الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

من قال "هَلَكَ الناسُ" فقد أهلَكَهم

إياك أن تُساهِم في تثبيط نَفْسِكَ أو غيرِك، أو تتأقلَم مع الكسلِ وتترك قضِيَّتَك ومُجاهَدَتَك وصَبْرَكَ

من قال "هَلَكَ الناسُ" فقد أهلَكَهم
رجب أبو بسيسة
الجمعة ٢٤ مارس ٢٠١٧ - ٠٥:٥٦ ص
1649

من قال "هَلَكَ الناسُ" فقد أهلَكَهم

كتبه/ رجب أبو بسيسة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

نعم؛ أهلَكَهُم عندما ثَبَّطَهم.. عندما دَفَعهم لليأس..

عندما بَثَّ روح الهزيمة.. عندما بَثَّ روح القعودِ والكَسَلِ.

وأيضًا نصيحته ليس فيها شفقة؛ بل يَشقّ عليهم ويدفعهم للعَنَت، وللتسيلم والرضا بالأمر الواقع دون محاولة تغييره للأحسن.

يدفعهم للانحراف دفعًا، ويفتح عليهم أبواب الشرور ووساوس الشياطين.

بل الأخطر من هذا (شَرْعَنَة) الكسل والفتور والتواكل.

وكذلك بفِعْلِه هذا يقتل عندهم المقاومة ويبث فيهم البطالة.. ويصنع حالَةً تُشعِرُ الناس بأنه لا فائدة من المُناداة بالتغيير والإصلاح.

والصواب -بل الحَقّ الذي يَلزَمُ صاحِبُ الحّقِّ فِعْله- هو بَثّ روح الأمل والرجاء.

فكيف لأُمَّةٍ أصابها الضعف والهوان أن تنهض بمثل هذه النفسيات التي تقول (هَلَكَ الناسُ) و (إنّا لمدركون)!!

الانحرافُ ضَخْمٌ، والخَطْبُ جَلَلٌ، والمَخَاضُ صَعبٌ، والتحدِّياتُ كبيرةٌ..

وهذا كله يستدعي عزيمةً لا ضعفًا، وهِمَّةً لا إحباطًا، وإِصْرارًا لا استسلامًا، وأَمَلًا لا يأسًا.

 أخي: اعمل على توسيعِ دائرةِ الحَقِّ والخير في مكانِك والمساحة المُتواجد فيها بكل طاقَتِك إن كنت فِعلًا تتألم وتخاف على أُمَّتِك حقًا وصِدقًا.

 واعلم -بارك الله فيك- أن العمل الآن له أثر ومآلات غدًا.. وكذلك الكسل والفتور والتثبيط له أيضًا مآلات وأضرار  غدًا.

وقد لَخَّصَ لنا -صلى الله عليه وسلم- الأزمةَ فقال: (إنه مَن يَعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا)..

والحل.. هو أيضا في قول رسول الله: (فعليكم بسُنَّتِي وسُنَّةِ الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي؛ عَضُّوا عليها بالنواجذ ....).

الحل: المُناداةُ بالسُنَّة والشريعة، وليس في قولك (هَلَكَ الناسُ).

الحل في الدعوة للإصلاح ونشر الفلاح..

أما المَكرُ والصَّدُّ والتضييقُ فيجب أن يُقابَل بالإصرارِ على العَمَلِ ونشرِ العِلْمِ والحَرَكةِ والبذلِ مهما كَلَّفَنا ذلك.

ونحن على يقين أنه لا يُغلق بابٌ إلا وتُفتَح أبوابٌ.. وعلى يقين بأن اللهَ من وَرَائِهِم مُحِيطٌ.

فمتى فَقَدَ الداعيةُ والمُصلِحُ الأَمَلَ؛ كان هذا هو الموت الحقيقي له ولدعوته.

لذلك ينبغي أن تَعلَم أن سُنَّةَ الله الكونية في عبادِه إن ضَعُفَ الداعي إلى اللهِ وتَأَثَّرَ وأُحبِط وتَخَلَّى وتَرَكَ فكما قال الله: (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ).. قال تعالى: (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم)

أيها الداعية: مهما كان التضيقُ شديدًا؛ اعلم أنها إذا ضاقت حَلَقَاتُها واستَحْكَمَت فستُفْرَجُ.

نعم.. المعركةُ طويلةٌ بين أهلِ الحَقِّ وأهلِ الباطلِ..

نعم.. الباطل معه وسائل متعددة وأدوات كثيرة، وله صولة وجولة..

لكن.. اللهُ مَعَنا، يَسمَعُ ويَرَى، مُطَّلِعٌ ومُحِيطٌ بكل شيئ؛ فلا تَسُدّ بابَ المَدَدِ من الله بيأسِكَ وإِحباطِكَ..

وعَمَّا قريبٍ فَرَجٌ ونُورٌ يُطارِدُ الظلامَ على قِمَمِ الجبالِ ويُلاحِقُهُ في السهول والوِدْيان.. (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ)

وتُشرِق شمس التغيير ويأتي الفَرَجُ عندما يوقِن قلبُكَ أن أنوارَ الرَّجَاِء تُبَدِّدُ ظُلُماتِ اليأسِ.

أخي: إياك أن تُساهِم في تثبيط نَفْسِكَ أو غيرِك، أو تتأقلَم مع الكسلِ وتترك قضِيَّتَك ومُجاهَدَتَك وصَبْرَكَ..

قال الله: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ).. ولنا أَمَلٌ.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

ربما يهمك أيضاً