الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

و ذكرهم بأيام الله

من أراد السعادة والطمأنينة فعليه بسبيل الله القويم

و ذكرهم بأيام الله
مصطفى خطاب
الجمعة ٠٨ يوليو ٢٠١٦ - ٢٢:٢٣ م
1260

و ذكرهم بأيام الله

كتبه/ مصطفى خطاب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

كثيرا ما نجد أن الناس سريعي النسيان والتنكر للفضائل والنعم؛ لذا فقد قال الله عز و جل في كتابه العزيز: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}  يأمر الله كليمه موسى عليه السلام أن يذكر بني إسرائيل بأيام الله، وهي نعمه وفضائله التي أنعم عليهم بها، وليس الخطاب هنا خاص ببني إسرائيل وحدهم، بل الخطاب عام لكل داع إلى الله -إذا رأى فتورا أو نكوصا من قومه- أن يذكرهم بنعم الله عليهم؛ من أجل أن يستقيموا على الطريق القويم ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذن الله.

ونحن في هذه الأيام نرى تنكبا ونكوصا للبعض عن جادة الطريق، وابتغاء الهداية والرشاد في غير طريق الله المستقيم؛ فنجد ثمة تشابه من بعضها مع بعض ما فعله بنو إسرائيل، فبعد أن نجاهم الله من فرعون وجنده وأراهم آية عظيمة من فلق البحر وإغراق فرعون، إذ بهم يطلبون من موسى عليه السلام أن يجعله لهم صنما يعبدونه كما يعبد بعض المشركين أصناما.. {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ ۚ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}

و هكذا حال البعض؛ ينسى أو يتناسى نعم الله عليه، وكيف كان يلجأ إليه وحده في الملمات والكروب، فلما ينجيه مما نزل به نجد الكثير ينقلب علي عقبيه.. {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}

و نحن في هذه الايام نتذكر يومين من أيام الله علينا: يوم بدر ويوم العاشر من رمضان..

ففي يوم بدر رفع الله شأن المسلمين وأعزهم ونصرهم على أعداءهم على غير موعد بينهم و لا إعداد واستعداد من المسلمين لتلك المعركة.. {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}

فمنّ الله عليهم بنصر عزيز مؤزر على المشركين، على خلاف ما كانوا يريدون؛ فإنما خرجوا ليطلبوا عير قريش، والله أخرجهم ليفيض عليهم من نعمه وتأييده، ولينصرهم على عدوهم، ويذل ويهلك صناديد قريش المحاربين لله ولرسوله، ويشفي صدور المؤمنين.

و كذا أيضا نذكر نعمة الله علينا وتأييده يوم حرب العاشر من رمضان، ونصرة المسلمين على اليهود بعد أن ذقنا مرارة وذل الهزيمة يوم أن شرّقنا وغرّبنا وابتعدنا عن سبيل ربنا، ظنا من البعض أننا بهذا نسير في ركب التطور والحضارة؛ فما كان إلا أن تجرعنا هزيمة لا نزال نعاني بعض آثارها إلى اليوم، ولكن البعض أفاق من هول الصدمة وأيقن أنه لا ملجأ من الله إلا إليه وأنه هو وحده الناصر والمعين، فتغير الحال وبدأت إرهاصات الاستعانة بالله والاخذ بالأسباب المتاحة وإحياء معاني الجهاد والتضحية والبذل في نفوس الأمة مرة أخرى بصفة عامة وفي صفوف الجنود بصفة خاصة، مع التوبة لله عز وجل؛ فأفاض علينا من وافر فضله وجوده تأييدا، ليتحقق نصره مؤزرا على غير ما يقر به أهل الحروب؛ فلم نكن أكثر قوة أو عتادا، ولكن كنا الأكثر استعانة بالله و لجوءا إلى الركن الشديد؛ فأيدنا بجنوده التي لا يعملها إلا هو {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ}

و حري بنا أن نتذكر أيام الله تلك، ونتذكر نعمه علينا وسابغ فضله، وأن نذكر بها أنفسنا وقومنا؛ حتى لا يقعوا فيما وقعنا فيه من قبل  من نكوص و ارتداد عن طريق الله القويم إلى البحث شرقا وغربا في مناهج ومقررات أهل الضلال باحثين عن السعادة؛ وإنما السعادة والرخاء في عبادة الله وحده وإطاعة أوامره والامتثال له بالبعد عما نهى وزجر، وليس في إعلاء مقررات الغرب والشرق؛ فليس من مقرارتهم إلا الضنك والنكد. قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ}

أما من أراد السعادة والطمأنينة فعليه بسبيل الله القويم؛ قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}

فاللهم اهدنا إلى سبيلك القويم، اللهم استعملنا في طاعتك ونصرة دينك، اللهم اهدنا فيمن هديت ويسر لنا سبل التوبة والهداية، إنك ولي ذلك والقادر عليه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة