السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

"فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ"

إن الدولة لابد أن تتصف بالحزم والقوة المغلَّفَيْن بالعدل والمساواة

"فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ"
علي حاتم
الاثنين ٣١ أكتوبر ٢٠١٦ - ١٣:٥٣ م
1425

"فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ"

كتبه/ علي حاتم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

إن ما يحدث في مصر أمر عجيب حقًا، فهناك قطاع -ليس بالقليل- من المصريين يسعى لتدمير وتخريب بلده بإصرار كبير، مستخدما أسوأ الأسلحة التي عُرفت على مر التاريخ، وهو سلاح الإشاعات والأكاذيب وبث الرعب في نفوس أبناء الشعب المصري بكل السبل؛ وذلك بهدف زعزعة استقرار البلاد وإحداث فتن فيها، لا يعلم مداها إلا الله عزّ وجلّ.

والأعجب من ذلك أن هذا الذي يحدث إنما هو بتوجيه وتخطيط -وربما بتمويل- من أعداء مصر في الخارج الذين هم في الحقيقة أعداء الإسلام والمسلمين، وبمعاونة جهاز إعلامي مصري هو الأسوأ في التاريخ الحديث.

ولقد ذكَّرنا هذا الذي يحدث في مصر بقول الله تعالى بعدما وصف يهود بني النضير بأنهم {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} فقال تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}، أي اتعظوا يا أصحاب العقول والألباب، وإن لم يكن المسلمون هم أصحاب العقول والألباب فمن يكون إذن؟!

قال القرطبي: إن من وجوه الاعتبار والاتعاظ أنهم هدموا أموالهم بأيديهم ومن لم يعتبر بغيره اعتبر في نفسه، وفي الأمثال الصحيحة: «السعيدُ من وُعِظَ بغيره».اهـ.

وأنا أتساءل: يا من تسعى لتخريب بلدك وتدميرها وتدمير ما فيها من أموال وممتلكات عامة وخاصة، أليست مصر بلدك؟ أليست أموالك وأموال أهلك وأقربائك تدخل في هذه الأموال؟ كسف تسعى لتخريبها بيدك وبيد الكافرين أعداء البلاد وأعداء الإسلام والمسلمين؟ هل أنت إذن من أولي الأبصار الذين أمرهم الله بالاتعاظ والاعتبار؟

ولقد ساعد على استفحال هذا المخطط ونجاحه في التأثير على معنويات الناس أمران:

الأول: عجز الحكومة عن طرح برنامج واضح وعاجل للخروج من تلك الأزمة الاقتصادية، بل وتظهر الحكومة أحيانا وهي متحيرة، ووزراؤها لا يدرون ماذا يفعلون، ولم يكن لدى أي وزير منهم عندما عُيِّن في منصبه أي مشروع واضح للنهوض بوزارته والسعي لإحداث تغيير ملموس يشعر الناس به، وخصوصا تلك الوزارات التي لها صلة بالناس وبحياتهم وباحتياجاتهم الضرورية، إنما هم وزراء أكاديميون يفكرون بطريقة تقليدية قد تعودنا عليها كثيرا، بل ويأخذون توجيهاتهم وتعليماتهم من إدارة البلد كل حين.

ومن هنا فإن أي وزير يتم اختياره لابد أن يكون بناءً على برنامج واضح يعالج الخلل في وزارته -وعلى رأس علاج هذا الخلل: القضاء على الفساد المستشري في كل هياكل الدولة-، ثم يتم توضيح كيفية النهوض بوزارته ودفعها إلى الأمام لتحقيق أهداف الدولة.

أما الأمر الثاني الذي ساعد على نجاح أعداء البلاد في التأثير السلبي على معنويات الناس: فهو ضعف الدولة الواضح في مواجهة المجرمين الذين يخربون البلاد ويستولون على قوت الشعب وينقلون البلد من أزمة إلى أزمة دون أي شعور بالخوف من يد الدولة التي قد تطولهم.

لقد رأينا بأنفسنا جرائم سرقة القمح -قوت الشعب الضروري- أعقبها جرائم السُكّر ثم الأرز والزيت وهكذا؛ ولو شعر المجرمون بقوة الدولة وقوة تشريعاتها في مواجهتهم لما رأينا هذا التوالي والتتابع العجيب والسريع والذي هو من ضمن حلقات مسلسل تخريب البلد.

إن الدولة لابد أن تتصف بالحزم والقوة المغلَّفَيْن بالعدل والمساواة، لن يتم ذلك إلا بتشريعات قوية وصارمة تطبق على الجميع وتجعل أي مجرم مهما بلغت قوته يفكر ألف مرة قبل أن تمتد يده الآثمة إلى أموال الشعب وقوته اليومي.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة