الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

العيد... وفخ العولمة الاستهلاكية!

لقد تحولت مجتمعاتنا العربية والإسلامية لمجتمعات مسرفة ومبذرة ومستهلكة، وغير منتجة؛ مما يستنزف ميزانية الفرد والأسرة، والمجتمع والدولة

العيد... وفخ العولمة الاستهلاكية!
أسامة شحادة
السبت ٠٢ سبتمبر ٢٠١٧ - ١٣:١٦ م
965

العيد... وفخ العولمة الاستهلاكية!

كتبه/ أسامة شحادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فتقبَّل الله طاعتكم "أيها القراء الكرام" فقد أظلنا "عيد الأضحى المبارك"، والذي يتوِّج عبادة الحج وموسم العشر مِن ذي الحجة، كما أن "عيد الفطر المبارك" هو ختام فريضة الصيام؛ فالعيد في الإسلام هو فرحة بإنجاز عبادةٍ موسميةٍ عظيمة تقربًا لله -عز وجل-: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (يونس:58)، فكما أن الفرح الحقيقي هو بالهداية للإسلام والتوحيد، فالفرح الحقيقي والانبساط بالعيد هو لإتمام صيام شهر رمضان، وأداء حج بيت الله الحرام، والتنافس على الثواب في عشر ذي الحجة.

ولما كان الغالب على أهل الطاعة والاستقامة البعد عن معاصي الله -عز وجل- في العيد وغير العيد؛ لزِم استكمال الوعي بكمال الفرح بالعيد والانبساط، وإدخال السرور والتوسعة على الأهل والأبناء دون الوقوع في "فخ العولمة"، وزيف الحداثة عبْر ثقب الاستهلاك الأسود؛ إذ أن وكلاء إبليس في الأعياد الشرعية: "الأضحى، والفطر"، والأعياد المخترعة والمبتدعة، والتي قلَّدنا فيها أمم الوثنية والشرك والإلحاد - قد نجحوا في تحويل هذه الأعياد لمناسباتٍ ضخمةٍ مِن الإسراف والتبذير والاستهلاك؛ حتى جروا في ركابهم بعض أهل الخير والاستقامةّ!

فتجد الإسراف والتبذير بحجة الكرم والضيافة، بينما الله -عز وجل- يؤكِّد على المؤمنين: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف:31)، وقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) (الفرقان:67).

أو تجد التوسع في ملابس العيد ومستلزماته "ولو فوق الوسع والطاقة!"؛ وذلك بسبب ضغط البيئة والإعلام والإعلان، وهنا يختلط الأمر على بعض النساء بيْن الفرح بالعيد وبيْن مجاراة تيار العولمة والاستهلاك، والذي يقوم على خلق حاجاتٍ وهميةٍ، وتسويقها ولو على حساب المقدرة المالية للزوج أو للأسرة.

ومِن مظاهر فخ الاستهلاك: عدم الوعي عند شراء ألعاب الأطفال للعيد؛ فيرضخ الأب والأم لرغبة الطفل والطفلة بلعبة معينة نتيجة تسويق الإعلام والإعلان لها؛ وليس لأنها مناسبة لعمر الطفل أو الطفلة أو مفيدة له، أو تتوافق مع تربيته الأخلاقية والقيمية!

لقد تحولت مجتمعاتنا العربية والإسلامية لمجتمعات مسرفة ومبذرة ومستهلكة، وغير منتجة؛ مما يستنزف ميزانية الفرد والأسرة، والمجتمع والدولة؛ حيث يقوم الجميع بشراء سلعٍ كثيرةٍ غير ضرورية لنا، لكن شراءها في الحقيقة ضرورة ملحة لبقاء النظام الرأسمالي الذي هو بحاجة دائمة إلى أسواقٍ لتصريف إنتاجه، ومِن أجل ذلك فهو يخلق حاجاتٍ كاذبةٍ للناس، وهو بحاجة لفتح مزيدٍ مِن الأسواق وعبْر جميع قارات العالم أمام منتجاته وإلا هُدمت الرأسمالية، ولمزيدٍ مِن الربح فإنها بحاجة لموادٍ خام رخيصة حصلتْ عليها بالاحتلال والاستعمار قديمًا، وبالتحايل والخداع اليوم.

وتحت هذه النزعة الوثنية والشركية كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ) (رواه البخاري)؛ اضطرتْ مجتمعاتنا للوقوع في فخ الديون، حيث غالبية الدول العربية والإسلامية مدينة للخارج، بل وحتى الأفراد؛ فالبنك المركزي الأردني أعلن أن نسبة مديونية الأردنيين إلى دخلهم في العام 2016م، تبلغ تقريبًا 70 % مِن دخلهم، وتذهب للبنوك لسداد القروض!

وهذه الديون وطأتها شديدة على الدول والأفراد "إذ تتعاظم"؛ خاصة مع قروض الربا لحد الإفلاس، وعندها تنهار الدول، ويدخل الأفراد عالم السجن، والأُسر عالم التشرد!

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً