الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

لا تغفلوا عنه

فرصة لكل مشاحن أن يرجع ويتوب إلى الله عز وجل، ويعفو ويصفح عمن أساء إليه، وينزع الغل والحقد من قلبه

لا تغفلوا عنه
أحمد مسعود الفقي
الخميس ٢٠ أبريل ٢٠١٧ - ١٣:٤٧ م
1243

لا تغفلوا عنه

كتبه/ أحمد مسعود الفقي

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وأشهد أن لا إله إلا الله مفرج الكربات ، ومقيل العثرات، وأشهد أن محمدآ عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم، ثم أما بعد :

فقد أمرنا الله عز وجل بالمسارعة والمسابقة في الخيرات، والخيرات هي كل ما يحبه الله تعالى ويرضاه، من الأقوال والأفعال، قال تعالى:(( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ )) [سورة البقرة : 148]

والمسارعة في الخيرات، من صفات عباد الله الموحدين، الذين هم من خشية ربهم مشفقون، قال تعالى:((  أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [سورة المؤمنون : 61]

وقال تعالى بعد أن  ذكر العديد من الأنبياء :((وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) [سورة اﻷنبياء : 73]

والمسارعة إلى فعل الخيرات، من أسباب إجابة  الدعاء، قال الله تعالى:((فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [سورة اﻷنبياء : 90]

ومن المسارعة والمسابقة إلى فعل الخيرات، اغتنام الفرص والتعرض لمواسم الخير بالأعمال الصالحة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ افْعَلوا الخَيْرَ دَهْرَكُمْ و تَعَرَّضُوا لِنَفَحاتِ رَحْمَةِ اللهِ ، فإنَّ للهِ  نَفَحاتٍ  من  رحمتِهِ ، يُصِيبُ بِها مَنْ يَشَاءُ من عبادِهِ ، و سَلوا اللهَ أنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ ، و أنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ} المعجم الكبير للطبراني وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 1890

ولقد أظلنا شهر كريم :( شهر شعبان) بين شهرين كريمين(شهر رجب وشهر رمضان) يغفل كثير من الناس عنه، ترفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل، فكان النبي صلى الله عليه وسلم، يغتنم هذه الفرصة، فيكثر من الصيام، فيه وهذا ما دعا الحب ابن الحب، أسامة بن زيد رضي الله عنهما، يسأله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، عن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ  قَالَ :{ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ،  لَمْ أَرَكَ تَصُومُ  شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ : " ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ }. رواه والنسائي

وفي هذا الحديث من الفوائد الكثير منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يكثر من الصيام في سائر الأيام لا سيما شهر شعبان، وأن هذا الشهر يغفل عنه كثير من الناس، نظرا لوقوعه بين شهرين عظيمين رجب ورمضان، وأنه أي: شهر شعبان ترفع الأعمال فيه إلى رب العالمين، ويعني ذلك أن هذا الشهر هو ختام العام فينبغي أن يحرص العبد على أن يختم صحيفة أعماله بعمل صالح كالصيام: وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم، يحب الصيام ويحب أن يختم عامه به، وأن ترفع أعماله وهو صائم، وبالتالي فيجب على المسلم أن يحب ما أحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما أحبه الله عز وجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به}. قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: والحديث في سنده ضعف، لكن معناه صحيح، وحسنه بعض أهل العلم لوجود شاهد له وهو قول الله عز وجل :((فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [سورة النساء : 65

وفي هذا الشهر الكريم، ليلة يغفر الله فيها لجميع الخلق، فقد ورد في حديث رواه  ابن ماجه  و الطبراني  وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن} " صححه  الألباني .

وقال "  المشرك كل من أشرك مع الله شيئا في ذاته تعالى أو في صفاته أو في عبادته . والمشاحن قال ابن الأثير: هو المعادي، والشحناء العداوة، والتشاحن تفاعل منه. وقال الأوزاعي: أراد بالمشاحن هاهنا صاحب البدعة المفارق لجماعة الأمة "

وفي الحديث فوائد منها: فضل ليلة النصف من شعبان، وفيه سعة رحمة الله الذي يتجلى على خلقة بالرحمة والمغفرة، لجميع ذنوبهم، وفيه تحذير المشركين من التمادي في الشرك والكفر بالله عز وجل، قال تعالى:((قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ)) [سورة اﻷنفال : 38]

وفرصة لكل مشاحن أن يرجع ويتوب إلى الله عز وجل، ويعفو ويصفح عمن أساء إليه، وينزع الغل والحقد من قلبه، ولسان حاله يردد قول الله عز وجل :

(وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [سورة الحشر : 10]

نسأله سبحانه أن يطهر  قلوبنا من الغل والحقد وأن يغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان إنه ولي ذلك ومولاه.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


ربما يهمك أيضاً

لا يستوون عند الله (1)
27 ٢٧ مارس ٢٠٢٤
مَن هوى فقد هوى(2)!
214 ٠٢ فبراير ٢٠٢٢
من هوى فقد هوى (1)!
121 ٢٩ ديسمبر ٢٠٢١