الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

شراء الأصوات الانتخابية

لابد من وجود إرادة سياسية، يتم ترجمتها إلى نصوص قانونية، تعمل على إنهاء هذه الظاهرة، مع تفعيل هذه المواد

شراء الأصوات الانتخابية
طلعت مرزوق
الخميس ٢٠ أكتوبر ٢٠١٦ - ١٨:٣٤ م
1182

شراء الأصوات الانتخابية

كتبه/ طلعت مرزوق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

كلما اقترب ميعاد أي استحقاق انتخابي، كلما تجدد الحديث عن ظاهرة شراء الأصوات.

وتتفشى هذه الظاهرة المُجرمة شرعاً وقانوناً في "دول العالم الثالث" حيث ترتبط بثالوث الفقر والجهل والمرض.

ففضلاً عن استغلال الفقراء والمساكين، وإهانتهم، والحط من كرامتهم، مقابل ثمن بخس، تعمل الظاهرة على إفساد الذمم، وشيوع الفساد، ووضع الناس في غير مواضعهم، وتضييع الأمانة، وقد روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال: ....... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فإذا ضُيِّعَتِ الأمانةُ فانتظِرِ الساعةَ. قال: كيف إضاعتُها؟ قال: إذا وُسِّد الأمرُ إلى غيرِ أهلِه فانتظِرِ الساعةَ".

ولا شك أن من جاء بماله فإنه يعمل لصالح أمواله، ومن جاء بأصوات الشعب الحر يعمل لمصلحة الشعب.

وتبلغ هذه الظاهرة ذروتها -غالباً- بكسر الصمت الإنتخابي، وأثناء الوقت المخصص للتصويت.

إن وجود إشراف قضائي مستقل ومحايد لا يكفي -وحده- في تحقيق انتخابات حرة ونزيهة، فلابد من سن قوانين انتخابية عادلة، وتوافر بيئة سياسية مناسبة، وبغير ذلك لا نكون أمام نتيجة تُعبر عن إرادة الناخبين تعبيراً حقيقياً، وقد يتحول المجلس حينها من مجلس نواب الشعب إلى مجلس نواب الحكومة، فلا يقوم بواجبه المنوط به من الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، أو التقنين لمصلحة الشعب.

إن قصور القوانين الحالية عن مواجهة هذه الظاهرة يشي بوجود رضا من نوع ما عن هذا التزوير المعنوي الفاضح، ويسئ إساءة بالغة للسلطات الثلاث.

على الجهة القضائية المشرفة على الانتخابات تفعيل الصلاحيات التي منحها القانون لها، وعدم ترحيل مشاكلها للمحاكم، سواء أكانت محاكم مجلس الدولة قبل إعلان النتائج، أو محكمة النقض بعدها، حين تفصل في صحة العضوية.

ومع توافر الإرادة السياسية، يمكن اقتراح نصوص قانونية جديدة، وتغليظ عقوبة شراء الأصوات، ومعاقبة المرشح المستفيد منها بالشطب، والعقوبات الأخرى، وكذا وكلاؤه في شراء الأصوات، وبائعيها.

ومراجعة الشروط المعرقلة –عملياً– للعدالة في قوانين الانتخابات، ومباشرة الحقوق السياسية، كشرط تقديم تظلم مُسبق، والحصول على ما يفيد ذلك، ويمكن تعدد الجهات المتظلم لها، أو توسيع صور التظلم.

لابد إذن من وجود إرادة سياسية، يتم ترجمتها إلى نصوص قانونية، تعمل على إنهاء هذه الظاهرة، مع تفعيل هذه المواد، بحيث لا تصبح مجرد حبر على ورق، وبغير ذلك لا يكون هناك أي جدوى لعمل الانتخابات أصلاً، أو مشاركة القوى الوطنية التي تسعى إلى الإصلاح، فمن غير المقبول غض الطرف عن هذه الظاهرة، أو مجرد إدانتها إعلامياً فقط، دون أي تحرك فعلي للقضاء عليها، أو الحد منها.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً