الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

سيول الغفران في شهر القرآن

هلا نستحي من الله ونقابل إرادته وحبه المغفرة وسيولها في هذا الشهر الفضيل بأن نجاهد أنفسنا بإصلاحها

سيول الغفران في شهر القرآن
محمد شكري
الخميس ٢٣ يونيو ٢٠١٦ - ١٥:١٣ م
1065

سيول الغفران في شهر القرآن

كتبه/ محمد شكري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

سبحان الرحيم الرحمن الذي فتح لعباده أبواب رحمته في جميل مغفرته ليسهل لهم الرجوع إليه

فكان من أسمائه (غافر وغفور وغفار) فلذلك الله يحب أن يغفر لعباده إرادة شرعية يريدها المولى سبحانه وبحمده

فسهل لعباده المغفرة طيلة العام وحببها إليهم، ورغّب فيها، ورغم أن العباد مذنبون يكفيهم أن يغفر لهم إلا أنه جعل لهم بالاستغفار عطايا ومنحا ربانية (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)

وكان من لوازم اسمه الغفور أن يغفر؛ فلم يقنط عبادة من ذنوبهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) رواه مسلم

حتى الذين أسرفوا على أنفسهم بالفواحش وكبائر الذنوب كان لهم نداء بأشرف نداء، يا عبادى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}

وحتى إنه لم يغلق باب المغفرة على الكفار إن رجعوا وتابوا؛ فقال للنصارى بعد ذكره لبشاعة كفرهم بادعاء الزوجة والولد وحكمه عليهم بكفرهم:  (أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)

ومن جميل حبه لأن يغفر؛ جعل رمضان شهر المغفرة، وجعل أسباب الغفران فيه أيسر ماتكون؛

فمجرد قيام رمضان قال فيه النبي: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له) رواة البخاري ومسلم

ولو بقليل الركعات والآيات؛ فعلى المسلم أن يحرص على صلاة التراويح، ويصبر  على إتمامها مع إمامه، ولا يفرط في شيء منها، ولا ينصرف قبل إمامه، حتى ولو زاد إمامه على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة" .أي ينصرف من صلاته.

بل أيسر من ذلك، بمجرد صيام الفرض: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له) رواة البخاري ومسلم

بل أيسر وأيسر: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له) رواة البخاري ومسلم

وحبب فيه للعمرة فقال صلى الله عليه وسلم: (عمرة في رمضان كحجة معي) رواه البخاري ومسلم

و"الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب" رواه الترمذي وغيره.

وجعل دوام الخير للأمة بتأخير السحور لوقت السحر فقال: (لاتزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور) البخاري

 هذا الوقت الذي يتنزل فيه الملك بنفسه، نزولا يليق بجلاله وكماله إلى السماء الدنيا فيقول: "هل من مستغفر فأغفر له" يقوم الناس حتى في ذلك الوقت لشهوة بطونهم فلعل أحدهم أن يستغفر فيغفر له؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ: إِذَا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ شَطْرُهُ، نَزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: "هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ"، حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ

فهلا نستحي من الله ونقابل إرادته وحبه المغفرة وسيولها في هذا الشهر الفضيل  بأن نجاهد أنفسنا بإصلاحها ونقابل فرص المغفرة بإرادة التوبة؛ فلا يصح استغفار بلا توبة، والمستغفر بلا توبة كالمستهزئ

وأن نجتهد في العبادة ما استطعنا، خاصة في العشر الأواخر

 أيكون من الله هذه السيول من الغفران ونحن في لهو وغفلة

وليحذر كل غافل في رمضان من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم على من ضاعت منه المغفرة في رمضان  ولم يدركها: "رَغِم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له"

وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا) فاللهم اعف عنا واغفر لنا وارحمنا.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة