الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

وقفات إيمانية مع قصة نبي الله يوسف -عليه السلام- (7) اجتماع الأمر ولم الشمل

لقاء الإخوة والتعرف لهم- نسائم الفرج بعد الشدة- لقاء الأحبة...

وقفات إيمانية مع قصة نبي الله يوسف -عليه السلام- (7) اجتماع الأمر ولم الشمل
سعيد محمود
الأربعاء ٣١ أغسطس ٢٠١٦ - ١٢:٥٧ م
1657

وقفات إيمانية مع قصة نبي الله يوسف -عليه السلام- (7)

(اجتماع الأمر ولم الشمل)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

مقدمة:

- تذكير مختصر بما سبق: (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف:87).

- الإشارة إلى أن أحداث القصة اليوم تتناول الأحداث الختامية للقصة، حيث اجتماع الأمر ولم الشمل.

- الإشارة إلى أن الأحداث تدور حول أربعة مشاهد، وهي: مشهد لقاء الإخوة والتعرف لهم، ومشهد نسائم الفرج بعد الشدة، ومشهد لقاء الأحبة، ومشهد تمني لقاء الله ونيل الجنة، ثم خاتمة: إعجاز القرآن ودلائل النبوة.

المشهد الأول: لقاء الإخوة والتعرف لهم:

قال الله -تعالى-: (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ . قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ . قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ . قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ . قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) (يوسف:88-93).

- ملخص الآيات: يخبر الله -تعالى- عن رجوع إخوة يوسف -عليه السلام- إليه وقدومهم عليه ورغبتهم فيما لديه مِن الميرة والصدقة عليهم برد أخيهم بنيامين إليهم، قالوا: مسنا وأهلنا الجدب وضيق الحال وكثرة العيال، وجئنا ببضاعة رديئة لا تُقبل منا إلا أن يُتجاوز عنا، فأعطنا الميرة وتصدق علينا برد أخينا إلينا، فلما رأى ما هم فيه مِن الحال وما جاءوا به مما لم يبقَ عندهم سواه مِن ضعيف المال، وتذكر أباه وما هو فيه مِن الحزن لفقد ولديه؛ أخذته رأفة ورحمة وشفقة.

فعند ذلك تعرف إليهم وعطف عليهم، قائلاً لهم عن أمر ربه وربهم، وقد أظهر لهم علامة يعرفونه منها: (هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ)، قالوا وتعجبوا كل العجب (أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ)؟! (قَالَ أَنَا يُوسُفُ) يعني: الذي صنعتم معه ما صنعتم، وسلف مِن أمركم فيه ما فرطتم. (وَهَذَا أَخِي) تنبيه على ما كانوا أضمروا لهما مِن الحسد، وأعملوا في أمرهما مِن الاحتيال، ولقد مَنَّ الله علينا بإحسانه إلينا؛ وذلك بما أسلفنا مِن طاعته، وصبرنا على ما كان منكم، وطاعتنا وبرنا لأبينا، ومحبته الشديدة لنا وشفقته علينا، وأن مَن يتق ويصبر فإن الله لا يضيع اجر المحسنين. (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا) أي فضلك وأعطاك ما لم يعطنا. (وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ) أي فيما أسدينا إليك، وها نحن بيْن يديك، فقال: لست أعاتبكم على ما كان منكم بعد يومكم هذا، ثم دعا لهم بالمغفرة، ثم أمرهم أن يذهبوا بقميصه فيضعوه على عين أبيه، فإنه يرجع إليه بصره وهو مِن دلائل نبوته -عليه السلام-، ثم أمرهم أن يتحملوا بأهلهم أجمعين إلى ديار مصر إلى الخير والسعة، وجمع الشمل بعد الفرقة على أكمل الوجوه وأعلى الأمور.

- (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا): مناسبة جميلة مِن يوسف -عليه السلام-، فإن قميصه هو الذي جاء به الخبر الحزين فأراد أن يكون منه خبر الفرج والسرور، وكان القميص علامة الفراق فأراد أن يجعله علامة على الاجتماع واللقاء، فالنفس تستبشر برؤية ما يذكرها بما تحب، ومثاله "صورة الكعبة".

المشهد الثاني: نسائم الفرج بعد الشدة:

قال الله -تعالى-: (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ . قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ . فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ . قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ . قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (يوسف:94-98).

ملخص الآيات: يخبر -تعالى- أنه لما خرجت القافلة مِن مصر وجد يعقوب -عليه السلام- رائحة قميص يوسف -عليه السلام- مِن مسيرة نحو ثمانية أيام، فأخبر أولاده الذين عنده بذلك، وليس هذا عن كبر سن أو سفاهة، وإنما هو مِن أمر الله، فقالوا له كلمة غليظة، فلما جاء حامل القميص وألقى القميص على وجه يعقوب -عليه السلام- رجع بصره مِن فوره، فقال لبنيه عند ذلك ألم أقل لكم إن الله سيجمع شملي بيوسف -عليه السلام- وستقر عيني به، فعند ذلك طلبوا منه أن يستغفر لهم الله -عز وجل-، عما كانوا فعلوا ونالوا منه ومِن يوسف -عليه السلام-، ولما كان مِن نيتهم التوبة الصادقة وفقهم الله للاستغفار، فأجابهم أبوهم إلى ما سألوا.

- (قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "أرجاهم إلى وقت السحر، قال الله -تعالى-: (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الذاريات:18).

وقد أخرج البخاري في صحيحه ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يَنْزِلُ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ) (متفق عليه).

- (قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا): دليل على مشروعية طلب الدعاء مِن أهل الفضل والدين، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه عن أويس القرني أفضل التابعين: (فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ) (رواه مسلم)، وطلب عمر مِن العباس -رضي الله عنهما- أن يدعو عند الاستسقاء بمحضر الصحابة "خلافًا لمن حصره في الأنبياء أو اشترط نفع الداعي".

المشهد الثالث: لقاء الأحبة:

قال الله -تعالى-: (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ . وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (يوسف:99-100).

ملخص الآيات: يخبر الله -تعالى- عن ورود يعقوب -عليه السلام- على يوسف -عليه السلام- وقدومه بلاد مصر، لما كان يوسف -عليه السلام- قد تقدم لإخوته أن يأتوه بأهلهم أجمعين، فتحملوا عن أخرهم، وترحلوا مِن بلاد كنعان قاصدين بلاد مصر -وكان ذلك أول دخول بني إسرائيل بلاد مصر- فلما أخبر يوسف -عليه السلام- باقترابهم خرج لتلقيهم، وأمر الملك أمراءه وأكابر الناس بالخروج مع يوسف -عليه السلام- لتلقى نبي الله يعقوب -عليه السلام-، ويقال: إن الملك خرج أيضًا لتلقيه، فلما التقى بأبويه أجلسهما معه على سرير الملك، فقاموا بالسجود له والإخوة الأحد عشر تعظيمًا وتكريمًا، وكان هذا مشروعًا لهم، ولم يزل ذلك معمولاً به في سائر الشرائع حتى حرِّم في ملتنا.

وقال يوسف -عليه السلام- عند ذلك: هذا يا أبي تعبير ما كنتُ قصصته عليك مِن رؤيتي، وأمرتني بكتمانها، ووعدتني ما وعدتني عند ذلك، فقد جعلها ربي حقـًّا، وقد أحسن بي إذ أخرجني مِن السجن وبعد الضيق والشدة جعلني حاكمًا، نافذ الكلمة في الديار المصرية حيث شئت، وجاء بكم ربي مِن البادية، وذلك بعد ما كان مِن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي. ثم قال: (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ) أي: إذا أراد شيئًا هيأ أسبابه ويسرها وسهلها مِن وجوه لا يهتدي إليها العباد، بل يقدرها وييسرها بلطيف صنعه وعظيم قدرته، فالله هو العليم بجميع الأمور الحكيم في خلقه وشرعه وقدره.

- هذه هي النهاية السعيدة حقـًّا، لكل مَن اتقى الله وصبر على البلايا والمحن وهو على طاعته: (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف:90).

 - تعلق يوسف -عليه السلام- الدائم بربه وتعبده له بأسمائه وصفاته: (قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا)، (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ)، (وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ)، (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ).  

- (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي): عظيم خلقه حيث لم يوبخهم، بل جعل ظاهر الكلام الاشتراك في الحال مع أنهم هم الذين أساءوا على الدوام.

المشهد الرابع: حسن الختام:

قال الله -تعالى-: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ) (يوسف:101).

ملخص الآية: لما رأى يوسف -عليه السلام- نعمة الله عليه في الدنيا قد تمت، وشمله قد اجتمع؛ عرف أن هذه الدار لا يقر بها مِن قرار، وأن كل شيء فيها ومَن عليها فان، وما بعد التمام إلا النقصان؛ فعند ذلك أثنى على ربه بما هو أهله، وأعترف له بعظيم إحسانه وفضله، وسأله أن يتوفاه "أي حين يتوفاه" على الإسلام، وأن يلحقه بعباده الصالحين.

- (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي): اعتراف بشهود نعمة الله، وهكذا المؤمن (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (الضحى:11).

- (تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (يوسف:101). هكذا المؤمن إذا تمت له نعم الدنيا، اشتاق إلى ما عند ربه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ) (متفق عليه)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى) (متفق عليه)، وقال الله -تعالى-: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) (النساء:69).

- (تَوَفَّنِي مُسْلِمًا): نعمة عظيمة الموت على الإسلام، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).

- كل لقاء بالأحبة في الدنيا فلا بد مِن فراقه، وأما في الآخرة فلا فراق: ففي الحديث: (يَا مُحَمَّدُ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ, وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ) (رواه الطبراني والحاكم، وحسنه الألباني).  

الخاتمة: الغرض مِن القصة:

قال الله -تعالى-: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ . وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ . وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ . وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (يوسف:102-105).

ملخص الآية: يقرر الله -تعالى- لمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم- لما قص عليه نبأ إخوة يوسف -عليه السلام-، كيف نصره عليهم، وجعل له العاقبة والنصر والملك والحكم مع ما أرادوا به مِن السوء والهلاك والإعدام، هذا وأمثاله يا محمد مِن أخبار الغيوب السابقة، نوحيه إليك ونعلمك به يا محمد؛ لما فيه مِن العبرة لك والاتعاظ لمن خالفك، وما كنت حاضرًا عندهم ولا مشاهدًا لهم إذا أجمعوا أمرهم على إلقائه في الجب وهم يمكرون، ولكن أعلمناك به وحيًّا إليك وإنزالاً عليك.

- (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ): تثبيت لقلبك يا نبينا ولأصحابك ولأتباعك مِن عدم الاغترار بكثرة المخالفين، وعظيم مكرهم وكيدهم، فالعاقبة لك ولأتباعك، وإن اشتد الأمر في وقت مِن الأوقات فيسكون الفرج والنصر والتمكين كما كان ليوسف -عليه السلام-، ولذلك خُتمت السورة بقوله -تعالى-: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (يوسف:110).

نسأل الله النصر والتمكين لدينه العظيم، وأن يجمعنا بالنبيين في جنات النعيم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة