الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مَن ثبتَ نبتَ!

ثبات علمائنا على التوحيد والسُّنة والجماعة قد أنبت الخير الكثير الذي يستهدفه الأعداء مِن كل جهةٍ وحدبٍ وصوبٍ

مَن ثبتَ نبتَ!
أسامة شحادة
الاثنين ٠٩ أكتوبر ٢٠١٧ - ١٦:٣٦ م
991

مَن ثبتَ نبتَ!

كتبه/ أسامة شحادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فكثيرٌ مِن الشباب -بحمد الله- يفتخر ويعتز باتباعه للكتاب والسُّنة، واتباع سلف الأمة، ولكنه في الحقيقة يجهل حقيقة اتباع السلف، وأن القضية ليستْ شعارات وادعاءات، بقدر ما هي تطبيق والتزام، ولجم للهوى في موارد الفتن.

فقد كان "عبد الرحمن بن ملجم المرادي" مِن التابعين: قرأ القرآن الكريم على إمام العلماء معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، وقيل: إن عمر الفاروق أرسل عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، أن قرّب دار عبد الرحمن بن ملجم مِن المسجد ليعلِّم الناس القرآن والفقه!

لكن هذا لم ينفعه حين لاحت الفتنة؛ لجهله واتباعه هواه، حيث أصبح مِن شيعة علي -رضي الله عنه- ثم انقلب على علي -رضي الله عنه-، وأصبح مِن الخوارج مِن أجل افتتانه بامرأة خارجية، فتنه جمالها وشبهاتها، واشترطت عليه قتل عليّ -رضي الله عنه- فقتله، وأصبح مِن أشقى الناس بنصّ حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، بينما عظّمه الخوارج!

فسؤال الله -عز وجل- الهداية والثبات، ولزوم نهج السلف بالحق والحقيقة يكون بالعلم بمنهجهم والتزامه، والثبات عليه؛ أما رفع رايات منهج السلف والتغني بها ثم إذا جاءت الفتن والأحداث والتحديات تجاوزنا أصول منهج السلف: القائمة على التزام أمر الكتاب والسُّنة، بالتأني والتثبت والرد إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأولي الأمر مِن العلماء والأمراء حتى تستبين الأمور ويتضح السبيل - فهذا مِن أعظم الخلل، قال الله -تعالى-: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) (النساء:83).

وما نراه اليوم مِن تبرم كثير مِن الشباب والناس بمواقف العلماء في القضايا الكبرى، واتهامهم بالجبن والخوف، وإضاعة الأمانة، وتفريطهم بواجب الجهاد ونصرة الضعفاء والمظلومين؛ كثير مِن هذا التبرم والتسخط والطعن والعدوان هو انسلاخ عن منهج السلف انسلاخًا كاملًا أو جزئيًّا، قصدوا ذلك أم لم يقصدوه!

والعجيب أن ما يعدّونه تفريطًا والتزامًا لذيل بغلة السلطان مِن مواقف العلماء يصبح توفيقًا وفتحًا، وحسن سياسة وكياسة إذا وقع مِن قادة جماعات وأحزاب يناصرونها ويؤيدونها لأنها إسلامية، كما في مواقف حركة "حماس" الأخيرة؛ تفتح حنفيات التبرير في وسائل التواصل الاجتماعي بأن قادتها فعلوا ذلك مضطرين لقلة الخيارات!

والأعجب: أن هؤلاء القادة للجماعات الإسلامية يبدأون بكيل المديح للقادة والحكام، برغم أنهم أنفسهم وأتباعهم ملأوا الدنيا شتمًا للعلماء وخوَّنوهم لجبنهم عن شتم هؤلاء القادة والحكام، والاعتراض على سياساتهم!

وطبعًا هم يفعلون ذلك بعد سنين تقل أو تقصر، لكن تسيل فيها دماء معصومة مِن الطرفين، وتُنتهك فيها حرمات مصونة، وتتبدد فيها طاقات وأموال مهولة، وتتقهقر الدعوة وتضيق على الناس حياتهم.

ولكن هذه الاستفاقة تكون بعد أن تقع الفأس في الرأس، ولا ينفع الندم، وهذا هو الفرق بيْن العلماء ومنهج السلف، وبيْن الأغمار المتهورين والشباب المندفع، وستبقى هذه الدوامة تلطم كل متسرع لم ينضجه العلم ومنهج السلف!

وكان مِن دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ) (رواه أحمد والنسائي، وقال الألباني: صحيح لغيره)، ولما فقه السلف أهمية الثبات على الحق والمنهج، والخير العظيم الذي ينتج عن ذلك؛ اختصروا خبرتهم بحكمةٍ غالية: "مَن ثبتَ نبتَ!".

وتأمل كيف تتهدم مِن حولك مشاريع كثير مِن الدول والمؤسسات والجماعات بسبب عدم الثبات! بينما ثبات علمائنا على التوحيد والسُّنة والجماعة قد أنبت الخير الكثير الذي يستهدفه الأعداء مِن كل جهةٍ وحدبٍ وصوبٍ!

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً