الأربعاء، ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٤ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

رحمة في محلّها !

القصد هو تخليص الخلق من أغلال الشرك والفسق والظلم والبغي

رحمة في محلّها !
محمد سعد الأزهري
الثلاثاء ٢٧ سبتمبر ٢٠١٦ - ١٠:٠٩ ص
939

رحمة في محلّها !

كتبه/ محمد سعد الأزهري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الرحمة بالخلق هي الأصل في كل تعامل معهم، ولكن بعض الناس ﻻ يدرك أن من الرحمة أحياناً أن تتضمّن قسوة أو تعنيفاً أو غير ذلك.

فالأب أو الأم تضرب ولدها عندما يكرر التعامل مع النار في المنزل، وقد يعترض عليها أهل الرحمة -فيما يظنون- أن الضرب يؤدي إلى الألم وأن الألم يؤذي نفسية  الطفل بشكل كبير !

مع أن الأب أو الأم في حال ضربهما للولد فإنهما يرحمانه؛ لما يدركانه من إمكانية حصول المفاسد الكبيرة من جراء لعبه بالنار، كإيذاء نفسه أو إيذاء غيره، والذي يصل أحياناً إلي إحراق المنزل كله بمن فيه !

وبذلك تصبح الرحمة عند الذي يريد منع الضرب هي التى تؤدي إلى حرق المنزل بمن فيه !

وكذلك المريض الذي يطلب الطبيب منه أن يتناول دواءً مرّاً علقماً، ولكن بعض أقاربه ينظر إليه بكل رحمة عندما يراه متألماً للغاية وهو يتناول هذا الدواء، فيقرر بهدوء منع إعطاء هذا الدواء للمريض شفقة به، ثم يشاهده وهو يموت ببطء شديد وابتسام خفيف !!

الخلاصة: الرحمة تكمُن في النجاة ولو بألم لا في الهلاك ولو في سرور !

ومن هذه الرحمة: هذه الانتقادات المنصفة لأي شخص في محنة ولأي جماعة في أزمة، والتي قد يترتَّب عليها منفعة للمجموع عامة وللمقصود به النقد خاصّة.

بل وأحياناً يكون هذا النقد وهذه النصيحة مهمة للغاية للمشاهدين الذين لم يأخذوا قراراً بعد إلى أي فئة سينحازون ؟!

ومنها: نقد الظّلَمة وغيرهم ممن استطالوا على الناس وأعراضهم وأموالهم، ولكن بما يحقق المصلحة ويقلِّل المفسدة، وكل نقد لهؤلاء يترتَّب عليه الإكثار من المفاسد والتقليل من المصالح فهو منافٍ للرحمة.

ومن هذه الرحمة: بيان الأخطاء في وقت المعركة؛ لأن تغيير البوصلة نحو الكعبة خير من الاستمرار على الانحراف بعيداً عنها، ومن ثم فتصبح الصلاة باطلة !!

ومن هذه الرحمة: أن يكون القصد من النقد والنصح وغيره هو إرادة الحق لا التنقُّص من الغير، ومحبة عودته إلى الصراط لا تمني استمراره في الغيّ !

ومن هذه الرحمة: أن يعلم الجميع أن الله عز وجل قال لنبيه -عليه الصلاة والسلام- : "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ"؛ فالقصد هو تخليص الخلق من أغلال الشرك والفسق والظلم والبغي، والحرص على الأخذ بأيديهم من وحل الانحراف إلى الطريق المستقيم؛ لذلك فإن الذين ينشغلون بتكفير الخلق والاستهزاء بهم فإنهم بعيدون جداً عن هذه الرحمة !

الراحمون يرحمهم الرحمن.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة