الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

على أعتاب العشر .. على أعتاب أفضل أيام السنة

أساس التزكية: التخلّي والعلاج لأمراض القلوب؛ من الكبر والعجب، والخيلاء، والفخر، والحسد والغل، والبغضاء، وسوء الظن، والقسوة، والغفلة، والذِّلّة والعَيلة والمسكنة، والرياء والسمعة، والعجز والكسل، والجبن والبخل، ومعالجة لسيئ الأخلاق التي تترتب على هذه الأمراض.

على أعتاب العشر .. على أعتاب أفضل أيام السنة
ياسر برهامي
السبت ٢٧ أغسطس ٢٠١٦ - ٢١:٣٨ م
2999

على أعتاب العشر... على أعتاب أفضل أيام السنة

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

ونحن على أعتاب أيام العشر الأُول مِن ذي الحجة التي قال عنها النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشَرَةِ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: (وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ) (رواه البخاري)، نحتاج إلى النظر في سد ثغرات كبيرة في العمل الدعوي والتربوي؛ فنظام الحياة المعاصِرة ونمطها سريع جدًّا، مع كثرة ما يضيع مِن الأوقات والأعمار بلا ثمرة، أو بثمرة محدودة جدًّا، مع ضعف أو انعدام طلب العلم الحقيقي مِن علوم الكتاب والسُّنة، والتأكيد على مرجعيتها في صبغة نمط الحياة، وضعف أو انعدام التزكية التي أساسها تلاوة آيات الكتاب (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) (آل عمران:164)، والتلاوة أي: القراءة، مع الاتباع الذي يستلزم الفهم والتدبر، وكذا الدعوة بها والدعوة إليها.

وأساس التزكية كذلك: العبادة: مِن صلاة -خاصة القيام-، والصيام، والحج والعمرة، والنفقة في سبيل الله مِن زكاة وصدقة، ودعوة وجهاد، ورعاية لليتامى والأرامل والفقراء والمساكين "خصوصًا مع شدة الأحوال الاقتصادية وزيادة الغلاء"، وكذلك حسن الخُلُق مِن صدق حديث وأداء أمانة، ووفاء عهد، وعفة لسان، وبطن وفرج، وغض بصر، وبر والدين، وحسن معاملة للجيران والمعامَلين وغيرها.

وأساس التزكية كذلك: إصلاح القلوب بالعبادة الباطنة مِن حب الله -عز وجل- والخوف منه، وحسن التوكل عليه، ورجاء رحمته، وحسن الظن به والإخبات إليه، والافتقار إليه، والاستغناء به عمن سواه، والرضا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ -صلى الله عليه وآله وسلم- نبيًّا، وغيرها مِن أعمال القلوب الواجبة والمستحبة.

وكذا أساس التزكية: التخلّي والعلاج لأمراض القلوب مِن الكبر والعجب، والخيلاء، والفخر، والحسد والغل والبغضاء، وسوء الظن، والقسوة، والغفلة، والذِّلّة والعَيلة والمسكنة، والرياء والسمعة، والعجز والكسل، والجبن والبخل، ومعالجة لسيئ الأخلاق التي تترتب على هذه الأمراض.

نحن في حاجة إلى التركيز على العمل البنائي التربوي الذي يجلس فيه الأربعة والخمسة مع معلمهم؛ يعلمهم الكتاب والحكمة، ويتفقد أحوالهم، ويذكرهم بالآخرة، ويَعْرِفُ مزاياهم وعيوبهم، ويَعْرِفُ كيف تعالَج، وهذا لا يستطيع تضييقٌ منعَه، ولا يملك جبروتٌ إيقافَه!

وأهميته في تصدير أهل الخير لأهل الإسلام في علومهم ودعوتهم وسلوكهم وأخلاقهم ضرورة عظيمة؛ بدلاً مما نراه مِن تصدر الرويبضة، وانتشار الجهل، ولو على لسان وبأقلام مَن يدّعي العلم ممن تظهر كبائرُه في كلماته وأفعاله، فضلاً عن صغائره، فضلاً عن أمراضه الباطنة التي لا يُطّلع عليها، وهو ينشر الأمراض أينما حلّ، وتعاني الحركة الإسلامية أشد المعاناة بسببه، وإنما صُدِّر بكلمات كتبها على مواقع التواصل الاجتماعي -أعني التقاطع- فأثارت إعجاب البعض فصدّره أو زكّاه وهو لم يعاشره ولم يعرف -مع مزاياه التي ظنها- عيوبه الخطيرة وكيف تُعالَج، ولم يمارِس علاجها، فحدث ما حدث!

وما الجماعات البدعية المنحرفة في سلوكيات أفرادها ومَن يسير في فلكها إلا بسبب ذلك؛ فنجد الخيانة والكذب، والسبّ والشتم، والتكفير، والقسوة والغلظة والعنف، الذي يترتب عليه القتل وسفك الدماء والفساد في الأرض باسم الإصلاح وباسم الدين، ولو وُجِد ذلك مِن الظلَمة والفسَقة والمنافقين والكفَرة -وهو يوجد- لما كان ضرره على الدين كثيرًا، وإنما يتضاعف الضرر ممن ينتسب إلى الدين والعلم والدعوة والعمل الإسلامي.

وأنا أدعو الإخوة جميعًا لإغلاق "الفيس" و"الواتس" خلال الأيام العشرة الأول المباركة، ومقاطعة الجرائد المليئة بالكذب والزور، وكذا القنوات الفضائية حتى المسمَّى منها بالإسلامية -طالما كانت كذلك- فضلاً عن غيرها ممن يعلن الفحش والفساد؛ لعلنا نُفطَم عنها بعد ذلك، ولنجتهد في العمل الصالح النافع والدعوة الصادقة، والتربية والبناء وإصلاح النفوس وتزكيتها، والله المستعان.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com