الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

تربية الأولاد بين الألم والأمل (4) يَا أنَيْسُ، أذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟

على الآباء مراعاة حال الأطفال والتعامل مع أخطائهم بما يناسب مرحلتهم العمرية

تربية الأولاد بين الألم والأمل (4) يَا أنَيْسُ، أذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟
شحاتة صقر
الاثنين ٠٥ ديسمبر ٢٠١٦ - ١٣:١٢ م
1757

تربية الأولاد بين الألم والأمل (4)

يَا أنَيْسُ، أذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟

كتبه/ شحاتة صقر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا؛ فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ فَقُلْتُ: «وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ»، وَفِى نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: «يَا أُنَيْسُ، أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ». قُلْتُ: «نَعَمْ، أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ». (رواه البخاري ومسلم).

هذا أنس بن مالك -رضي الله عنه- خادم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قد أثّرت فيه معاملته -صلى الله عليه وآله وسلم- له؛ فوصف النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بأنه مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، ويذكر موقفًا يدل على ذلك الخلق الرفيع، قد حدث له مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو طفلٌ صغير، فقد طلب منه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يرسله يَوْمًا لِحَاجَةٍ فَقَالَ: «وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ». تخيل نفسك أيها الأب الحنون وقد حدث معك مثل هذا الموقف مع أحد أبنائك، ماذا ستفعل؟ كيف ستتصرف مع عصيان ابنك لأوامرك؟

إن ما صدر عن أنس -رضي الله عنه- إنما صدر في حال صغره، وعدم كمال تمييزه؛ إذ لا يصدر مثله ممن كمل تمييزه. وذلك أنه حلف بالله على الامتناع مِن فِعْل ما أمره به رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- مشافهةً، وهو عازمٌ على فعله، فجمع بين مخالفة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وبين الإخبار بامتناعه، والحلف بالله على نفي ذلك مع العزم على أنه كان يفعله، وفيه ما فيه.

ومع ذلك فلم يلتفت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لشيء من ذلك، ولا عرَّج عليه، ولا عاقبه، بل داعبه، وأخذ بقفاه، وهو يضحك رفقًا به، واستلطافًا له، ثم قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: «يَا أُنَيْسُ، أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ». فقال أنس: «نَعَمْ، أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ». وهذا كله مقتضى الخلق الكريم والحلْم العظيم للنبي الكريم العظيم -صلى الله عليه وآله وسلم-، فعلى الآباء مراعاة حال الأطفال والتعامل مع أخطائهم بما يناسب مرحلتهم العمرية.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com