الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

رمضان شهر التغيير

فأمامنا فرصة ذهبية لتطهير قلوبنا، وإصلاح عيوبنا، وتغيير نفوسنا إلى ما يحبه الله ويرضاه

رمضان شهر التغيير
محمد سرحان
السبت ١٢ مايو ٢٠١٨ - ١٩:٥٧ م
711

رمضان شهر التغيير

كتبه/ محمد سرحان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد .

فليس شهر رمضان شهر طاعة وعبادة فحسب، بل هو شهر التغيير أيضًا، وتزكية النفس – وكذا التقوى، التي هي الغاية من الصيام -: إنما هي تخلية وتحلية، تخلية من الرذائل وتحلية بالفضائل .

فلابد للإنسان أن يفتش في نفسه ويحاسب نفسه حساب الشريك الشحيح لشريكه، فيكتشف ما فيها من الخير، ليداوم عليه ويزيده، ويعرف ما بها من العيوب والذنوب والأخطاء، فيتدارك ذلك بالإصلاح والتغيير، قال تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18] .

فذنب صغير وعيب حقير في نظر صاحبه قد يكون أخطر ما يكون على إيمانه، وإليك ثلاثة نماذج لذلك :

الأول : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ: " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَدْخُلُهَا ". [متفق عليه] .

فقيل في سبب أنه يعمل بعمل أهل الجنة ثم يعمل بعمل أهل النار: أنه كان في نفسه ذنب تجذَّر وكبر حتى غلب عليه في آخر حياته فعمل بعمل أهل النار .

الثاني : عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ :« لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا »، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ :« أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ». [رواه ابن ماجه، وصححه الألباني ] .

"إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا " ضاع أمامها " حَسَنَات أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا ".

الثالث : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ؟ »، قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ، وَلَا مَتَاعَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ، وَقَدْ شَتَمَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيَقْعُدُ، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ مَا عَلَيْهِ أَخَذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ». [رواه أحمد والترمذي وابن حبان، وصححه الألباني] .

فاحذر أن تعمل وتتعب ويأخذ الأجر غيرك .

فأمامنا فرصة ذهبية لتطهير قلوبنا، وإصلاح عيوبنا، وتغيير نفوسنا إلى ما يحبه الله ويرضاه .

فاللهم بلغنا رمضان، ووفقنا للعمل فيه بما تحب وترضى .

وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك وخليلك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً