الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (4)

والموفـَّق هو مَن أمر بالمعروف بمعروفٍ وعلمٍ، ونهَى عن المنكر بحكمةٍ وفهم

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (4)
أسامة شحادة
الثلاثاء ٢٣ يناير ٢٠١٨ - ١٥:٤٣ م
1709

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (4)

كتبه/ أسامة شحادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

قال العلامة السعدي -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: "هذا أمرٌ منه -تعالى- للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبّت أقدامهم، أي: يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات، ويصبّر أجسامهم على ذلك، ويعينهم على أعدائهم، فهذا وعدٌ مِن كريمٍ صادق الوعد، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر، مِن الثبات وغيره" (انتهى).

فكيف يكون نصر الله -عز وجل- اليوم؟!

4- (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ):

فضْل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معلوم لا يحتاج أن نعيد التذكير به، وأهميته تنبع مِن كونه سببًا لحياة الأمة وخيريتها مِن خلال التصويب الذاتي الدائم، ومِن الجميع في حالة الخطأ، وتذكير دائم بالخير والمعروف والبر، وتجويد الأعمال والفضائل؛ مما جعل الأمة المسلمة أمة حية برغم الأزمات والتحديات، وحالات الضعف والشدة، وهذا الملمح هو محور كتاب المستشرق البريطاني مايكل كوك "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفكر الإسلامي"، وهو كتاب جيد في بابه مع ملاحظاتٍ عليه تجدها في عرض موقع "الدرر السنية" له.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا قام على علمٍ وفهمٍ، وحكمة وقوة عاقلة؛ فهو سبب عمران الدول والمجتمعات، وحصانة لها مِن الفساد والظلم والجور، ومَن تأمل تاريخ الإسلام؛ وجد سيرة دائمة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مِن أهل العلم والفضل تحقق لها الأثر الإيجابي والخير للأمة.

ومِن هنا، فإن فهم ومعرفة حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنه مفهوم واسع يشمل كل الأمة، وأنه يشمل كل جوانب الحياة، هو السبيل لتفاعل الجميع إيجابيًّا بما يحقق المصلحة العامة، ولكن شرط هذا كله أن يكون بعلمٍ صحيح بالمعروف والمنكر، وحكمةٍ صائبة في تقدير المصالح والمفاسد.

فكم تسبب مدّعو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجهلٍ وحمقٍ بمنكراتٍ عظيمة تفُوق ما زعموه مِن إنكار المنكرات، ولعل أعظم الأمثلة على ذلك هو قتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، بدعوى إنكار المنكر والأمر بالمعروف، فقتلوا رجلًا مبشَّرًا بالجنة!

واليوم نرى بعض الشباب المتحمس على جهلٍ وغفلة يصرخ عاليًا بشعارات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيتسرب بينهم نسل عبد الله بن سبأ اليهودي، ويسوقونهم للتكفير والتفجير، وهدم الأمة وضرب المجاهدين، وقتل الأبرياء باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي جرائم "داعش" نموذج صارخ على ذلك، وخاصة "داعش" غزة وسيناء.

ويقابل هؤلاء الشباب الجهلة الحمقى عمائم وكرفتات، وظيفتها الأمر بالمنكرات والنهي عن المعروف؛ إرضاءً لأهواء الظالمين والمجرمين، والكفار الساعين عبثًا لإطفاء نور الله -عز وجل-!

والموفـَّق هو مَن أمر بالمعروف بمعروفٍ وعلمٍ، ونهَى عن المنكر بحكمةٍ وفهم؛ فأحسن لنفسه ومجتمعه، ودينه وربّه.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً