حياة
القلوب والأرواح والأبدان
مع
ألفاظ التلبية للملك الديان
كتبه/ إبراهيم بركات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول
الله، أما بعد؛
لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك
إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك
* عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (العمرة
إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) متفق على صحته.
والحج المبرور هو الذي لا يخالطه شئ من
المأثم، والبيع المبرور الذى لا خيانة فيه ولا شبهة.
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الحج أفضل؟ قال: (العَجُّ والثَّجُّ)
أخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم والدارقطني، والحديث قوي لشواهده الكثيرة، والعجّ:
رفع الصوت بالتلبية، والثجّ: نحر البُدن
وعن عبد الله بن عمر: أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم : لبيك اللهم
لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"
قال نافع: وكان عبدالله بن عمر يزيد فيها: لبيك لبيك لبيك وسعديك والخير
بيديك، لبيك والرغبى إليك والعمل" حديث متفق علي صحته -أو الرغباء إليك-.
معاني التلبية: (لبيك اللهم لبيك)
1- إجابتي لك
يارب، استجابة على عجل دون تأخر أو تمهل (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ)
والتثنية للتأكيد
2- إقامتي لك
ومعك، مأخوذ من ألب بالمكان إذا أقام به، فإجابة بعد إجابة وإقامة بعد إقامة، كما
يقال حنانيك، أي رحمة بعد رحمة.
3- إتجاهي إليك،
وقصدي من قولهم "داري تلب دارك" أي تواجهها.
4- محبتي لك، من
قولهم امرأة لبَّة أي محبة لولدها.
5- إخلاصي لك،
من لب الطعام ولبابه، وقلبت الباء الثانية ياءا للخفة.
وذكر الإمام ابن القيم في تهذيب السنن أربعة أقوال أخرى في التلبية
أحدها: أنه انقياد لك بعد انقياد، من قولهم
لببته بردائه، والمعنى: انقدت لك وسعت نفسي لك خاضعة ذليلة، كما يفعل بمن قبض على
تلابيبه.
والثاني: أنه من لب بالمكان إذا قام به ولزمه،
والمعني: أنا مقيم على طاعتك ملازم لها.
والثالث: أنه من قولهم: فلان رخى اللبب وفي
لبب رخى، أي في حال واسعة، منشرح الصدر متسع القلب لقبول دعوتك وإجابتها، متوجه
إليك بلبب رخي بوجد المحب إلى محبوبه لا بكره ولا تكلف.
والرابع: أنه من الإلباب أي الاقتراب، أي اقتراباً إليك بعد اقتراب، كما
يتقرب المحب من محبوبه.
وسعديك من المساعدة، وهي المطاوعة، ومعناه
مساعدة في طاعتك وما نحب بعد مساعدة
والالتزام بالتثنية إيذان بتكرير معناه واستدامته على تلك المعاني، قال
الشافعي: فإذا فرغ من التلبية صلى الله عليه وسلم وسأل الله رضاه في الجنة واستعاذ
برحمته من النار ، للحديث عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه كان إذا فرغ من تلبيته سأل الله رضوانه والجنة واستعفاه برحمته من
النار. وإن كان في الحديث ضعف، ولكن يستأنس به في مواطن الذكر والدعاء.
قال الإمام الخطابي: رفع الصوت بالإهلال مشروع
في المساجد وغيرها، قال مالك: لا يرفع صوته بالإهلال، بل يُسمِع نفسه، إلا في
المسجد الحرام ومسجد منى فإنه يرفع صوته فيهما. وقال الشافعي كان السلف يستحبون
التلبية عند اصطدام الرفاق وعند الإشراف والهبوط وخلف الصلوات وفي استقبال الليل
والنهار وبالأسحار، قال: ونحبه على كل حال، وكان أصحاب رسول الله عليه وسلم يرفعون
أصواتهم حتي تبح أصواتهم من التلبية
مما سبق نرى المعاني المباركة من قول الحاج أو المعتمر "لبيك اللهم
لبيك".
استجابة، وإقامة، وتصحيح وجهتِه وقصده، وتمام محبته وإخلاصه لله عز وجل.
ثم انقياد وإذعان، وانشراح صدر، وسعادة نفس، مع خضوع وذل للملك الديان.
واقتراب، ومساعدة، وطاعة، وسير على طريق الجنة، شاكرا لنعم الله الحميد
المتعال
إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك
وصول المعاني الإيمانية للقلب، وحياة الروح بها، وانشغال الجوارح بتحقيقها
دون موانع أو محبطات أو مفسدات، يعود الحاج ويرجع كيوم ولدته أمه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حج لله، فلم يرفث ولم يفسق، رجع
كيوم ولدته أمه) متفق على صحته.
يقول الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ
الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا
مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ
التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) سورة البقرة
اللهم ارزقنا حج بيتك الحرام
وتقبله منا
وصلِّ اللهم وسلم على
رسول الله
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com
