الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

رمضان ووحدة الصف

دعوة مِن الله -تعالى- إلى التوحد والاجتماع، ونبذ التفرق والاختلاف

رمضان ووحدة الصف
وائل رمضان
الجمعة ٢٣ يونيو ٢٠١٧ - ١٤:٣٩ م
975

رمضان ووحدة الصف

كتبه/ وائل رمضان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فها هي الليالي قد مرَّت، والأيام قد توالت، وها هو رمضان قد أوشك على الرحيل، تلك المدرسة المباركة التي جمعت المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على هدفٍ واحدٍ، وعبادةٍ عظيمة جليلةٍ، خصها الله -تبارك وتعالى- بالفضل العظيم.

تعلمنا في هذه المدرسة معاني الوحدة والائتلاف؛ وحدة القلوب والمشاعر، وحدة الهدف وسمو الغاية، فقد اتفق المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها على تعظيم الشهر المبارك، فاجتمعوا فيه على العبادة والطاعة كما أمرهم المولى -عز وجل-.

وبرغم هذه المعاني السامية ها نحن نخرج مِن رمضان، ولا زالت الأمة تعاني في بعض جنباتها الفرقة والشتات والاختلاف، ونجح الشيطان في التحريش بيْن أبنائها، وتذويب عناصر الوحدة بينهم، ولا شك أن هذا يخالف المقاصد العظيمة لهذا الشهر الكريم.

ففريضة الصوم نداء الله للمؤمنين عامة، كما قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183)، فنداء الله للمؤمنين تكريم لهم وتشريف، ودعوة لهم إلى وحدة صفهم، وتآلف قلوبهم؛ لعزتهم ورفعة مكانتهم، وفي ذلك مِن المساواة بينهم ما لا يخفى، فلا فرق بيْن غني وفقير، ولا بيْن أبيض وأسود.

- ومِن مظاهر الوحدة في رمضان: أن المسلمين في هذا الشهر يعبدون الله على نسقٍ واحدٍ، فالكل يمسك عن الطعام والشراب والجماع مِن أذان الفجر حتى غروب الشمس، والجميع يحرص على الالتزام في نهار رمضان بصيام الجوارح مِن لغو ورفث وصخب، ويتحرون الحلال في الفعل والقول.

- كذلك، فإن رمضان شهر التكافل الاجتماعي، وهذا واضح بيْن جميع الناس؛ فالكل كالجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعى له سائر المجتمع بالسهر والحمى، الكل يسارع لتقديم يد العون للفقير والمسكين واليتيم، وصاحب الحاجة، بلا مَنّ ولا أذى.

- ومِن مظاهر الوحدة في رمضان: صلاة القيام في جماعة، فقد اختص رمضان باجتماع المسلمين في كل ليلة منه؛ لأداء صلاة التراويح في جماعة، فهي دعوة إلى وحدة الأمة في عبوديتها لربها ووحدة صفها.

- كذلك فإن اعتكاف صفوة مِن المسلمين في المساجد تربية على وحدة الصف، فسُنة الاعتكاف اختصت بها العشر الأواخر مِن رمضان؛ تدريبًا لصفوةٍ مِن أبناء الأمة المسلمة على الرجولة والجندية والاتحاد في المظهر والجوهر؛ لتؤصِّل في المسلمين وحدة الصف، وهناك مظاهر أخرى للوحدة يطول المقام بذكرها، ولكنها لا تخفى على ذي لُبٍّ.

إن المجتمع المسلم الذي تمزّق كيانه، وتفرّق صفه، فأضحى ساحة لمطامع أعدائه، فاستولى العدو على بعض مقدساته، وأراق دماء أبنائه - لا بد لهذا المجتمع أن يستفيد مِن تلك المدرسة المباركة "مدرسة رمضان"، وأن يعلم أن الله وحده الذي وحَّدهم وجمع قلوبهم على هذه الطاعة العظيمة هو القادر على أن يؤلف بيْن قلوبهم، ويجمع شملهم، ويوحد فرقتهم، قال الله -تعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) (الأنفال:63).

 فالله الله أيها المسلمون... أن تكون هذه الوحدة في رمضان، ثم نجد هذا التفرق، وهذا التشرذم!

فهي دعوة مِن الله -تعالى- إلى التوحد والاجتماع، ونبذ التفرق والاختلاف.

أسأل الله العظيم أن يوحِّد صفوف المسلمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com