الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

لا تخف

يجب أن يرتقى الداعية في مراتب المعالي؛ ليحصل على مراده، ويحصد ثماره

لا تخف
عصام زهران
الجمعة ٠٢ سبتمبر ٢٠١٦ - ٠٣:٠٠ ص
1537

لا تخف

كتبه/ عصام زهران

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

إن الداعية إلى الله لا يمكّن حتى يتصف بعدة صفات، منها: الشجاعة والإقدام، والثبات في الأمر.

والداعية إلى الله يتدرب ويرتقي في مراتب الشجاعة طيلة طريقه إلى الله.

فهذا موسى نبي الله عليه السلام، قال الله تعالى له في بداية الرسالة: (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ)

يا موسى.. هذا أول يوم للارتقاء، وهذا أول يوم في الإقدام.

يا موسى.. باشر الأمر بنفسك، ففي استطاعتي أن أجعل العصا في يدك دون مشقة، ولكن أنت بنفسك، "خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ".

يا موسى.. لا تظن أن قوة الباطل وسرعته وخفاءه أحيانا نصر وعز؛ "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ"؛ فقاوم الباطل "وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ"

وتأتي المرحلة التدريبية الثانية للشجاعة والإقدام؛

فيأمره الله أن يذهب إلى فرعون، فيقول موسى عليه السلام: "إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَىٰ".

لا بأس.. التدريب يحتاج إلى وقت ربما يكون طويلا؛ فالخوف يلاحقنا والسلطان يداهمنا، وليس لنا إلا الله يحمينا وينصرنا.

والتوكل على الله كان النبراس الذي يتمسك به موسى -عليه السلام- في مواجهة الباطل، حتى أصبح الخوف الذي كان يشعر به موسى -عليه السلام- مجرد هواجس ووساوس، لا تؤثر سلبا على موسى؛ فلما ألقى السحرة ما في أيديهم .. "فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَىٰ".

* يجب أن يرتقى الداعية في مراتب المعالي؛ ليحصل على مراده، ويحصد ثماره..

فالرقي يحتاج إلى علو همة؛ فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.

فالعقل كالعضلة التي في جسم الإنسان، كلما حمّل عليها إزدات قوة.

والقلب كذلك، كلما تعلق بالله ازداد قوة إلى قوته.

وتأتي المرحلة الخاتمة لمعاني الرقي كلها؛

"فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ".

ذهب الخوف بغير رجعة، وبلغ موسى عليه السلام الدرجة العليا في المعاني المثلى، وأخذ بزمام الجد لهداية بني إسرائيل.

قال أحد الدعاة: (قد يبطئ النصر لأن في الشر الذي تكافحه الأمة المؤمنة بقية من خير؛ يريد الله أن يجرد الشر منها ليتمحض خالصاً، ويذهب وحده هالكاً، لا تتلبس به ذرة من خير تذهب في الغمار!

قد يبطئ النصر لأن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماما؛ فلو غلبه المؤمنون حينئذ فقد يجد له أنصاراً من المخدوعين فيه، لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة زواله، فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة.

فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشف عارياً للناس، ويذهب غير مأسوف عليه من ذي بقية!).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة