الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

من محراب الصلاة إلي محراب الحياة

لا تصلح الحياة بدون الإسلام

من محراب الصلاة إلي محراب الحياة
إيهاب شاهين
الثلاثاء ١٩ يوليو ٢٠١٦ - ١٤:١١ م
1466

من محراب الصلاة إلي محراب الحياة

كتبه/ إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد,

الوظيفة التي خلقنا الله عز وجل من أجلها هي العبودية كما أخبر عز وجل: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ" والعبد تحت طوع سيّده حيثما أمره أو نهاه، وكلما كان نصيب العبد من هذه الأوامر تطبيقا وفعلا ومن النواهي إجتنابا وزجرا كان قربه من مولاه وتحصيل رضاه.

وفي ديننا، دين الإسلام -الذي ارتضاه الله للعالمين دينا وقضى ألا يقبل غيره من العباد كما قال تعالى: "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ" وقال: "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"- هذا الدين لم يجعله الله شعائر تعبدية وفقط يقوم بها العبد بين بينه ربه، يؤديها في مكان ما على سفح جبل أو في غار بعيد، لا لم يكن كذلك؛ بل جعل الله هذا الدين عبادة  وعقيدة ومعاملة وآدابا وأخلاق، في كل ناحية من نواحي الحياة، في تعامل الفرد مع ربه وفي تعامل الفرد مع الخلق، وفي تعامل الفرد مع الدولة، وفي تعامل الدول مع بعضها البعض، ضبط الإسلام هذه المعاملات، وعند التأمل تجد أن صلاح الزمان الذي مضى وصلاح خلق الله كان بتطبيق هذا المفهوم الشامل للإسلام، وما تأخرت أمة الإسلام وصارت في ذيل الأمم إلا بعد التفريط في العمل بهذا المفهوم، كما بين الله تعالى: "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ".

فالحياة كلها يجب أن يحياها العبد بالإسلام؛ لذلك وجب علينا أن نعيد هذا المفهوم لحياتنا وننشره بين إخواننا وأبنائنا وجيراننا، ويكون التعبير عن ذلك بأسهل عبارة وأجمل إشارة؛ لأن هذا الدين مملوء بالمقومات التي تجعله يسود العالم، فقضية الإسلام وشموله لجميع نواحي الحياة قضية ناجحة يقينا، لكنها تحتاج إلى محامٍ ناجحٍ بارعِ العرض، ومتمكنٍ من أدواته محافظٍ على أخلاقه وعقيدته وعباداته، حتى يقوم بالعرض؛ فإذا أحسن في ذلك أبهر العالم من حوله بجمال هذا الدين وسماحته وسهولته ويسره، فالأمر يحتاج منا إلى جهد بالغ في تطبيق هذا المفهوم، وما أيسره علي من يسره الله عليه.

لكن قد أبت طائفة من الناس إلا أن تتعامل مع هذا الدين العظيم معاملة خاطئة تماما، بفصل مفهوم الدين عن الحياة، بزعم أن الدين يكون بين العبد وبين ربه لا يطلع عليه أحد، وأن الدين له أماكنه داخل المساجد، وكأن لسان حالهم يقول: إذا خرجت من المسجد فأنت حر تفعل ما تشاء وتُحصّل ما يحلو لك من شهوات من أي طريق لاح لك من حِلٍّ كان أو من حرام، وهذا المفهوم في الحقيقة دخيل علي أبناء الأمة الإسلامية، فعندما علم أعداء الله عز وجل وأيقنوا بقوة هذا الدين العظيم وأنه جاء ليسود العالم أجمع، جمعوا حدّهم وحديدهم لكي يغيروا هذا المفهوم في عقول أبناء المسلمين كي لا يعملوا على نشره خارج أماكن العبادة كما زعموا.

وفي الحقيقة لا تصلح الحياة بدون الإسلام، ولا يستطيع المسلم أن يطبق إسلامه حقيقة بهذا المفهوم الأعرج؛ فكيف يستطيع المسلم أن يطبق الآيات التي تأمره بضوابط معينة في المعاملة المادية بينه وبين غيره؟ فهذا بلا شك داخل في نواحي الحياة.

هناك علاقات بين الدول وبعضها البعض في حال الحرب والسلم، ضبطها الإسلام وجعل لها سياجا حكيما في طريقة التعامل، وغيرها كثير؛ فعلينا أن نعود لتطبيق صحيح هذا المفهوم، ودعنا من هذه الثلة التي تقول: "أنت عبد إذا كنت في محراب الصلاة وفقط"، بل نقول: "أنت عبد في محراب الصلاة .. فإذا فرغت من ذلك فانطلق إلى محراب الحياة لتكمل عبوديتك لله في باقي نواحي الحياة". والحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً