الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

عِبَرٌ من التاريخ... (حتى نرى الهلال)

الداعية الكبير الهمة يفاصل الباطل مفاصلة حاسمة، ويرفض الالتقاء به في منتصف الطريق

عِبَرٌ من التاريخ... (حتى نرى الهلال)
رجب صابر
الثلاثاء ٢٢ مايو ٢٠١٨ - ١٠:٣١ ص
980

عِبَرٌ من التاريخ... (حتى نرى الهلال)

كتبه/ رجب صابر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ 

فقد حفظ لنا التاريخ مواقف العلماء في حفاظهم على الأوامر الشرعية حتى لو تعرضوا لأذى أو قتلٍ.

ومِن هؤلاء: أبو عبد الله محمد بن إسحاق الحُبُلي قاضي مدينة برقة، وترجمته وخبره في (رياض النفوس في طبقات علماء القيروان 2/ 404 - 405)، و(معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان 3/ 49)، و(سير أعلام النبلاء 15/ 374).

كان -رحمه الله- عالمًا فقيهًا صالحًا فاضلًا، حسن الأخلاق سمحًا، أبى الإفطار بالحساب على مذهب العبيديين الرافضة؛ فقد أتاه أمير برقة المعروف بابن كافي، فقال: "غدًا العيد.  قال: حتى نرى الهلال، ولا أفطِّر الناس، وأتقلد إثمهم. فقال: بهذا جاء كتاب المنصور!"، وكان هذا من رأي العبيدية يفطرون بالحساب، ولا يعتبرون رؤية.

فلم يُر هلالٌ، فأصبح الأمير بالطبول والبنود وهيئة العيد.

فقال القاضي: "لا والله، لا أخرج، ولا أصلي ولا أخطب، ولا أفطر في يومٍ مِن أيام رمضان ولو علقت بيدي؛ فأمر الأمير رجلًا صلى وخطب، وكتب بما جرى إلى المنصور إسماعيل، فطلب القاضي إليه، فأُحضِر إلى القيروان.

فقال له: إما أن تتصل بنا ونعفو عنك أو أن نفعل بك ما قلتَ. فامتنع مِن الدخول في دعوته، وقال: افعل ما شئت، فأمر، فعلق بيده في الشمس إلى أن مات، وكان يستغيث العطش، فلم يُسْقَ خوفًا مِن عامل البلد. فلما مات أخذوه وصلبوه، وذلك سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، رحمه الله ورضي عنه".

فانظر في هذا الخبر وما فيه مِن عِبَر؛ ففيه الحرص على الأمر الشرعي: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) (متفق عليه)، وتأمل في هذه الدولة العبيدية التي أنشأها الرافضة، والتي يسمونها: (الفاطمية) وكيف كان مِن شرورها أن قتلت كثيرًا مِن علماء السُّنة في المغرب العربي وغيره.

وإذا كانت امرأة دخلت النار في هرة حبستها حتى ماتت كما ثبت في الحديث، فكيف بمَن يحرم أولياء الله الصالحين القانتين العابدين مِن الماء ويحبسهم حتى يموتوا صبرًا؟!

واعلم أن الداعية الكبير الهمة يفاصل الباطل مفاصلة حاسمة، ويرفض الالتقاء به في منتصف الطريق، إنه على بصيرةٍ مِن دينه، واثق مِن منهجه، موقن برسالته، ولو خالفه أهل الأرض قاطبة، وانظر علو همة السلف ومخاطرتهم بأنفسهم في نصرة الدين في كتاب "علو الهمة" للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم -حفظه الله-.

وكم في التاريخ من عَبَرٍ... ! فاعتبروا يا أولي الأبصار.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة