الثلاثاء، ٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

القابلية لتصديق الإشاعات علامة الخذلان!

القابلية لتلقي الإشاعات وترويجها له مفاسد كثيرة

القابلية لتصديق الإشاعات علامة الخذلان!
أسامة شحادة
الاثنين ١٠ يوليو ٢٠١٧ - ٠٧:١٤ ص
1211

القابلية لتصديق الإشاعات علامة الخذلان!

كتبه/ أسامة شحادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي تضاعفت القابلية لتصديق الإشاعات والأكاذيب، وترويج الأراجيف بيْن المسلمين، بما يضرّ بأمنهم ويفتّت صفّهم، ويشيع الخوف والوجل في صفوفهم، وجاءت الأزمة بيْن دول الخليج مع قطر لتكون نموذجًا مثاليًّا لذلك، حيث يمتلك الطرفان إمبراطوريات إعلامية لا تتورع عن الكذب وبثّ الإشاعات، بخلاف مئات الآلاف مِن المعرفات الوهمية (الذباب الإلكتروني) على وسائل التواصل، كما أن هناك دورًا ضخمًا لمخابرات الشيعة، واليهود، والغرب، وروسيا في ترويج الشائعات والأكاذيب؛ للوقيعة بيْن المسلمين، والدول والشعوب، والحركات الإسلامية.

وهذه الحقيقة ليستْ غائبة عن كثيرٍ مِن الناس، والنخبة والساسة، ولكن مع ذلك فهناك قابلية عالية لقبول الشائعات والأكاذيب مِن مختلف الفرقاء، ومختلف الشرائح؛ وسبب ذلك غَلَبَة العاطفة على المواقف والسياسات، لدى العامة والنخبة مِن مختلف التيارات، والعتب الأكبر أُحَمِّله للتيار الإسلامي بمختلف أطيافه، والذي يجب عليه تجنّب الشائعات والأكاذيب ترويجًا واختلاقًا؛ لأن الإسلاميين يُفترض فيهم أنهم أصحاب دين وخُلُق يرْدعهم عن الكذب، وينهاهم عن إشاعته.

وهذه القابلية لتصديق وترويج الإشاعات "والتي هي الأخبار التي لا يُعلم مَن أذاعَها" نتيجة طبيعية للرغبة في حصول ما نرغب به بغضّ النظر عن صوابه مِن خطئه؛ ولذلك يبدأ الكذب لمصلحة الدعوة -زعموا!- بمدح الطرف الذي نؤيده، وذمّ الطرف الذي نخالفه، ومَن لم يخترع الكذب يتقبله وينشره ويدافع عنه!

ومما يزيد في تقبل الإشاعات أن تتعلق بقضيةٍ مهمة، وأن تكون معلوماتها شحيحة وغامضة، ومِن هنا تتكون البيئة المناسبة لتضخم وانتشار الإشاعات.

والقابلية لتلقي الإشاعات وترويجها له مفاسد كثيرة، منها: خداع الذات، والعيش في الأوهام حتى تحل الكارثة ويصطدم الناس بالواقع والحقيقة المُرَّة؛ مما يزلزل القلوب ويفتت الصفوف؛ ولذلك كان الأمر الرباني في القرآن الكريم تجاه الإشاعات هو الفحص والتبيُّن ومراجعة الخبراء والنزول على رأيهم، قال الله -تعالى-: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى? أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (النساء:83)، لكن اليوم -مع الأسف- أصبح بعض الدعاة مخترعًا للإشاعات أو مُرَوِّجًا لها!

وهو الأمر الذي وصفه الله -عز وجل- فقال: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ) (النور:15).

وختامًا: أين نحن في تداول الرسائل على وسائط التواصل مِن قوله -صلى الله عليه وسلم-: (كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ) (رواه مسلم في مقدمة صحيحه)؟!

إن ابتعاد المسلمين عن تقوى الله -عز وجل- في الفتن بتلقي الإشاعات، وترويجها واختلاقها؛ هو مِن الخذلان المبين الذي لا يستحق أَهلُه نصرَ الله وتسديدَه.

نسأل الله العفو والعافية، التوفيق لما يحب ويرضى.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً