السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

تأملات في أنظمة الجسم البشري

تعظيم جوانب الخير وإهمال جوانب الشر يؤدي إلى ضمور الشر وانحصاره

تأملات في أنظمة الجسم البشري
طارق فهيم
الجمعة ٠٩ يونيو ٢٠١٧ - ٢٢:٤٦ م
862

تأملات في أنظمة الجسم البشري

كتبه/ طارق فهيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

"لا تصادموا نواميس الكون فإنها غلابة، واستخدموها وحولوا تيارها، واستعينوا ببعضها على بعض، وترقبوا ساعة النصر، وما هي منكم ببعيدٍ".

في ضوء هذه العبرة والحكمة الغالية، نتأمل في بعض هذه النواميس "القوانين الإلهية التي يسير عليها الكون الذي نعيش فيه"، والتي ترتبط بالجسم البشري، والتي يمكن أن نعممها في حياتنا الخاصة والعامة حتى نصل إلى نفس النتيجة التي تحدث عند تطبيق هذا القانون في الجسم البشري.

وهذا القانون هو: "الضمور والإهمال".

ومعناه: أن العضو الذي لا يُستعمل يضمر ويضمحل، ويصبح عديم الفائدة، وهذا الأمر نشاهده في حالات إصابات الأعصاب المركزية التي تؤثر على الأطراف، فبعد مدة من الإصابة وعدم استعمال الطرف المصاب، وعدم تحريكه تصاب العضلات بتليف ثم يقل حجمها، ثم تضمر تمامًا وتصبح غير قادرة على أداء وظيفتها وتصاب بالشلل المعروف عند عامة الناس.

وهذه الظاهرة أو القانون أو الناموس الذي خلقه الله في جسم الإنسان، نجد أن الله -سبحانه وتعالى- قد أبطل عمله في حادثة أصحاب الكهف حيث إن الله -عز وجل- جعل يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال؛ حتى لا يحدث ضمور للأجسام، ثم تتعرض للشلل التام؛ نتيجة عدم الحركة والإهمال في الاستعمال، قال -تعالى-: (وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا) (الكهف:18).

وهكذا كل عضو مِن أعضاء الجسم البشري إذا لم يستخدم في وظيفته التي خلقه الله لها، وأُهمِل؛ فإنه يضمر، ويصبح وكأنه غير موجود، وهكذا القانون مِن الممكن لنا أن نستعمله في حياتنا الخاصة والعامة، ونستفيد منه في تيسير كثير مِن الأمور الحياتية.

ومنها:

- إهمال الشائعات التي تُثار في المجتمع بيْن الحين والآخر: والتي يكون مصدرها: "سمعت أو قيل لي"، بدون استنادٍ إلى مصدرٍ معتبر شرعًا أو عقلاً أو حتى عرفًا.

فالاسترسال في نقل هذه الإشاعة يقويها ويعظم خطرها حتى تصير كالحقيقة التي لا يستطيع أحد تكذيبها بعد ذلك، مع أن التعامل معها وفق القاعدة السابقة، وهي: "الضمور بالإهمال" سوف يؤدي إلى ضمورها، ثم موتها، وموت تأثيرها بعد ذلك.

ومِن هذا الباب أيضًا: البدع المحدثة في الدين؛ فأميتوها بالإهمال -كما قال بعض العلماء-.

- إهمال بعض العيوب الخلقية أو الخلقية في الأزواج أو الأبناء، والتي لا تؤثر كثيرًا على الحياة الزوجية والأسرية، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ) (رواه مسلم).

فإهمال هذه العيوب وعدم الالتفات إليها يؤدي إلى ضمورها وكأنها غير موجودة "ولو حتى معنويًّا إن لم يكن ماديًّا"، وهذا يؤدي إلى حسن المعاشرة وهدوء الحياة الزوجية والأسرية، ودوام المحبة والألفة بين أفراد الأسرة.

- إهمال بعض العيوب الموجودة عند بعض الأصحاب والأصدقاء وتغليب الجانب الإيجابي على الجانب السلبي في هذه الشخصيات؛ فإنه لا يوجد شخص معصوم، وكل إنسان فيه جانب الخير وجانب الشر، فتعظيم جوانب الخير وإهمال جوانب الشر يؤدي إلى ضمور الشر وانحصاره، وبالتالي حسن الصحبة ونمو جانب المحبة.

هذه بعض الإشارات إلى إعمال هذه القاعدة في حياتنا، ويمكن لكل شخص أن يوظفها على حسب الحالة التي يمر بها.

نسأل الله أن يهدينا، ويوفقنا إلى سواء السبيل.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة