السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

شريعتنا الغراء مِن طاعة رمضان إلى بهجة العيد

في يوم العيد هذا تجدد "الدعوة السلفية" العهد معكم أمام الله -عز وجل- أن نبقى على هذا المنهج داعين إلى ديننا بالحكمة والموعظة الحسنة، محافظين على أمن البلاد والعباد

شريعتنا الغراء مِن طاعة رمضان إلى بهجة العيد
الدعوة السلفية
الأربعاء ٠٦ يوليو ٢٠١٦ - ١٨:٠٦ م
1512

شريعتنا الغراء مِن طاعة رمضان إلى بهجة العيد

كتبه/ الدعوة السلفية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

أخي المسلم...

أختي المسلمة...

تـَقبَّل الله منا ومنكم الصيام، والقيام، وسائر الطاعات في شهركم الكريم، وكل عام وأنتم بخير، ومصر والأمة الإسلامية في أمن وسلام.

- نرجو أن نكون خرجنا مِن رمضان بثمرة التقوى التي هي جماع الخير كله بفعل الطاعات وترك المنكرات، وقد ازددنا حبًّا وتعظيمًا لله -تعالى-، وقربًا منه وتعلقًا به -سبحانه-، فهو وحده صاحب المنة والفضل؛ فلا نعبد إلا إياه، ولا نتحاكم إلا لشريعته، ولا نستعين إلا به، ولا نرجو سواه، ولا نتوكل إلا عليه.

- نرجو أن نخرج مِن رمضان أكثر التزامًا بالأخلاق والقيم، والفضائل الإسلامية؛ هذه الفضائل التي ذُبحتْ في المسلسلات الرمضانية!

- نرجو أن نخرج مِن رمضان أكثر تحريًا للحلال وبعدًا عن الحرام.

ثم جاء هذا اليوم المبارك "يوم العيد"...

- اليوم يخرج المسلمون: رجالاً ونساءً وأطفالاً، مكبرين مهللين؛ إظهارًا لشكر الله على إتمام نعمة الصيام، وإحياءً لشعيرة صلاة العيد: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.

- يخرج الرجال والنساء ليعلنوا أن المجتمع المسلم قائم على تكامل المهام بيْن الرجل والمرأة، وأن ميزانهما أمام الشريعة ميزان واحد كما قال الله -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97).

وليردوا على دعواتٍ تُلبس الحق بالباطل، وتستثمر جرائم ترتكب في حق المرأة: كمنعها مِن الميراث أو تزويجها بغير إذن منها؛ لكي تدعو المرأة المسلمة أن تتمرد على شرع الله! ولو أنهم دعوا إلى إنصاف مَن تُمنع مِن حقها الشرعي مِن النساء لكان مِن أعظم القربات، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ، وَالْمَرْأَةِ) (رواه أحمد وابن ماجه، وحسنه الألباني)، ولكنهم للأسف فإن كثيرًا منهم لا يقف فيما يدعو إليه عند حدود الشرع.

- في يوم العيد نرى جميع الأجيال وقد خرجتْ لشهود الخير ودعوة المسلمين؛ فتجد الرجل وقد وضع يده مِن جهة في يد ابنه ومِن جهة في يد أبيه، وهم يلهجون بالتكبير... ويا ليتنا نستحضر هذا المشهد على مدار عامنا، ونستحضر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

- فالشريعة الإسلامية لمن عرف حكمها ومقاصدها يدرك تمامًا أنها رسَّختْ مبادئ تواصل الأجيال، ومَن تتبع يدرك تمامًا كيف اعتنى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصغار عنايته بالكبار، وكيف سنَّ ما يُسمَّى اليوم بـ"تمكين الشباب" حينما أمَّر أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- على جيش فيه خير رجلين بعد الأنبياء: أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-.

- هذه الشريعة الإسلامية التي جعلها الله أتم الشرائع، فقال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة:3).

- وجعلها الله شريعة عامة للعالمين، فقال: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) (الفرقان:1).

- وجعل الله هذا القرآن فرقانًا يفرق بيْن الحق والباطل: فما تدبر فيه عاقلٌ منصف إلا ويقوده إلى التسليم والاستسلام لله رب العالمين؛ ولذلك حكم الله على مَن يُعرض عن هذا القرآن بعد بلوغه إياه بالكفر والضلال، فقال: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) (السجدة:22)، وبيَّن أن آفة هؤلاء عدم تدبر القرآن، فقال: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24).

وقد زاد الله أهل هذا الزمان براهين جديدة بما اكتشفوه مِن علوم وافقت القرآن وشريعة الإسلام في كثير مِن الأمور التي لم يكن يعلمها أحدٌ مِن البشر في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فتبين بهذا أن القرآن وحي مِن عند الله -تعالى-.

- نشتكي في هذه الأيام مِن موجات غلاء وغيرها مِن المشاكل التي تحتاج منا أن نأخذ بكل أسباب علاجها وفق الأساليب العلمية الحديثة؛ ومع ذلك فلا ينبغي أن نغفل أن هناك سببًا آخر يجب الأخذ به مع وقبْل وبعد الأخذ بالأسباب الظاهرة؛ ألا وهو: "طاعة الله -عز وجل-"، قال الله -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (الأعراف:96).

وهذه الطاعة هي وظيفة الإنسان في "رمضان" وفي غيره: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56).

- وفي يوم العيد تتجدد معاني الأمة الواحدة، ونستحضر معاناة المسلمين في شتي  بقاع الأرض في: "بورما، وفي فلسطين، وفي مالي"، بل ومعاناة المسلمين في ديار الإسلام الذين تكاثرت عليهم السهام مِن قوى احتلال غاشم عادت لتطل مِن رأسها مِن جديد إلى زنادقة علويين هم حرب على الإسلام وأهله، وبيْن شيعة يبغضون الصحابة وأمهات المؤمنين، ويبغضون كل مَن يحبهم ويعينون أهل الكفر عليه، ومِن الفرق الخارجية كـ"داعش"، وغيرها ممن يصدق عليهم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ) (متفق عليه).

- وفي وسط هذا الركام رفعت وامتثلت "الدعوة السلفية" قول نبي الله شعيب -عليه السلام-: (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) (هود:88).

- وهذا هو طريق الأنبياء لمن يريد أن يسير عليه: إصلاح حتى مع العجز عن بعضه؛ فلا يلجأ إلى الإفساد بزعم الإصلاح، وإنما يصلح ما يستطيع، ويسأل الله أن يهيئ له أسباب ما عجز عنه.

وهذا ما سارت عليه "الدعوة السلفية" على مدار تاريخها، وخصوصًا في الثلاث سنوات الأخيرة التي تعرضت فيهم إلى ابتزاز مِن البعض، وأذى وسخرية واستهزاء لثباتها على هذا المنهج، والحمد لله أن معظم الناقمين عليها قد أدركوا خطأهم الآن، نسأل الله أن يهدينا وإياهم إلى سواء السبيل.

- وفي يوم العيد هذا تجدد "الدعوة السلفية" العهد معكم أمام الله -عز وجل- أن نبقى على هذا المنهج داعين إلى ديننا بالحكمة والموعظة الحسنة، محافظين على أمن البلاد والعباد.

وكل عام وأنتم بخير، وتقبَّل الله منا ومنكم.