الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فأولاً: الترغيب في حفظ القرآن مجمعٌ عليه بيْن الأمة، وفي الحديث الصحيح عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِي، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ: (فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟) فَقَالَ: لَا، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: (اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا؟) فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لَا، وَاللهِ، مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (انْظُرْ وَلَوْ خَاتِمًا مِنْ حَدِيدٍ)، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لَا، وَاللهِ، يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا خَاتِمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي -قَالَ سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ- فَلَهَا نِصْفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؟ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ)، فَجَلَسَ الرَّجُلُ، حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ، فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: (مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟) قَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا -عَدَّدَهَا- فَقَالَ: (تَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (اذْهَبْ فَقَدْ مُلِّكْتَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ) (متفق عليه)، فمن زهـَّد الناس في ذلك؛ فقد خالف الإجماع، ومِن ذلك نقل الصورة السيئة لبعض مَن حفِظ القرآن ولم يعمل به.
ثانيًا: التدبر الواجب هو التدبر الذي يتحقق به الإيمان الواجب اعتقادًا وعملاً، وسلوكًا وخُلُقًا، وليس مجرد وضع عنوان: "التدبر"، ثم يتكلم الجُهَّال -حتى الأطفال الذين لا يحسنون نطق أسمائهم- بأي كلام بالرأي، ودون رجوعٍ لتفسير أهل العلم، ويُقال إن هذا هو المقصود مِن الآية القرآنية: (لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ) (ص:29)، فإن هذا الجهل وضع لكلام الله في غير موضعه!
ثالثًا: الزعم بأن ما يتناوله هؤلاء هو طريقة النبي -صلى الله عليه وسلم- زعم كاذب وباطل؛ خاصة أنه يتضمن انحرافاتٍ عقدية: كإنزال آيات الكفار على المسلمين؛ مما يؤدي إلى التكفير للمسلمين في مآل الأمر!
رابعًا: كل مَن يتهم الأمة قرونًا طويلة بأنها ضيَّعت ما جاء به هو "سواء في هذا الباب، أو في باب أسماء الله الحسنى" - فهو ضال مغرور؛ قد زكَّى نفسه فوق علماء الأمة عبْر الزمان، بل كلامهم يشمل القرون الأولى؛ لأنه لم يُنقل عنهم مثل هذه المزاعم!
خامسًا: التشبيه للأطفال بالسبع والأسد والهرم رغم كتابة: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى:11)، يؤدي إلى أن يستقر في نفوسهم الصورة المشبه بها، وستكبر هذه العقيدة الفاسدة معهم! فلماذا لم يفعل السلف ذلك؟!
سادسًا: ابتعد عن هؤلاء المبتدعين، واقرأ في كتب التفسير على منهج أهل السُّنة، وبعد ذلك سوف يمكنك التدبر الصحيح "ضع القضبان قبْل أن تقود القطار".
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com