الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

رجل مِن أهل الجنة!

هل انعقدت القلوب للاستعداد، واشتاقت الأنفس لنفحات الشهر الفضيل؟!

رجل مِن أهل الجنة!
أحمد الفولي
الثلاثاء ٠٥ يونيو ٢٠١٨ - ١٣:١٢ م
866

رجل مِن أهل الجنة!

كتبه/ أحمد الفولي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فما أجمله مِن شوقٍ، هذا الذي تملّك قلوب الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-، عندما يحدثهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الجنة، فتتمزق قلوبهم شوقًا إليها! عن أنس -رضي الله عنه- قال: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ، قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى، إلخ، فسأله عبد الله بن عمرو بن العاص بعد ما استقل عبادته، فقال: "مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ". فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: "هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ!" (رواه أحمد، وصححه الألباني). وفي بعض الروايات أن هذا الأنصاري هو سعد بن ملك.

ما أجمل طهارة القلب، وإزالة الأمراض العالقة له! لا سيما مع حلول الشهر الكريم؛ هذه الطهارة التي جعلت سعد بن مالك -رضي الله عنه- مِن أهل الجنة وهو في الدنيا، فشهد له رسول الله بذلك 3 مرات أمام الصحابة الكرام.

وعند الحديث عن سعد؛ فلابد وأن نستحضر أن الأمة لا تحيا إلا إذا كان فيها الكبار وأصحاب العبادة، أرباب الليل، أصحاب الذكر، أصحاب القلوب الطاهرة النقية، فقد كان السلف -رضي الله عنهم- إذا مات الرجل الصالح، يقولون: "لقد استوى الناس، أصبحوا همجًا، ليس لهم أكابر!".

عبد الله بن عمرو بن العاص يزور سعدًا في بيته، ويمكث 3 ليال متابعًا إياه، ليتبادر للذهن سؤال، ما الذي يجعل عبد الله يضيع 3 ليال مِن عمره ليراقب فيها سعدًا -رضي الله عنه-؟!

إنه الشوق يا سادة، الذي امتلأ به قلب عبد الله ابن عمرو، فترك الدنيا بأسرها، ليبيت عند سعد 3 ليال يراقبه فيها؛ ليعلم كيف وصل إلى هذه المنزلة المباركة التي امتدحها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-!

ولم يكن سعد هو الرجل الأول مِن الصحابة الذي بشَّره رسول الله بالجنة، فمِن الصحابة مَن رأى مكانه مِن الجنة وهو في الدنيا، ومنهم مَن بُشر بالجنة وهو في الدنيا، بل منهم مَن اشتاقت الجنة إليه، قال -عليه الصلاة والسلام-: (إِنَّ الْجَنَّةَ لَتَشْتَاقُ إِلَى ثَلَاثَةٍ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَسَلْمَانَ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).

وها نحن نذكِّر أنفسنا وإخواننا بقدوم الشهر الكريم الذي تفتح فيها أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران؛ فهل انعقدت القلوب للاستعداد، واشتاقت الأنفس لنفحات الشهر الفضيل؟!

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة