الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

تحديات وعقبات في طريق المنهج الإصلاحي (3)

ما زلنا في الحديث عن الفكرة المغلوطة عن المنهج الإصلاحي؛ بسبب تاريخ ومواقف بعض المنتسبين إلى الحركة الإسلامية المعاصِرة

تحديات وعقبات في طريق المنهج الإصلاحي (3)
محمد إبراهيم منصور
الخميس ٢٧ يوليو ٢٠١٧ - ١٤:١٩ م
1553

تحديات وعقبات في طريق المنهج الإصلاحي (3)

كتبه/ محمد إبراهيم منصور

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فما زلنا في الحديث عن الفكرة المغلوطة عن المنهج الإصلاحي؛ بسبب تاريخ ومواقف بعض المنتسبين إلى الحركة الإسلامية المعاصِرة.

6- بعد تولي "السادات" أخذ الجميع خطوة للخلف، فقد كان "السادات" حينئذٍ يحاول مواجهة الشيوعية؛ فترك الحركة الإسلامية تدعو وتنتشر، وتمارس صورًا مختلفة مِن العمل الإصلاحي لمدة 10 سنوات حدث فيها تغير إيجابي في المجتمع شهد به (جابر عصفور) -وزير الثقافة الأسبق- حين أراد أن يثبتَ -زورًا- أن الشعب المصري علماني بفطرته، ودلل على ذلك بأنه في عام 69 لم يكن هناك غطاء رأس في الجامعة، لكن حين جاء "السادات" وترك الحركة الإسلامية تعمل في الجامعات أحدثوا تغييرًا كبيرًا، حتى قالوا: إن الشعب المصري متدين بفطرته.

بل ويدل على هذا التغيير الإيجابي ما حدث مِن تعديلات دستورية في سنة 1980 مِن إضافة "ال" الألف واللام إلى "المادة الثانية"؛ استجابة للمطالب الشعبية، وحتى لو كان "السادات" قام بهذا التعديل ليحصل على تمديدٍ لفترة الرئاسة؛ إلا أن كونه يمررها مِن خلال التعديل الإيجابي للمادة الثانية يدل على أن الإرادة الشعبية كانت قوية وإيجابية لصالح المادة الثانية وتعديلها.

بل يدل على هذا أيضًا: تقرير اللجنة التشريعية بالبرلمان المتعلق بإضافة الألف واللام للمادة الثانية، إذ جاء في تقريرها عن مقاصد تعديل الدستور بالنسبة للعبارة الأخيرة مِن المادة الثانية بأنها "تلزم المشرع بالالتجاء إلى أحكام الشريعة الإسلامية للبحث عن بغيته فيها مع إلزامه بعدم الالتجاء إلى غيرها؛ فإذا لم يجد في الشريعة الإسلامية حكمًا صريحًا، فإن وسائل استنباط الأحكام مِن المصادر الاجتهادية في الشريعة الإسلامية تمكِّن المشرع مِن التوصل إلى الأحكام اللازمة، والتي لا تخالف الأصول والمبادئ العامة للشريعة".

وهذا يعني عدم جواز إصدار أي تشريع في المستقبل يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، كما يعني ضرورة إعادة النظر في القوانين القائمة قبْل العمل بدستور سنة 1971م، وتعديلها بما يجعلها متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.

واستطرد تقرير اللجنة إلى أن: "الانتقال مِن النظام القانوني القائم حاليًا في مصر -والذي يرجع إلى أكثر مِن مائة سنة- إلى النظام القانوني الإسلامي المتكامل يقتضي الأناة والتدقيق العملي حتى تجمع هذه القوانين متكاملة في إطار القرآن والسُّنة، وأحكام المجتهدين من الأئمة والعلماء".

بل وبالفعل تم الشروع في تشكيل لجنة لصياغة كل القوانين المصرية لتكون مطابقة للشريعة الإسلامية، ويدل على هذا أيضًا كلمات الأعضاء عند مناقشة التعديلات في الجلسة العامة إذ يقول أحدهم: "سنعود لدوائرنا وقد حققنا لناخبينا أمنياتهم"، مع التصفيق الحاد لمعظم الكلمات المتعلقة بهذا، والموافقة بالإجماع مِن الأعضاء توقيعًا بالاسم.

7- وفي هذا الوقت تجتمع جماعة الجهاد، والجماعة الإسلامية ليتفقوا على قتل "السادات".

8- قبْل أن نتجاوز مرحلة ما قبْل عام 80، نذكر أن الحركة الإسلامية بدأت في الجامعات في بداية السبعينيات تحت مسمى: "الجماعة الإسلامية الطلابية"، واستمر العمل في كل الجامعات على نسقٍ واحدٍ تحت هذا المسمى إلى أن استطاع الإخوان بعد الخروج مِن السجون إعادة تنظيم صفوفهم، واستقطبوا معظم قيادات الجماعة الإسلامية الشباب في الوجه البحري؛ إلا مجموعة صغيرة تسمت في ذلك الوقت بـ"المدرسة السلفية"؛ رفضت الانضواء تحت جماعة الإخوان، واستقلت الجماعة الإسلامية في الصعيد بنفسها، ونشأت فكرة جماعة الجهاد التي قررت مع الجماعة الإسلامية في عام 80 -كما أسلفنا- قتل "السادات"، وفكرة القتل تؤكِّد الأمور الثلاثة: "العداء - والصدام - والهدم" كشرط للبناء؛ بالإضافة إلى معنى آخر خطير، وهو أن الإصلاح إن لم يكن على أيديهم فلا يسمَّى إصلاحا؛ ولذلك أغفلوا كل ما تمَّ مِن تقدم نحو الإصلاح؛ لأنه لم يكن تحت سلطانهم هم!

بدأت المدرسة السلفية "الدعوة السلفية فيما بعد" في بيان معالم المنهج الإصلاحي، ومواجهة البدع والخرافات، والانحرافات الفكرية والسلوكية، وبيان مخاطر التكفير والصدام على البلاد والعباد، وأن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يكون مِن خلال العنف والدماء.

9- وبدأت حقبة "مبارك" بعد مقتل "السادات" بالقبض على معظم نشطاء الحركة الإسلامية، والتحفظ عليهم بالسجون، لكن هذا الأمر لم يدم طويلاً، ففي عام 83 فتحتْ معظم السجون، وترك الشباب يخرجون بدون قيدٍ أو شرطٍ؛ وكأنها رسالة بالرجوع خطوة للخلف، وبداية مرحلة جديدة كما فعل "السادات" في بداية عهده، لكن الهدوء لم يدم طويلاً؛ إذ بدا الصدام مرة أخري "ولمدة 10 سنوات" بيْن الجماعة الإسلامية والدولة قـُتِل فيها 1000 شخص، واعتقل 25000 آخرين، إلى أن جاءت المراجعات والتي استمرت أكثر مِن 10 سنوات أخرى.

ونستكمل في المقال القادم -بإذن الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com