الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

وسطية الإسلام... ومَن يحددها؟

أصبح مفهوم \\\"الوَسَطِيّة\\\" يتناوله كلٌ حسب ما يريد هو ويظن، ومَن خالف ذلك فليس وسطيًّا!

وسطية الإسلام... ومَن يحددها؟
حسني المصري
الاثنين ١٢ يونيو ٢٠١٧ - ٠٧:١٢ ص
1180

وسطية الإسلام... ومَن يحددها؟

كتبه/ حسني المصري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فموجاتٌ عاتيةٌ تلك التي تحاول أن تضع الإسلام في قفص الاتهام، وكأن المقصود في نهاية المطاف أن يصبح الإسلام مرادفًا للإرهاب، فيخجل المسلم مِن إسلامه محاولاً أن يتخلص مِن كل مظهر مِن مظاهره، لينخرط في الأخير في أساليب حياة لا تَمُتّ للإسلام بصلة، وهنا قد يُقال عليه إنسانٌ مُتَحَضِّر!

وهنا بالتحديد تنتصر الحضارة الغربية على حضارة الإسلام... ولكن هيهات!

ومِن هنا كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن معنى "الوَسَطِيّة" في الإسلام، والمُشَار إليها في القرآن بقوله -تعالى-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) (البقرة:143)

وأصبح مفهوم "الوَسَطِيّة" يتناوله كلٌ حسب ما يريد هو ويظن، ومَن خالف ذلك فليس وسطيًّا!

فالمفكرون الإسلاميون -كما يُطلق عليهم- لهم مفهوم للوسطية يختلف عن مفهومها لدى فئةٍ كبيرة مِن علماء "الأزهر" الذين يرون أن "الوَسَطِيّة" ما يُمَثِّلها "الأزهر"، وغيره يبعد عن الوسطية بقدر بُعْدِه عن مناهجه، وشَذَّ فريقٌ مِن منتسبي "الأزهر" -بَهَرَتْهم أضواء الإعلام وكاميرات "التّلْفَزَة"، واختلاطهم بمجتمعات لم يعهدوها منذ نشأتهم الأولى- فتساهلوا أكثر في معنى "الوَسَطِيّة".

والإعلاميون أكثرُهم يرون "الوَسَطِيّة" بمفهومٍ مختلفٍ يكاد يُفَرِّغ الإسلام مِن مضمونه وأحكامه، وواجباته وحدوده، ويكفي لأن تكون وسطيًّا -عندهم- أن تكون مسلمًا "بتحب ربنا" بمفهومهم -وليس معنى الحب هنا العبادة-، "وبتحب الرسول" -ولا يعني بالضرورة اتّباع سُنَّتِه!-.

ولا يعني عند الكثيرين منهم -ومِن غيرهم- إلا نمط الحياة التي يعيشها، مِن تَبَرُّجِ النساء، واختلاط الرجال بالنساء، والسهر في الملاهي، والاختلاط في النوادي، ومُصَادَقَة الأولاد للبنات واصطحابهن إلى منزل الأسرة!

وأما الصلاة: فيوم الجمعة إن كان ولا بُدّ! وأما الصيام في رمضان: فعند بعضٍ منهم عبادة لا مفهوم لها، وقد يذهب في رحلة الحج بعد بلوغ السبعين، وليستْ مِن أولوياته! والذي يحافِظ على ذلك عندهم مُتَشَدِّد أو بالتخفيف متدينٌ جدًا.

وليس وسطيًّا -عندهم- مَن يحرص على الصلاة، أو يجتهد في طلب العلوم الشرعية، أو يسافر للعمرة والحج باستمرار، أو يحرص على الاعتكاف في رمضان، أو يأمر بناته وزوجته بالحجاب، أو مَن تُغَطِّي وجهها ويديها ولا تصافح الرجال؛ ولكن هؤلاء -بالنسبة لهم- إسلاميون مُتَشَدِّدون مُتَزَمِّتون، أو إرهابيون وَهَّابيون!

وبالجملة فإن مفهوم "الوَسَطِيّة" أصبح متأرجحًا بيْن كل فريق يراه كما يشاء هو، ويُخْرِجُ مِنه مَن خَالَفَه في ذلك.

والوَسَطِيّة الإسلامية ببساطةٍ شديدة -إن كنا نبحث عنها بصدق- هي: ما كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضوان الله عليهم أجمعين-، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تَرَكْتُ فيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتابَ اللهِ، وسُنَّتي) (رواه الحاكم، وصححه الألباني).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة