد الله: شئٌ أصلحهُ، فقال: الأمر أعجلُ من هذ ا!!! . رواه أبوداود بسند صحيح 
وروى مسلم عن خالد بن عمير قال: خطبنا عتبة بن غزوان فقال: أما بعد فإن الدنيا قد آذنت بصُرمٍ (أي أعلمتكم بسرعة انقضائها) وولت حَذّاء (أي مسرعة) ولم يبق منها إلا صُبابةٍ كصبابة الإناء (وهي البقية اليسيرة في نهاية الإناء) يتصابها أحدكم، وإنكم منتقلون منها إلى دارٍ لا زوال فيها فانتقلوا بخير ما بحضرتكم).
فهذه المرتبة الأولى من الصوم الذي لا مثل له.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة